مَركَز الدَّراسَاتِ التَّخَصُّصِّيَّة فِي الإِمَامِ المَهدِيّ عَجَّلَ الله تعالَي فَرَجَهُ الشَّريف

النجف الأشرف _ شارع السور _ قرب جبل الحويش

هاتف: 0781677226 و07812141111

www.m-mahdi.com

info@m-mahdi.com

***

الأساليب الإنشائية في التوقيعات المهدوية

(دراسة نحوية / رسالة ماجستير)

تأليف: الشيخ بدر حسين علي المحمّداوي

تقديم: مَركَز الدَّراسَاتِ التَّخَصُّصِّيَّة فِي الإِمَامِ المَهدِيّ عَجَّلَ الله تعالَي فَرَجَهُ الشَّريف

الطبعة الاولي : 1436 ه

رقم الإصدار :171

العداد: 1000 نسخة

جميع الحقوق محوظة للمركز

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

من جميع الاختصاصات _ وخصوصاً المتقدّمين ببحوث تخرّج للماجستير والدكتوراه_ إلي الثراء العلمي المختلف في طوايا القضيّة المهدوية.

ممَّا يعني أنَّنا نوصيهم بالبحث عن عناوين لبحوثهم من خلال ما يتعلَّق بالقضيّة المهدوية.

وبين أيدينا رسالة تخرّج لأحد الإخوة من طلبة الماجستير ممَّن التفتوا إلي هذه الشمولية في هذه القضيّة فاعتمد التوقيعات الشريفة منبعاً لبحثه اللغوي، وقد أجاد في تدقيقه وبحثه، فجزاه الله خيراً وجعله في ميزان حسناته.

والمركز إذ أخذ علي عاتقه طبع ونشر هذه الرسالة، فإنَّه يدعو جميع الإخوة الباحثين أن يسيروا في مجال البحث المهدوي ضمن اختصاصاتهم ليحظوا بالقبول والرضا من مولاهم المنتظر (عليه السلام)، وليغنوا المكتبة المهدوية ببحوث مستحدثة وليحوزوا قصب السبق في عناوين لم تُبحَث من قبل.

والمركز إذ يدعو لسلوك هذا الطريق يتكفَّل برفد وإغناء الباحثين بالمعلومات التي يحتاجونها في بحوثهم وبتحقيق وطبع ونشر ما يكتبون بعد عرضه علي اللّجان العلمية.

مدير المركز

السيّد محمّد القبانچي

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ).

(القصص: 5)

ص: 5

ص: 6

ثمّ لا يفوتني في آخر المطاف أن أشكر الإخوة الذين ساهموا بجهود مختلفة معي في إعداد هذه الرسالة أساتذة كانوا أم زملاء وأصدقاء، وأخصّ بالذكر منهم سماحة السيّد الأُستاذ أحمد الإشكوري، والأُستاذ قادر حسين، والشيخ عبّاس السرّاج، والشيخ قاسم الأسدي، والشيخ حميد الوائلي.

الشيخ

بدر حسين علي المحمّداوي

ص: 8

ص: 10

بسم الله الرحمن الرحيم

الأشرف، وقع اختياري علي ما صدر من توقيعات الإمام المهدي (عليه السلام) الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل بيت العصمة، وقد تضمَّن كلامه المعاني الإسلاميّة السامية التي جاء بها القرآن الكريم من عقائد ومكارم أخلاق وإرشاد وأدعية وبعض أحكام وغيرها، لأنَّهم عِدْل القرآن، إذ ورد عن الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله): «إنّي مخلَّف فيكم الثقلين ما إن تمسَّكتم بهما لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتَّي يردا عليَّ الحوض»((1))، وتلك المعاني قد صيغت بأساليب نحوية جاءت علي سنن العرب في توقيعاته (عليه السلام)، لذا وسمت البحث ب- (الأساليب الإنشائية في التوقيعات المهدوية / دراسة نحوية).

وبعد التوكّل علي الله تعالي شرعت أجمع النصوص الخاصّة بالبحث، فكان هنالك كتاب ضمن سلسلة كتب تكفَّلت بجمع النصوص والأحاديث الواردة بحقّ الإمام المهدي (عليه السلام)، استغرق العمل بجمعها حوالي أربع سنوات ومن قِبَل أربعين شخصاً، فدوَّنوا أكثر من ألفي حديث، منها (560) حديثاً عن الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله)، والأُخر عن طريق الأئمّة الأحد عشر (عليهم السلام)، ووضعوا في الجزء السادس ما صدر عن الإمام المهدي (عليه السلام) عن طريق التوقيعات والمكاتبات، وقد خرَّجوا تلك الأحاديث والتوقيعات من أُمّهات المصادر الحديثية القديمة، وكان أهمّها: كتاب الكافي للشيخ الكليني (ت 329ه-)، والغيبة لمحمّد بن إبراهيم النعماني (ت 360ه-)، و كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق (ت 381ه-)، والإرشاد للشيخ

ص: 12

المفيد (ت 413ه-)، والفصول المختار ة للسيّد الشريف المرتضي (ت 438ه-)، والغيبة للشيخ الطوسي (ت 460ه-)، وإعلام الوري بأعلام الهدي للفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548ه-)، والخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي (ت 573ه-)، والاحتجاج لأحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي من علماء القرن السادس، وفلاح السائل لابن طاووس (ت 664ه-)، و كشف الغمَّة للإربلي (ت 693ه-)، وبحار الأنوار للعلَّامة المجلسي (ت 1111ه-)، وغيرها كثير، وتألَّفت لجنة للتحقيق بالروايات متكوّنة من مجموعة فضلاء وبرعاية وبإشراف الشيخ علي الكوراني فجاء بثمانية أجزاء باسم (معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام)) وبحثنا ارتكز علي الجزء السادس منه الذي تناول التوقيعات المهدوية.

واتَّبعت في دراسة الأساليب الإنشائية منهجاً لا يقتصر علي بيان الأداة التي ورد بها الأُسلوب، ولا بيان المعني الذي دلَّ عليه، وإنَّما يشمل منهج السياق الذي ضمَّ الأُسلوب الذي أدرسه، إذ وظَّفت الظواهر النحوية التي تخدم دلالاتها المعني الذي أراده (عليه السلام).

وقد سار البحث علي وفق خطَّةٍ اشتملت علي مقدّمة، وتمهيد، وأربعة فصول، وخاتمة، وذلك علي النحو الآتي:

التمهيد: وقد اقت ضي أن أجعله في مبحثين:

المبحث الأوَّل: عرَّفت فيه الخبر والإنشاء لغةً واصطلاحاً، وأبنت الفرق بينهما وأشرت إلي وقوع أحدهما موقع الآخر لدلالات بلاغية، ثمّ ذكرت قسمي الإنشاء، وهما: الإنشاء الطلبي والإنشاء غير الطلبي وتعريفهما وبيان أنواعهما.

ص: 13

المبحث الثاني: عرَّفت فيه التوقيعات لغةً واصطلاحاً وتاريخها ونبذة بسيطة عن حياة الإمام المهدي (عليه السلام) وسفرائه الأربعة.

وقد اقتضي البحث أن أجعله في أربعة فصول، وهي:

الفصل الأوَّل: أُسلوب الاستفهام.

الفصل الثاني: أُسلوب الأمر والنهي والدعاء.

الفصل الثالث: أُسلوب النداء.

الفصل الرابع: الأساليب الإنشائية غير الطلبية.

وقد اعتمدت في دراسة الفصول علي كتب الكلام المختلفة والمتنوّعة والمتعدّدة، وكان أمراً طبيعياً أن يعتمد هذا البحث علي أُمّهات كتب النحو في دراسة كلّ أُسلوب في سبيل الإحاطة بموقف النحاة، ويأتي في مقدّمة هذه المصادر كتاب سيبويه (ت 180ه-) لأنَّه كتاب النحو حيث لم يغادر صغيرة من قضايا النحو ولا كبيرة إلَّا أحصاها، وكذلك (المقتضب) للمبرّد (ت 285ه-)، و(الأُصول في النحو) لابن السرّاج (ت 316ه-)، و(المسائل الشيرازيات) و(المسائل الحلبيات) و(المسائل المنثورة) لأبي علي الفارسي (ت 377ه-)، و(توجيه اللمع) لابن الخبّاز (ت 637ه-)، و(شرح المفصَّل) لابن يعيش (ت 643ه-)، وكان لشرح الرضي الأسترآبادي (ت 686ه-) علي الكافية الأثر المتميّز في هذا البحث، لأنَّه كان متميّزاً بين النحاة في تحليل مسائل النحو واتّخاذ المواقف منها.

واحتلَّت مصادر النحو التي اختصَّت بأدوات المعاني مكانة خاصّة في هذه الدراسة، ومنها كتاب (اللامات) للزجّاجي (ت 311ه-)، و(معاني الحروف) للرمّاني (ت 384ه-)، و(رصف المباني في شرح حروف المعاني) للمالقي (ت 703ه-)، و(الجني الداني في شرح

ص: 14

حروف المعاني) للمرادي، و(مغني اللبيب عن كتب الأعاريب) لابن هشام الأنصاري (ت 761ه-).

وأمَّا المراجع الحديثة فقد اعتمدت علي كتب الأُستاذ الدكتور مهدي المخزومي في النحو العربي (نقد وتوجيه) و(دراسة وتطبيق)، والأساليب الإنشائية في النحو العربي لعبد السلام محمّد هارون، وأساليب الطلب عند النحويين والبلاغيين للدكتور قيس إسماعيل الأوسي، ومعاني النحو للدكتور فاضل السامرائي.

ومن كتب الإعراب والمعاني: (معاني القرآن) للأخفش (ت 215ه-)، و(معاني القرآن) للفرّاء (ت 207ه-)، و(كشف المشكلات وإيضاح المعضلات) للباقولي (ت 543ه-).

ومن كتب التفسير: تفسير السمرقندي (ت 383ه-)، وتفسير الشريف المرتضي (ت 438ه-) المسمّي ب- (نفائس التأويل)، والتبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي (ت 460ه-)، وتفسير الكشّاف للزمخشري (ت 538ه-)، والبحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (ت 745ه-)، وروح المعاني للآلوسي (ت 1270ه-).

ومن كتب البلاغة: أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجراني (ت 471ه-)، ومفتاح العلوم للسكّاكي (ت 626ه-)، والإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني (ت 739ه-)، وعروس الأفراح للسبكي (ت 773ه-).

ومن كتب المعاجم: كتاب العين للخليل الفراهيدي (ت175ه-)، ومعجم مقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس(ت 395ه-)، ولسان العرب لابن منظور (ت 711ه-).

ص: 15

وكان لهذا التنوّع بالمصادر أثره في إمداد البحث بمادَّته العلمية.

الخاتمة: ضمَّنتها ما توصَّلت إليه من نتائج، تليها قائمة بأسماء روافد البحث.

وفي الختام أقول: إنَّ ما قدَّمته قربةً لوجه الله تعالي.

«اللّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ، وَالغُرَّةَ الحَمِيدَةَ، وَاكْحُلْ ناظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُ، وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ، وَأَوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ، وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ، وَاعْمُرِ اللّهُمَّ بِهِ بِلادَكَ، وَأَحْيِ بِه عِبادَكَ...»((1)).

* * *

ص: 16

ص: 18

ولأجل ذلك لا بدَّ من بيان كلّ منهما:

أحمد أمين الشيرازي انحصار الخبر في الصدق والكذب وأثبت الواسطة بينهما: (وزعم أنَّ صدق الخبر مطابقته للواقع مع الاعتقاد بأنَّه مطابق، وكذب الخبر عدمها مع اعتقاد أنَّه غير مطابق، وغير هذين ليس صدقاً ولا كذباً وهي المطابقة للواقع مع اعتقاد عدم المطابقة، والمطابقة للواقع بدون الاعتقاد أصلاً، وعدم المطابقه للواقع مع اعتقاد المطابقة، وعدم المطابقه للواقع بدون الاعتقاد أصلاً)((1)).

والصحيح أنَّ احتمال الصدق والكذب يُنظَر فيه إلي الجملة الخبرية نفسها، فقد جاء في الكافي في علوم البلاغة العربية: (في تمييزنا (الخبر) بأنَّه قول يحتمل الصدق والكذب لا بدَّ من الانتباه إلي أنَّ هذا الاحتمال يُنظَر فيه إلي (الجملة الخبرية نفسها)، بصرف النظر عمَّن قالها وعن الواقع، ولذا يضع البلاغيون قيد (لذاته) عند تعريف الخبر)((2))، لأنَّ أخبار اللهِ تعالي وأخبار رسله والبديهيات صادقة قطعاً، وأخبار المتنبّئين في دعوي النبوَّة كاذبة قطعاً.

أمَّا المناطقة فقد أكَّدوا علي إضافة كلمة (لذاته) للتعريف حتَّي يكون دقيقاً، وقالوا: لهذا القيد فائدة، فإنَّه قد يوهم غافل فيظنّ أنَّ التعريف الأوَّل للخبر يشمل بعض الإنشاءات فلا يكون مانعاً، ويخرج هذا البعض من تعريف الإنشاء فلا يكون جامعاً، وسبب هذا الظنّ أنَّ بعض الإنشاءات قد توصف بالصدق والكذب كما لو استفهم شخص عن شيء يعلمه أو سأل الغني سؤال الفقير أو تمنّي إنسان شيئاً هو واجد له، فإنَّ هولاء نرميهم بالكذب وفي عين الوقت نقول للمستفهم الجاهل

ص: 21

والسائل الفقير والمتمنّي الفاقد البائس إنَّهم صادقون...، ومن المعلوم أنَّ الاستفهام والطلب بالسؤال والتمنّي من أقسام الإنشاء. ولكن إذا دقَّقنا هذه الأمثلة وأشباهها يرتفع هذا الظنّ، فهذه الإنشاءات تدلُّ بالدلالة الالتزامية علي الإخبار عن الجهل والحاجة واليأس، فيكون الخبر المدلول عليه بالالتزام هو الموصوف بالصدق والكذب لا ذات الإنشاء)((1)).

إذن فالإنشاء في اللغة بمعني الإبتداء، والابتداع، والخَلْق.

الإنشاء اصطلاحاً: هو الكلام الذي: (لا يقال فيه: صدقتَ ولا كذبتَ)((1))، ولا يدلُّ علي أمر حاصل في الخارج((2))، لذا هو (ما لا يحصلُ مضمونه، ولا يتحقَّق إلَّا إذا تلفَّظتَ به، فطلب الفعل في (افعل)، وطلب الكفّ في (لا تفعل)، وطلب المحبوب في (التمنّي)، وطلب الفهم في (الاستفهام)، وطلب الإقبال في (النداء)، كلّ ذلك ما حصل إلَّا بالصيغ نفسها المتلفَّظ بها)((3)).

نستنتج من ذلك أنَّ الإنشاءَ بالمعني الاصطلاحي مقاربٌ له بالمعني اللغوي، لأنَّه في الاصطلاح إنشاءُ الناظمِ للكلامِ أو خلقِهِ في نفسه أو نفس مخاطبه، من غير أن يكون للكلام واقع خارج يطابقه فيوصف بالصدق، أو لا يطابقه فيوصف بالكذب، وهو في اللغة بمعني الإبتداء والابتداع والخلق. وبعد الذي بيَّناهُ من معني كلٍّ من الخبر والإنشاء إلَّا أنَّ كلَّاً منهما قد يقع موقع الآخر لدلالات بلاغية، نحو قوله تعالي: (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة: 233]، فاللفظ خبر والمعني إنشاء (أمر)، أي ليرضعنَ أولادهنَّ. ونحو قوله تعالي: (هَلْ أَتي عَلَي الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) [الإنسان: 1]، فاللفظ إنشاء (استفهام) والمعني خبر، أي: قد أتي((4)).

ص: 23

ويبدو أنَّ اهتمام البلاغيين بهذه المباحث أقلّ من اهتمام النحاة، وذلك أنَّ النحاة اعتدّوا بمباحث الإنشاء غير الطلبي وأولوها عناية فائقة حتَّي غدت أبواباً خاصّة في النحو.

* * *

ص: 25

التوقيع اصطلاحاً: هو ما كان يكتبه الخليفة أو الملك أو الأمير أو السلطان أو الوزير تعليقاً علي كتاب أو رقعة أو ملتمس بتوقيعه بجملة أو عدَّة جمل قصيرة هي جوابات الكتاب، أو الرقعة يذيّلونها باسمهم علي صورة توقيع. ويكون الجواب أو التوقيع إمَّا علي ظهر الرقاع أو في حاشيته، وقد يكون في هذه الحالة شعراً أو نثراً مسجوعاً أو مثلاً سائراً أو حكمةً بليغةً أو آيةً كريمةً أو حديثاً شريفاً((1)).

وقد يصدر التوقيع ابتداءاً وليس جواباً، فقد جاء في ذيل مرآة الزمان: (التوقيع: هو كتاب السلطان ويكون بمثابة بيان للناس يصدره الملوك أو الأُمراء أو الحكّام أو السلاطين لرعاياهم، يفرضون عليهم فيها ضرائب معيَّنة أو يسقطون عنهم ضرائبَ ورسوماً، ويتلي من فوق المنابر)((2))، (وقد يسمّي التوقيع (فرماناً)، ويقرأ بحضور الأعيان في الجوامع)((3))، وقد ذكر السيّد محمّد محمّد صادق الصدر (قدّس سرّه) (ت 1419ه-) عند بيانه معني التوقيع: (يُطلَق التوقيع في لسان روايتنا، مطابقاً مع العرف السائد آنئذٍ علي الكلمات القصار التي تمليها أقلام الكبراء في ذيل الرسائل والعرائض ونحوها، لأجل جواب السؤال الذي تتضمَّنه أو حلّ المشكلة التي تحتويها أو التعبير عن وجهة نظر معيَّنة فيها)((4)).

والتوقيعات المهدوية: هي (ما كان يذكره الإمام المهدي (عليه السلام)

ص: 27

بخطّه في جواب الأسئلة والعرائض بوساطة نوّابه الأربعة في مختلف ميادين المعرفة)((1)).

والتوقيع: يعني الكتاب الموقَّع، يُعبَّر عنه بأنَّه توقيع من باب تسمية الكتاب بأهمّ ما فيه أو أبرز ما فيه، أو ما يُختَم به من باب تسمية الشيء بخاتمته فيُعبَّر عنه بأنَّه توقيع، والمقصود ليس خصوص الإمضاء للإمام سلام الله عليه، إنَّما المقصود هو الكتب الصادرة والرسائل الصادرة من الإمام سلام الله عليه كان يُعبَّر عنها بأنَّها توقيعات الناحية المقدَّسة، والناحية المقدَّسة اصطلاح يُراد به خصوص الحضرة المقدَّسة لصاحب الأمر والزمان (عليه السلام) باعتبار ظروف التقيّة((2)).

والصدقة لرسوليه)، وغير ذلك من كتبه (صلّي الله عليه وآله) التي تُعَدُّ بالمئات((1))، وكذلك الخلفاء من بعده فإنَّهم كتبوا لولاتهم علي الأمصار كعهد الخليفة عمر بن الخطّاب لأبي موسي الأشعري عامله علي الكوفة((2))، وكعهد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) لعامله مالك الأشتر عندما ولَّاه مصر((3))، وكذلك كتب وتوقيعات الملوك والسلاطين في الدولة الأُموية والعبّاسية إلي ولاتهم علي الأمصار، وكتب وتوقيعات الأئمّة (عليهم السلام) إلي وكلائهم ونوّابهم في الولايات والنواحي، ومنها توقيعات الإمام المهدي (عليه السلام) إلي نوّابه الأربعة (رضوان الله عليهم)((4)).

والإمام المهدي (عليه السلام) هو محمّد ابن الإمام الحسن بن علي بن محمّد الجواد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي السجّاد بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين((5)).

واسم أُمّه: السيّدة نرجس بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وهي من ولد الحواريين تُنسَب إلي شمعون الصفا وصيّ عيسي (عليه السلام)، وكان اسمها عند أبيها مليكة((6)).

وكنيته: أبو القاسم، وأبو جعفر، وأبو صالح((7)).

ص: 29

اللقب: المهدي، وهو من أشهر ألقابه شيوعاً عند جميع الفِرَق الإسلاميّة((1))، والقائم، والمنتظر.

وقد وُلِدَ (عليه السلام) في سامراء منتصف شهر شعبان عام (255ه-)((2)) علي المشهور، وبهذا تكون ولادته بعد استشهاد جدّه الإمام الهادي (عليه السلام) بعام واحد (254ه-)((3))، وفي عصر الخليفة العبّاسي محمّد بن الواثق المهتدي الذي تولّي الخلافة لليلة بقيت من رجب عام (255ه-)((4)).

ومن الأدلَّة علي ولادته شهادة السيّدة حكيمة (رضي الله عنها) بنت الإمام الجواد (عليه السلام) وعمَّة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) التي تولَّت أمرَ أُمّهِ حين الولادة وصرَّحت بما شاهدته بعد الولادة((5))، وأيضاً العقيقة والإطعام، حيث يستحبّ عندما يُرزَق الإنسان بمولود أن يعقَّ عنه بذبيحة، ويصنع من لحمها طعاماً ويدعو الناس إليه، وهذا ما قام به الإمام العسكري (عليه السلام)((6))، وإخبار الإمام الحسن العسكري بولادة ابنه المهدي (عليه السلام)((7))، وأيضاً أقوال علماء السُّنَّة الذين نقلوا ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) حيث ذكر ابن خلّكان (ت 681ه-): (أبو القاسم محمّد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن الإمام محمّد الجواد ثاني عشر الأئمّة الاثني عشر علي اعتقاد الإمامية المعروف بالحجَّة...، كانت

ص: 30

ولادته منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين)((1))، وذكر ابن الصبّاغ المالكي (ت 855ه-): (كان الإمام بعد أبي محمّد الحسن ابنه محمّد، ولم يخلف أبوه ولداً غيره)((2))، وذكر ابن حجر الهيثمي الشافعي (ت 974ه-): (ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمّد الحجَّة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين)((3)).

ولقد تسلَّم الإمام المهدي (عليه السلام) الإمامة في سنٍّ مبكَّر حيث تسنَّم منصب الإمامة ومهامّها بعد استشهاد أبيه الحسن العسكري (عليه السلام) عام (260ه-)((4)). وقد أجمع الإمامية علي ذلك، فهم إمامية اثنا عشرية، وقد سبق لأحد عشر إماماً بمنصب الولاية الإلهية، فلا بدَّ لصاحب الأمر (عليه السلام) من القيام بذلك، لأنَّه الإمام الثاني عشر لدي الإمامية إجماعاً، ولمَّا ثبتت إمامة آبائه (عليهم السلام) بالنصّ والمؤهِّلات العليا، فقد ثبتت إمامة صاحب الأمر (عليه السلام) بالنصّ عليه أيضاً((5)).

والإمام هو الذي يؤمر من الله تعالي بالولاية التنفيذية سواء أكان الإمام رسولاً أم نبيَّاً غير رسول، أم لم يكن نبيَّاً ولا رسولاً، بل وصيَّاً لنبيّ، بمعني أنَّه معيَّن من الله لهداية الناس((6)).

ولم تكن إمامة المنتظر في سنّه المبكَّر الحدث الوحيد من نوعها، ففي تاريخ الأنبياء والرسل وأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) شواهد علي ذلك،

ص: 31

فمثلاً عيسي بن مريم (عليه السلام) كما ينقل القرآن: (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) [مريم: 29 و30]، والإمام الجواد (عليه السلام) تسنَّم مهام الإمامة بعد أبيه الرضا (عليه السلام) وعمره سبع سنين((1)).

وإنَّ للإمام المهدي غيبتين _ والغيبة هي تواري الإمام المهدي المنتظر الإمام الثاني عشر عن أنظار الناس((2)) _: الصغري: وهي تبدأ من حين استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وتولّي الإمام المهدي (عليه السلام) مهام الإمامة في الثامن من شهر ربيع الأوَّل عام (260ه-)، وتنتهي بوفاة النائب الرابع علي بن محمّد السمري في النصف من شعبان عام (329ه-)، فتكون مدَّتها قرابة (70) عاماً((3)).

والكبري: وهي تبدأ من عام (329ه-)، وإلي ما شاء الله تعالي.

إلي أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامّة، فلا ظهور إلَّا بعد إذن الله (عزّ وجلّ)...)((1)).

ولذا جاءت توجيهاته الشريفة والإجابة علي أسئلة المؤمنين في الغيبة الصغري عن طريق التوقيعات، وشملت مختلف ميادين المعرفة، واستوعبت جميع شؤون الحياة سواء المسائل الفقهية أو العقائدية أو الاجتماعية أو الدعائية أو غيرها، أو تكون عبارة عن بيانات تتَّخذ أحياناً شكل بيان ابتدائي حين تقتضي المصلحة ذلك((2))، وقد خرجت هذه التوقيعات من الناحية المقدَّسة عن طريق السفراء أو (النوّاب) الأربعة.

روايات في توثيقه، منها: عن محمّد بن يعقوب الكليني (ت 329ه-) بسنده عن الإمام الهادي (عليه السلام): سألته وقلت: من أُعامل وعمَّن آخذ؟ فقال له: «العمري ثقتي فما أدَّي إليك فعنّي يؤدّي...»((1)).

استمرَّت مدَّة نيابة العمري عن الإمام المهدي (عليه السلام) قرابة خمس سنوات((2))، وهي من وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) (ت 260ه-)((3)) _ وهي بداية الغيبة الصغري _ إلي وفاة العمري (264 _ 265ه-).

2 _ محمّد بن عثمان بن سعيد العَمْري:

وهو ابن النائب الأوَّل، وكنيته أبو جعفر((4))، ويُلقَّب بالخلَّاني نسبة إلي بيعه الخلّ((5))، ولم تذكر كتب التاريخ والتراجم عام ولادته، وأجمع المترجمون لمحمّد بن عثمان علي وثاقته، وأنَّ له منزلة جليلة، ومكانة معظَّمة عند الطائفة((6))، وتولّي النيابة بعد أبيه حتَّي لبّي نداء ربّه في جمادي الأُولي سنة (305 أو 304ه-)((7))، وقد عاصر خلال مدَّة نيابته أربعة من الخلفاء العبّاسيين، وهم: المعتمد العبّاسي، وتسلَّط عام (256 _ 279ه-)، والمعتضد العبّاسي، وتسلَّط عام (279 _ 289ه-)، والمكتفي العبّاسي، وتسلَّط عام (289 _ 299ه-)، والمقتدر العبّاسي، وتسلَّط عام (299 _ 320ه-)((8)).

ص: 34

3 _ الحسين بن روح:

هو الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي نسبة الي بني نوبخت((1)) من عوامل فارس((2))، وكنيته أبو القاسم((3))، ولم تذكر المصادر التاريخية ولادته ولا بداية حياته، وإنَّما يلمع نجمه أوَّل لمعانه كوكيل مفضَّل لمحمّد بن عثمان العمري، قبل أن يكون نائباً خاصَّاً للإمام المنتظر (عليه السلام)((4))، وكان أبو القاسم جليل القدر، عظيم المنزلة((5))، واضطلع بمهام النيابة الخاصّة بموت أبي جعفر العمري سنة (305ه-)، واستمرَّت نيابته إلي أن لحق برضوان ربّه في شعبان سنة (326ه-)((6)).

4 _ علي بن محمّد السمري:

هو علي بن محمّد، وكنيته أبو الحسن((7))، ولُقِّبَ بالسَمَري بفتح السين والميم معاً((8))، ولقد أجمع أصحاب التراجم علي وثاقته وجلالته((9))، وبعد وفاة النائب الثالث تولّي النيابة عن الإمام المهدي (عليه السلام)، واستمرَّت نيابته حتَّي وفاته في النصف من شعبان سنة (329ه-)((10)).

* * *

ص: 35

ص: 36

ص: 38

ومن النحاة مَنْ فرَّق بين الاستفهام والاستخبار، لأنَّ الأخير يفيدُ معني الخبر((1))، وبعضٌ فرَّق بين الاستفهام والسؤال حيث جاء في معجم الفروق اللغوية: (الفرق بين الاستفهام والسؤال: أنَّ الاستفهام لا يكون إلَّا لما يجهله المستفهم أو يشكّ فيه، وذلك أنَّ المستفهم طالب لأن يفهم ويجوز السائل سائل عمَّا يعلم وعمَّا لا يعلم)((2)).

المجازي الذي تتولَّد عنه جملة من المعاني، وهذه المعاني لا تنفي (بقاء معني الاستفهام في كلّ أمر من الأُمور)((1))، فالاستفهام المجازي ينشأ من دون أن يقصد منشئه إلي طلبِ الإجابة، فتأثيره ينتج من إحساسِ بأنَّ السؤال يتطَّلب إجابة ولا تأتي الإجابة((2))، (ولذا ذهب النحاة إلي أنَّ الاستفهام في القرآن يختلف عن الاستفهام في كلام البشر، وذلك لأنَّ المستفهم غير عالم إنَّما يتوقَّع الجواب فيعلم به، والله (عزّ وجلّ) منفي عنه ذلك، لأنَّه تعالي لا يستفهم خلقه عن شيء، فالاستفهام في القرآن غير حقيقي لأنَّه واقع ممَّن يعلم ويستغني عن طلب الإفهام، وإنَّما يخرج الاستفهام مخرج التوبيخ والتقرير، فالله تعالي يستفهم عباده ليقرِّرهم ويذكِّرهم أنَّهم قد علموا من ذلك الشيء)((3)).

والطلب في الاستفهام يختلف عنه في أقسام الطلب الأُخر، وهذا ما ذكره السكّاكي (ت 626ه-) قائلاً: (والفرق بين الطلب في الاستفهام وبين الطلب في الأمر والنهي والنداء واضح، فإنَّك في الاستفهام تطلب ما هو في الخارج ليحصل في ذهنك نقش له مطابق، وفيما سواه تنقش في ذهنك ثمّ تطلب أن يحصل له في الخارج مطابق فنقش الذهن في الأوَّل تابع، وفي الثاني متبوع)((4)).

تقدّم شيء ممَّا في حيّزه عليه، لا تقول: (ضربتَ أزيداً؟) وما أشبه ذلك((1))، وإنَّما وجب أن تكون لأدوات الاستفهام الصدارة في الكلام، لأجل أن تفيد فيه معني الاستفهام، شأنها في ذلك شأن أدوات المعاني الأُخر، لأنَّها إذا تقدَّم عليها شيء من الجملة فقدت الدلالة علي معني الاستفهام((2)).

وعلَّل بعض العلماء ذلك أنَّه وجب تصدير الاستفهام لأنَّك إذا أخَّرته يتناقض الكلام: (وإنَّما لزم تصديره لأنَّك لو أخَّرته تناقض كلامك، فلو قلتَ: جلس زيدٌ أين؟ وخرج محمّدٌ متي؟ جعلتَ أوَّل كلامك جملةً خبريةً، ثمّ نقضت الخبر بالاستفهام، فلذلك وجب أن تُقدِّم الاستفهام، فتقول: أين جلس زيدٌ؟ ومتي خرج محمّدٌ؟ لأنَّ مرادكَ أن تستفهم عن مكان جلوس زيد، ومكان خروج محمّد، فزال بتقديم الاستفهام التناقض)((3))، لذا هو في حقيقته جملة خبرية حوّلت بأداة طلبية إلي جملة استخبارية فوجب أن تكون مقدّمة عليها لتفيد ذلك المعني فيها((4)).

وأيضاً إنَّما تصدَّرت أدوات الاستفهام لأنَّها أخرجت الكلام عن الخبرية وأثَّرت في معني الجملة، يقول رضي الدين الأسترآبادي (ت 686ه-): (وإنَّما وجب تصدّر متضمّن معني الإنشاء، لأنَّه مؤثِّر في الكلام، مخرج له عن الخبرية، وكلّ ما أثَّر في معني الجملة من الاستفهام

ص: 42

والعرض والتمنّي والتشبيه ونحو ذلك فحقّها صدر تلك الجملة، خوفاً من أن يحمل السامع تلك الجملة علي معناها قبل التغيير)((1))، فتقديم أدوات الاستفهام ووضعها في صدر الكلام هو الذي يعين علي إفادة معني الاستفهام فيها.

ويقول الدكتور قيس الأوسي: (ولا شكَّ أنَّ تفسير النحاة للزوم أدوات الاستفهام صدر الكلام بالمحافظة علي تأدية معني الاستفهام فيه كان قائماً علي أساس من الملاحظة الدقيقة والواعية لتعدّد المعني الوظيفي للأدوات في الكلام)((2)).

وهذا ما يراه الباحث من أنَّ الأدوات في اللغة العربية تؤدّي وظائف متعدّدة، ولذا لا بدَّ من استعمال الأداة في الموضع المطلوب حتَّي يحصل غرض المتكلِّم، وأدوات الاستفهام لا بدَّ أن تتصدَّر حتَّي تؤدّي وظيفتها وهي الاستفهام عن الشيء بداية الكلام.

وأمَّا التقديم عند البلاغيين فقد ذهب السكّاكي إلي أنَّ الاستفهام طلب والطلب ممَّا يهمُّ السامع ويعنيه، ولأنَّ أدواته تأتي لإفادة المعاني في الأسماء والأفعال فلا تأتي بعد انقضاء ذكرها((3)).

يعلم بوقوع النسبة بين المسند والمسند إليه، وما يدلُّ علي ذلك أنَّ الجواب لا يكون بالإثبات أو النفي، بل بتعيين المسؤول عنه، جاء في الكتاب: (وذلك قولك: أزيدٌ عندكَ أم عمرٌو؟ وأزيداً لقيتَ أم بشراً؟ فأنت الآن مدَّعٍ أنَّ عنده أحدَهما، لأنَّك إذا قلت: أيّهما عندكَ؟ وأيّهما لقيتَ؟ فأنت مُدَّعٍ أنَّ المسؤول قد لَقِيَ أحدَهما أو أنَّ عنده أحدَهما، إلَّا أنَّ عِلْمَك قد استوي فيما لا تدري أيُّهما هو)((1)).

وفي هذا المعني يكون تقديم الاسم علي الفعل أحسن، قال سيبويه (ت 180ه-): (واعلم أنَّك إذا أردتَ هذا المعني فتقديمُ الاسم أحسن، لأنَّك لا تسأله عن اللَّقي وإنَّما تسأله عن أحد الاسمين لا تدري أيُّهما هو، فبدأت بالاسم لأنَّك تقصد قَصْدَ أن يبيِّن لك أيّ الاسمين في هذا الحال، وجعلت الاسم الآخر عديلاً للأوَّل، فصار الذي تسأل عنه بينهما)((2))، ويسمّي الاستفهام التصوّري.

ومن خلال ما تقدَّم يتَّضح الفرق بين الاستفهام عن النسبة والاستفهام عن المفرد، ففي الأوَّل يكون الاستفهام عن نسبة الثبوت بين المسند والمسند إليه أو عدم ثبوتها، بينما الاستفهام عن المفرد نكون قد علمنا ثبوت النسبة ووقوعها بين الطرفين لكن يطلب تعيّن أحد الطرفين بعينه.

واتَّضح أيضاً ممَّا تقدَّم أنَّ الاستفهام يقسَّم إلي تصوّري وتصديقي، وهو التقسيم الذي اعتمده النحاة المتأخّرون تبعاً للبلاغيين.

فالاستفهام التصوّري: هو إدراك المفرد، أي ما يجاب عنه

ص: 45

بالتعيين، نحو: أعلي مسافر أم سعيد؟ تعتقد أنَّ السفر حصل من أحدهما ولكن تطلب تعيينه((1)).

وأمَّا الاستفهام التصديقي: هو إدراك وقوع نسبة تامّة بين المسند والمسند إليه أو عدم وقوعها، بحيث يكون المتكلِّم خالي الذهن ممَّا استفهم عنه، ويجاب عنه ب- (نعم) أو (لا)، نحو: هل أعددت الطعام؟((2)).

وإنَّ أدوات الاستفهام منها ما هو يستعمل للتصوّر والتصديق معاً، وهو همزة الاستفهام، نحو: أزيدٌ قائم أم عمرٌو؟ فيطلب بها التصوّر، ونحو: أزيدٌ قائم؟ فيطلب التصديق، ومنها مختصٌّ بالتصديق فقط، وهو (هَلْ)، نحو: هل قام زيدٌ؟ ومنها ما هو يستعمل للتصوّر فقط، وهي الأدوات الأُخري((3)).

ويري النحاة أنَّ أسماء الاستفهام إنَّما بنيت لأنَّها تضمَّنت معني (همزة الاستفهام)، قال ابن عصفور (ت 669ه-): (والأسماء كُلُّها معربةٌ إلَّا ما أشبه الحرف...، أو تضمَّن معناه، كأسماء الشرط فإنَّها تضمَّنت معني (إِنْ) ، وأسماء الاستفهام فإنَّها تضمَّنت معني (الهمزة))((1)).

ويري ابن يعيش (ت 643ه-) أنَّ تضمّن أسماء الاستفهام لمعني (الهمزة) يوجب البناء فيها، يقول: (وليس (الظرف) متضمّناً معني (في) فيجب بناؤه لذلك كما وجب بناء نحو (مَنْ) و(كَمْ) في الاستفهام...، ولا يجوز ظهور الهمزة مع (مَنْ) و(كَمْ) في الاستفهام، فلا يقال: (أَمَنْ) ولا (أَكَمْ)، وذلك من قِبَل أنَّ (مَنْ) و(كَمْ) لمَّا تضمَّنا معني الهمزة صارا كالمشتملين عليها، فظهور الهمزة حينئذٍ كالتكرار)((2)).

ويستثني من هذه الأدوات (أَيُّ) فإنَّها معربةٌ، لأنَّ تضمّن الاسم معني الحرف مجوِّز للبناء لا موجبٌ، وينبغي أن تعلم أنَّ الأسماء إذا حصل بينها وبين الحرف مشابهة لم يجب بناؤها، وإنَّما يجوز ذلك لأنَّه يصحُّ أن لا يُعْتَدُّ بالمشابهة ولا يترك علي الأصل، ألَا تري أنَّ (أَيَّاً) منه معني الاستفهام وهو معرب مع ذلك، فينبغي أن يفصل بين الجواز والوجوب((3)).

أنَّها وحدها الأداة الأصلية في الاستفهام((1))، وقد تضمَّنت معناها أدوات الاستفهام الأُخر، وإنَّما تركوها معها حيث أمنوا الالتباس((2))، ولعراقة الهمزة في الاستفهام فلا يجمع بين استفهاميين((3))، لذا هي أصلها ولأصالتها خُصَّت بأحكامِ: تمام التصدير علي حروف العطف: (الفاء) و(الواو) و(ثُمَّ) تنبيهاً وتحقيقاً لأصالتها بوقوعها صدر الجملة((4))، ومنها دخولها علي الإثبات والنفي((5))، ومنها عدم مجيئها بعد (أَمْ)، ويجوز ذلك في سائر أدوات الاستفهام((6))، ومنها جواز ذكر المفرد بعدها اعتماداً علي كلام يتمّ به ذلك المفرد، نحو قولك مستفهماً: أزيدٌ؟ جواباً لمن قال لك: جاءني زيدٌ((7))، ولا تشارك (الهمزة) في الأصالة عندهم سوي (أَمْ)، ولذلك امتنع في (أَمْ) أن تدخل علي الهمزة، وجاز دخولها علي أدوات الاستفهام الأُخري، يقول سيبويه في (باب تبيان (أَمْ) لِمَ دخلت علي حروف الاستفهام ولم تدخل علي الألف؟): (تقول: أَمْ مَنْ تقول؟، وأَمْ هل تقول؟ ولا تقول: أَمْ أتقول؟، وذاك لأنَّ (أَمْ) بمنزلة (الألف))((8)).

ويذهب الدكتور قيس الأوسي إلي أنَّ الأداة (هَلْ) أيضاً هي الأُخري موضوعة أصلاً للاستفهام إذ جاء: (والصحيح أنَّ (هَلْ) أداة

ص: 48

موضوعة هي الأُخري أصلاً للاستفهام، فهي تشارك الهمزة أصالتها في الاستفهام، وذلك علي الرغم من أنَّها قد منعت بعض ما يجوز في (الهمزة)، وأوضح دليل علي ذلك أنَّها لا تستعمل إلَّا في الاستفهام)((1)).

ويري الباحث أنَّ ما ذكره الدكتور الأوسي له وجه، لأنَّ الأداة (هَلْ) هي تشارك (الهمزة) بالحرفية كما كانت (أَمْ)، وكذلك لا تدخل عليها الهمزة، واستعملت في الاستفهام خاصّة، وأمَّا الأدوات الأُخر والتي يسمّونها (أسماء الاستفهام) فالصحيح فيها أنَّها ليست أدوات أصلية للاستفهام، فالاستفهام عارض فيها((2))، (والاستفهام عارض في الأسماء، لأنَّ الاستفهام وما أشبَهَهُ للحروف في الأصل)((3)).

وعند دراستنا للاستفهام في التوقيعات المهدوية وجدنا أنَّه جاء بأُسلوبين:

الأُسلوب الأوَّل: الاستفهام بالأحرف:

ويشمل:

أوَّلاً: الاستفهام بالهمزة.

ثانياً: الاستفهام بالأداة (هَلْ).

ثالثاً: الاستفهام بالأداة (أَمْ).

الأُسلوب الثاني: الاستفهام بالأسماء:

ويشمل:

أوَّلاً: الاستفهام بالأداة (مَنْ).

ص: 49

ثانياً: الاستفهام بالأداة (ما).

ثالثاً: الاستفهام بالأداة (كيف).

رابعاً: الاستفهام بالأداة (أين).

خامساً: الاستفهام بالأداة (أيّ).

سادساً: الاستفهام بالأداة (متي).

أمَّا الاستفهام بالأدوات الأُخري فلم يرد منها في التوقيعات المهدوية.

جدّة الإمام في دار الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): «يا جعفرُ، أدارك هي؟»((1)). جاء الاستفهام عن الجملة الاسمية: (دارك هي)، وقد سبق بالنداء، وذلك لأهمّية الأمر المستفهم عنه، وهو ثبوت الدار وشرعية الإرث للإمام (عليه السلام) من والده الحسن العسكري (عليه السلام)، وقدَّم كلمة (الدار) التي هي نكرة مضافة إلي الضمير لأنَّ النزاع وقع عليها، وقد خرج الاستفهام من معناه الحقيقي وهو طلب الفهم إلي التنبيه علي الباطل((2))، والتعجّب والمبالغة في الإنكار، فإنَّ الإمام (عليه السلام) يريد تنبيه عمّه علي بطلان مدَّعاه في أحقّيته بالدار.

وهذا ورد في القرآن الكريم كقوله تعالي: (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الزخرف: 40]، وقد ذكر هذا المعني كثير من النحاة منهم ابن هشام (ت 761ه-) قال: (قد تخرج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي فتردُ ل-... الإنكار الإبطالي، وهذه تقتضي أنَّ ما بعدها غير واقع وأنَّ مدَّعيه كاذب)((3)).

ثانيهما: ما جاء عنه (عليه السلام) عندما أرسل إليه أحد الأصحاب كتاباً من عمّه جعفر كان قد أرسله إليه يخبره فيه أنَّه القيّم بعد أخيه، وأنَّ عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه، فخرج الجواب: «وقد ادَّعي هذا المبطل المفتري علي الله الكذب بما ادَّعاه، فلا أدري بأيّة حالة هي له رجاء أن يتمّ دعواه، أبفقهٍ في دين الله؟»((4)).

ص: 51

جاء الاستفهام بالهمزة الداخلة علي الجملة الاسمية، وقد دخلت الهمزة علي الجار والمجرور الذي هو خبر مقدَّم، والمبتدأ محذوف يعود علي الكلام المتقدّم وتقديره (هي له)، أي أبفقهٍ في دين الله هي له؟، والاستفهام هنا خرج عن معناه الحقيقي واستعمل في معني آخر، والذي يفهم من سياقه هو إفادة الاستهزاء والسخرية، وهو الذي يقتضي أنَّ المخاطب فعل فعلاً يستلزم توبيخه عليه وتقريعه((1))، كما ورد بقوله تعالي: (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) [الصافّات: 95]، وقد يفهم من السياق النفي الذي يشوبه الإنكار والتعجّب كقوله تعالي: (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) [ق: 15]، أي نحن لم نع به، والدليل علي خروجه عن معني الاستفهام لأنَّ الإمام (عليه السلام) أخبر بعد الاستفهام أنَّ جعفر لا يفقه شيئاً ولا يعرف الحلال من الحرام((2)).

منها: ما ورد عنه (عليه السلام) في جوابه لأحد المؤمنين ومستشهداً بآية قرآنية وهي: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الأحقاف: 4]((1)).

جاء الاستفهام بالآية التي استشهد بها الإمام بالهمزة التي دخلت علي الفعل الناسخ (رأيت) بمعني (أخبرني)، ومذهب سيبويه في (رأيت) بمعني أخبرني هو أنَّه منقول من (رأي) بمعني (عَلِمَ)، لذا تعدّي إلي مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، وثاني المفعولين جملة استفهامية في موضع المفعول الثاني، (لأنَّ دخول هذا المعني فيه لم يجعله بمنزلة أخبرني في الاستغناء، فعلي هذا أُجريَ وصار الاستفهامُ في موضع المفعول الثاني)((2))، وإنَّ المفعول في جملة الاستفهام (أريتم) هو الاسم الموصول (ما). وهنا خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلي معني آخر يفهم من السياق، وهو التقريع للكفّار وإثبات بطلان ما يدعون من دون الله.

ومنها: ما جاء عنه (عليه السلام) يعرِّف نفسه لرجل من همدان: «أتدري من أنا؟ أنا القائم من آل محمّد (صلّي الله عليه وآله)، أنا الذي أخرج في آخر الزمان»((3)).

جاء الاستفهام بالهمزة الداخلة علي الفعل المضارع (تدري)، وهو من أفعال القلوب التي تأخذ مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، جاء في شرح

ص: 53

الألفية لابن الناظم: (من الأفعال أفعال واقعة معانيها علي مضمون الجمل فتدخل علي المبتدأ والخبر بعد أخذها الفاعل فتنصبهما مفعولين)((1))، وأفعال القلوب قيل لها ذلك لأنَّ معانيها قائمة بالقلب((2))، وجاء الفعل القلبي (تدري) بمعني (تعلم) لأنَّه يستعمل (دري) بمعني (عَلِمَ) كما في قوله تعالي: (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) [الأحقاف: 9]((3))، والدراية بعد الجهل وفي الغالب تكون بإخبار((4)).

وقد خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلي معني آخر يفهم من السياق، وهنا أفاد الإفهام والإخبار بأنَّه (عليه السلام) هو القائم والمهدي من آل محمّد الذي كثرت الرواية عن الرسول والأئمّة (عليهم السلام) عنه، وهو الذي يخرج آخر الزمان لكي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً((5))، قد ورد موردان آخران بالأُسلوب نفسه وهو الهمزة الداخلة علي الفعل القلبي((6)).

فمنها: ما ورد عنه (عليه السلام) في إدانة بعض العقائد الفاسدة: «أوَلم يعلموا انتظام أئمّتهم بعد نبيّهم (صلّي الله عليه وآله) واحداً بعد واحد...»((1)).

جاء الاستفهام بالهمزة الداخلة علي الفعل القلبي الذي يفيد اليقين، وهو من أخوات (ظنَّ) الذي يأخذ مفعولين أصلها مبتدأ وخبر، وجاءت الهمزة قبل العاطف، وهذا من خواصّ الهمزة((2))، ودخلت همزة الاستفهام علي النفي وهو (لم)، وإذا دخلت الهمزة علي النفي أفادت التقرير((3))، وقال النحاة: إنَّ معني التقرير هو: (حمل المخاطب علي أن يقرّ بأمر يعرفه)((4))، أو هو (حملك المخاطب علي الإقرار والاعتراف بأمر قد استقرَّ عنده ثبوته أو نفيه)((5))، وهذا قد ورد في القرآن كثيراً نحو قوله تعالي: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوي) [الضحي: 6]، وقوله تعالي: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [الشرح: 1].

والنافي (لم) إذا دخل علي الفعل المضارع قلب زمنه إلي الماضي، لأنَّه أداة نفي وجزم وقلب، وهنا أفاد النفي العلم بانتظام الأئمّة (عليهم السلام) بعد الرسول (صلّي الله عليه وآله) منذ الزمن السابق واستقراره عندهم واحداً بعد واحد، وكذلك الاستفهام الذي يفيد التقرير هو في واقعه إخبار وليس باستفهامٍ، لأنَّ الإمام يريد أن يخبرهم بهذا الشيء ولم يكن مستفهماً، ومثله قوله تعالي: (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوي لِلْكافِرِينَ) [العنكبوت: 68]((6)).

ص: 55

والتقرير قد يأتي معه معني التوبيخ، وهذا ما أفاده النصّ، فمن خلال السياق يفهم أنَّه (عليه السلام) يريد أن يقرّ عندهم هذه العقيدة وهي الأئمّة بعد رسول الله (صلّي الله عليه وآله)، وأيضاً فيه توبيخ لهم لابتعادهم عن هذه العقيدة واتّباع العقائد والملوك باسم خلفاء الرسول.

والتوبيخ مع التقرير أشار إليه في الكتاب: (أنَّك تقول للرجل: أطرباً؟ وأنت تعلم أنَّه قد طَرِبَ، لتوبخّه وتقرّره)((1))، والموردان الآخران جاء مع الفعل القلبي لكن أداة النفي (ما)((2)).

(فارقوا)، ومن الظواهر التي تطرأ علي أُسلوب الاستفهام ظاهرة الحذف، وذلك لأنَّ الاستفهام أُسلوب خطاب يقوم علي الاختصار، ولهذا كان الحذف تخفيفاً من خصائصها، فلا يقدر عند الحذف سواها((1))، وإنَّ حذف أداة الاستفهام إنَّما يجوز إذا كان في الكلام ما يدلُّ عليها، والذي يدلُّ عليها في النصّ هو وجود (أَمْ) المعادلة لها، ولذا يشترط أكثر البصريين لجواز حذفها أن يكون في الكلام ما يدلُّ عليها، ولاسيّما وجود (أَمْ) المعادلة لها((2)).

وجاء الفعل الماضي بالزمن الماضي المطلق الذي مضي قبل زمن التكلّم قريباً كان أو بعيداً، لأنَّ هذا الفعل يصلح لجميع الأزمنة فإنَّهم فارقوا وتركوا الدين مطلقاً، أو لعلَّه للارتياب وهو حصول الشبهة والشكّ عند الإنسان، أو عنادٌ للحقّ، أو جهلٌ بالروايات والأخبار الصادقة الصحيحة بأنَّ الأئمّة بعد الرسول (صلّي الله عليه وآله) هم الاثنا عشر (عليهم السلام).

وقد خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلي معني آخر يفهم من السياق وهو التوبيخ والذمّ وتجهيل بمكان المنفعة، والتوبيخ هنا هو إنكاري الذي يقتضي أنَّ المخاطب فعل فعلاً يستلزم توبيخه عليه وتقريعه، نحو قوله تعالي: (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) [الصافّات: 95]((3)).

منها: ما ورد عنه (عليه السلام) في جوابه لجماعة من الشيعة تشاجروا مع رجل في مسألة أنَّ أبا محمّد (الحسن العسكري) (عليه السلام) مضي ولا خلف له، فجاء: «يا هؤلاء، ما لكم في الريب تتردَّدون، وفي الحيرة تنعكسون؟ أوَما سَمعِتمُ الله (عزّ وجلّ) يقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء: 59]؟»((1)).

دخلت همزة الاستفهام علي الفعل الماضي المنفي (سمعتم)، وهنا جاء بزمن (الماضي المطلق وهو الزمن الذي مضي قبل زمن التكلّم قريباً كان أو بعيداً)((2))، أي إنَّ هذا الفعل يصلح لجميع الأزمنة، فإذا قلتَ: جاء زيدٌ، احتمل أن يكون المجيء قريباً أو بعيداً، فجاء الفعل (سمعتم) بهذا الزمن وهو سماع قول الله تعالي بإطاعة الله والرسول وأُولي الأمر، وجاءت الهمزة قبل حرف العطف (الواو)، وهذا من مختصّاتها، وتنبيهاً علي أصالتها في الاستفهام، قال الدكتور قيس الأوسي: (ذهب النحاة إلي أنَّ همزة الاستفهام إذا كانت في جملة معطوفة ب- (الفاء)، أو (الواو)، أو (ثُمَّ) فإنَّها تتقدَّم علي العاطف تنبيهاً علي أصالتها في التصدير، مثال ذلك: (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً) [البقرة: 100])((3))، وجاء بعد الهمزة حرف النفي (ما) والفعل منفي بها.

ومن خصائص الهمزة أنَّها تدخل علي الفعل المثبت والمنفي، فمثال النفي في قوله تعالي: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [الشرح: 1]((4))، وإذا دخلت الهمزة

ص: 58

علي الفعل المنفي خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلي معني التقرير والإثبات، لأنَّ الاستفهام إذا دخل علي النفي أفاد تحقيقاً وثبوت أصل الحكم((1)).

وفي النصّ تقدَّم النداء علي هؤلاء الجماعة المشكِّكة حتَّي ينتبهوا للخطاب ويكونوا أكثر تأثّراً بالكلام. ثمّ إنَّ الإمام خاطبهم ووبَّخهم بأُسلوب الاستفهام: كيف يتردَّدون في الريب والحيرة؟ ثمّ استفهم عليهم بالنفي، وأكَّد لهم حقيقة قرآنية، وهي وجوب إطاعة الله والرسول وأُولي الأمر وهم الأئمّة (عليهم السلام).

ومنها: ما جاء عنه (عليه السلام) عندما دفع شخص إلي رجل مالاً لكي يحجّ عن صاحب الزمان (عليه السلام)، فدفع شيئاً من المال إلي ولده الذي كان يشرب الخمر ومعروف بالفسق، فورد: «يا شيخ أَمَا تستحي؟ يُدفَع إليك حجّة عمَّن تعلم فتدفع منها إلي فاسقٍ يشربُ الخَمْرَ»((2)).

جاء الاستفهام مسبوقاً بأُسلوب النداء تنبيهاً علي أهمّية الاستفهام الداخل علي الفعل المنفي الذي أفاد الإنكار والتوبيخ لفعل هذا الرجل الذي قام به، إذ خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي لأنَّ الإمام يعلم بما قام به الرجل من دفع المال إلي فاسق شارب الخمر.

وإنَّ معني الأداة (أَمَا) موضع خلاف بين النحاة، إذ قال عنها الخليل (ت 175ه-) في العين: (أَمَا: استفهام جحد، تقول: أَمَا تستحي من الله؟ أَمَا عندك زيدٌ؟)((3)).

ونقل له سيبويه في الكتاب: (أَمَا أنَّك ذاهبٌ؟ بمنزلة: حقَّاً أنَّك

ص: 59

ذاهبٌ)((1))، وهي عنده بهذا بمنزلة حقَّاً أو أحقَّاً، وتابعه علي المعني الثاني ابن فارس((2)).

أمَّا ابن الشجري (ت 542ه-) فيري أنَّها مركَّبة من (ما) المزيدة للتوكيد مع همزة الاستفهام، ومعناها علي وجهين: أحدهما تابع فيه الخليل، والآخر كونها حرف تنبيه((3)).

وزاد الزمخشري (ت 538ه-) لها معني آخر _ بعد أن وافق ابن الشجري في المعني الثاني _، وهو الاستفهام الذي يفيد معني التقرير((4))، لأنَّ الاستفهام إذا دخل علي النفي أفاد تحقيقاً وثبوت أصل الحكم((5)).

وجاءت (أَمَا) في النصّ مركَّبة من همزة الاستفهام و(ما) النافية والتي أفادت التقرير، أي: حمل المخاطب علي أن يُقِرَّ بأمر يعرفه وفعله، وأيضاً أفادت التوبيخ لما فعله من أمر لا يرضي عنه الشارع المقدَّس، وهو دفع المال إلي شارب الخمر.

وإنَّ من خصائص (ما) النافية أنَّها تدخل علي الجملة الاسمية والفعلية، وإذا دخلت علي الفعلية التي فعلها مضارع خلَّصته للحال في الغالب، وهذا كلّه يعرف من السياق وقرائن الأحوال.

ومنها: ما ورد عنه لشخص يخبره عن العطاس، فجاء: «ألَا أُبشِّرك في العطاس؟... هو أمانٌ من الموت لثلاثة أيّامِ»((6)).

ص: 60

دخلت همزة الاستفهام علي الفعل المضارع (أُبشِّرك)، وقد جاء بين الهمزة والفعل الحرف (لا) النافية، وذكر النحاة عدة معان للأداة (ألَا) وهي: الاستفتاح، والتنبيه، والعرض، والتحضيض، والتوبيخ، والتمنّي، والاستفهام عن النفي، والتقرير، وحرف جواب ك- (بلي)((1))، وتتعيَّن هذه المعاني من خلال القرائن السياقية والحالية.

وتكون (ألَا) في الاستفهام عن النفي مركَّبة من كلمتين: إحداهما همزة الاستفهام، والأُخري (لا) النافية، وهذا ممَّا لا خلاف فيه((2))، واختلف في (ألَا) التي بمعني العرض والتحضيض والتنبيه والاستفتاح، فقيل: هي مركَّبة من همزه الاستفهام و(لا) النافية، وقيل: بسيطة((3)).

والذي يذهب إليه الدرس الحديث أنَّ (ألَا) مركَّبة من همزة الاستفهام و(لا) النافية، لأنَّ قولنا: (ألَا تفعل؟) أي في دخول (لا) النافية علي المضارع بعد همزة الاستفهام عرض للقيام بالفعل، ومثله: (ألَا تذهب معي؟)((4)). وهذا ما يراه الباحث حيث إنَّ (ألَا) مركَّبة من همزة الاستفهام و(لا) النافية التي دخلت علي الفعل بالأمثلة والعرض والتحضيض يستفاد من السياق والمعني العامّ للكلام، فقد يكون المعني العرض، نحو قوله تعالي: (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) [النور: 22]، وقد تكون للتحضيض، نحو قوله تعالي: (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) [التوبة: 13]((5)).

ص: 61

وإنَّ الاستفهام في النصّ قد خرج عن الاستفهام الحقيقي إلي التحضيض والإخبار بما في العطاس وهو أمان من الموت لثلاثة أيّام. (إنَّ (لا) النافية ينفي بها المستقبل، فإذا دخلت عليها الألف صار تخصيصاً علي فعل ما يستقبل)((1)).

وهذا ما يبدو صواباً، فإنَّ الهمزة ليست بمفردها تدلُّ علي الاستفهام، بل هي والقرائن والسياق للكلام بمجموعه هو الذي يدلُّ علي الاستفهام، والدليل علي هذا أنَّ الهمزة تكون موجودة ولكن لا تدلُّ علي الاستفهام الحقيقي وهو طلب الفهم، بل قد يخرج الاستفهام إلي معانٍ متعدّدة وكثيرة يفهم من خلال السياق والقرائن وليس من الهمزة.

والبلاغيون يوافقون النحويين في تقدير الهمزة عند الحذف، يقول السكّاكي في خصائص همزة الاستفهام: (وتستعمل ظاهرة مرَّة كما تري، ومقدَّرة أُخري)((1)).

وذهب النحاة إلي أنَّه لا تحذف من أدوات الاستفهام إلَّا الهمزة، فإذا حذفت بقيّة الأدوات لذهب بالحذف الدلالة علي الاستفهام((2))، وهذا ما نراه صحيحاً، لأنَّ الهمزة فيها خصائص مفقودة في غيرها، وهي أوسع استعمالاً وتصرّفاً، وهي أُمّ الباب وأصل أدوات الاستفهام.

وجاء الاستفهام في التوقيعات المهدوية محذوف الهمزة في مورد واحد، وهو ما ورد عنه (عليه السلام) في إدانة بعض العقائد الفاسدة والانحراف عن الحقّ والسقوط في الفتنة، إذ جاء: «كيف يتساقطون في الفتنة، ويتردَّدون في الحيرة، ويأخذون يميناً وشمالاً؟ فارقوا دينهم أم ارتابوا، أم عاندوا الحقّ، أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والأخبار الصحيحة؟»((3)).

ص: 63

الفعل (فارقوا) يُقدَّر دخول همزة الاستفهام عليه، والأصل (أفارقوا)، وقد حذفت الهمزة لوجود ما يدلُّ عليها وهي (أَمْ) المعادلة لها.

الألف إذ كانت (هَلْ) لا تقع إلَّا في الاستفهام)((1))، ولكنَّه في موضع آخر يكتفي في (هَلْ) بالقول: (هَلْ: وهي للاستفهام)((2)).

وذهب المبرّد إلي أنَّ الاستفهام فيها أصلي، وقد تخرج عنه إلي معانٍ أُخر يدلُّ عليها السياق، جاء في المقتضب: (وهي للاستفهام، نحو قولك: (هَلْ جاء زيدٌ؟)، وتكون بمنزلة (قد) في قوله (عزّ وجلّ): (هَلْ أَتي عَلَي الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)، لأنَّها تخرج عن حدِّ الاستفهام)((3)).

وعلي هذا فهم بعض النحاة أنَّ (هَلْ) عند سيبويه في أصلها بمعني (قد)((4))، ولكن الدكتور قيس الأوسي يري أنَّ سيبويه لم يكن يقصد أن تكون (هَلْ) في أصلها بمعني (قد) حيث قال: (وأغلب الظنّ _ فيما أري _ أنَّ سيبويه لم يكن يقصد بقوله: (وكذلك (هَلْ) إنَّما تكون بمنزلة (قد) أن تكون (هَلْ) في أصلها بمعني (قد)، وإنَّما أراد أنَّه إذا اجتمع في الكلام اسم وفعل فتكون (هَلْ) بمنزلة (قد) في اختصاصها بالدخول علي الفعل، وفي قبح الدخول علي الاسم)((5))، وما ظنَّه الدكتور قيس الأوسي يكون واضحاً بالنسبة للمتتبّع لما ذكره سيبويه في موضع آخر حيث قال: (وحروف الاستفهام كذلك لا يليها إلَّا الفعل، إلَّا أنَّهم قد توسَّعوا فيها فابتدءوا بعدها الأسماء والأصل غير ذلك، ألَا تري أنَّهم يقولون: (هَلْ زيدٌ منطلق؟)، و(هَلْ زيدٌ في الدار؟)، و(كيف زيدٌ

ص: 65

آخذٌ؟)، فإن قلت: (هَلْ زيداً رأيتَ؟)، و(هَلْ زيدٌ ذهب؟) قَبُحَ ولم يجز إلَّا في الشعر، لأنَّه لمَّا اجتمع الاسم والفعل حَمَلُوه علي الأصل، فإن اضطرَّ شاعر فقدَّم الاسم نصبَ كما كنت فاعلاً ذلك ب- (قد) ونحوها، وهو في هذه أحسن لأنَّه يبتدأ بعدها الأسماء)((1)).

فاعلاً أو مبتدأً((1))، وهي متحقّقة في هذا التركيب، وعليه يكون الوصف مبتدأ، والمسوغ له للابتداء هو تقدّم الاستفهام علي النكرة((2))، والنكرة أفادت العموم والشمول، والخبر محذوف تقديره (موجود).

وقد خرج الاستفهام في هذه الموارد عن معناه الحقيقي إلي معني آخر يفهم من السياق والقرائن المقامية، وهنا أفاد العرض فإنَّ في هذه الأساليب من شدَّة التشويق والرحمة بالمؤمنين والعباد والأخذ بأيديهم واللهفة في العرض ما لا يخفي، وقد ورد هذا الخروج عن الاستفهام بالقرآن كثيراً كقوله تعالي: (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ) [فاطر: 3]، وقوله تعالي: (وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ) [الشعراء: 39].

وجاءت (أَمْ) في النصّ قبل أداة الاستفهام (هَلْ)، لأنَّ الأداة (هَلْ) تقع بعد العاطف((3))، وهذه (أَمْ) عاطفة في هذه الموارد وليست المعادلة، لأنَّ (هَلْ) مختصَّة بالتصديق، ولا تأتي (أَمْ) المعادلة معها((4))، وذهب أبو علي الفارسي (ت 377ه-) إلي أنَّ (أَمْ) عاطفة، و(هَلْ) للاستفهام، لأنَّ (أَمْ) تخرج عن المعني الذي وضعت له فتكون عاطفة ومستفهماً بها((5))، وتابعه علي هذا تلميذه ابن جنّي (ت 393ه-) بقوله: (ومحال اجتماع حرفين لمعني واحد، فلا بدَّ أن يكون إحداهما قد خلعت عنه دلالة الاستفهام، وينبغي أن يكون الحرف (أَمْ))((6)).

ص: 68

تكون هنا بمنزلة حرف النفي، لأنَّ النفي بها ليس نفياً محضاً بل هو استفهام أُشرب معني النفي((1)). ومعني النفي بالاستفهام هو إشراك المخاطب في الأمر، فهو يريد الجواب منه والإمام (عليه السلام) كان يريد من المخاطب الجواب وإن كان يعلم به هو عدم رؤيتهم لرسول الله عندما آمنوا به.

ووردت (هَلْ) الداخلة علي الفعل المضارع في التوقيعات المهدوية في خمسة مواضع، وكانت كلّها في جوابات المسائل التي وردت عن طريق السفير الثاني محمّد بن عثمان العمري، إذ جاء: «وأمَّا ما سألت عنه من أمر المصلّي والنار والصورة والسراج بين يديه هل تجوز صلاته؟»((2)).

دخلت الأداة (هَلْ) علي الفعل المضارع (يجوز)، وهنا الاستفهام حقيقي لأنَّ السائل يطلب الفهم من الإمام (عليه السلام) عن أمر المصلّي، وأنَّ (هل) إذا دخلت علي الفعل المضارع فإنَّها تخصّصه للاستقبال((3)).

وورد أيضاً في بعض إجاباته للمسائل الفقهية: «وأمَّا ما سألت عنه من أمر الثمار من أموالنا يمرُّ بها المارُّ فيتناول منه ويأكله هل يجوز ذلك له؟ فإنَّه يحلُّ له أكله، ويحرم عليه حمله»((4)).

دخلت أداة الاستفهام (هَلْ) علي الفعل المضارع (يجوز)، والاستفهام بالنصّ حقيقي لأنَّ السائل يطلب الفهم، والحكم الشرعي من الإمام (عليه السلام) عن جواز أكل المارّ في الطريق من الثمار في البستان.

ص: 70

وبهذا الأُسلوب وردت المواضع الأُخري من الاستفهام ب- (هَلْ) مع الفعل المضارع((1)).

وقد وردت الأداة (مَنْ) الاستفهامية في التوقيعات المهدوية في ستَّة مواضع:

منها: ما ورد عنه (عليه السلام) لشخص أراد الإمام أن يعرّفه بمنزلته، فجاء: «مَنْ أنا؟ أنا خاتم الأوصياء، وبي رَفَعَ اللهُ البلاءَ عن أهلي وشيعتي»((1)).

ورد الاستفهام ب- (مَنْ) الاستفهامية، وهنا خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلي معني آخر يفهم من السياق، لأنَّ الإمام (عليه السلام) لم يطلب الفهم عن شيء، والذي أفاده الاستفهام هنا هو الإفهام، فأراد الإمام (عليه السلام) أن يُفهِم الرجل ويعرِّفه بمنزلته، وهذا المعني ورد في القرآن الكريم بقوله تعالي: (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسي) [طه: 17]، فقد علم الله أنَّ لها أمراً قد خفي علي موسي (عليه السلام)، فأعلمه من حالها ما لم يعلمه.

ومنها: ما ورد عنه (عليه السلام) في أحد أدعيته قائلاً: «ربِّ مَنْ ذا الذي دعاك فلم تجبه؟ مَنْ ذا الذي سألك فلم تعطه؟ ومَنْ ذا الذي ناجاك فخيَّبته؟ أو تقرَّب إليك فأبعدته»((2)).

جاء الاستفهام ب- (مَنْ) الاستفهامية ثلاث مرَّات في هذا الدعاء، واختلف النحاة في توجيه هذا التركيب (من ذا)، فذهب بعضهم إلي جواز وجهين: إحداهما أن تكون (مَنْ) استفهامية و(ذا) اسماً موصولاً بمعني (الذي)((3)).

وقال الفرّاء: العرب قد تذهب ب- (ذا) إلي معني (الذي)، فيقولون: ومَنْ

ص: 72

ذا يقول ذاك؟ في معني: مَنْ الذي يقول ذاك؟((1))، والآخر أن تكون كلّها اسماً واحداً يدلُّ علي الاستفهام((2)).

وقد ذكر النحاة الأوجه التي تأتي عليها هذه الكلمة:

أ) أن تكون (مَنْ) استفهامية و(ذا) اسم إشارة، وذلك نحو: من ذا؟

ب) أن تكون (من ذا) كلمة واحدة مركَّبة بمعني (مَنْ)، نحو: من ذا أكرمت أحمد أم خالداً؟

ج) أن تكون (مَنْ) استفهامية و(ذا) موصولة بمعني الذي، نحو: من ذا أكرمت أحمد أم خالداً؟((3)).

وأغلب الظنّ بحسب سياق النصّ أنَّ (مَنْ) اسم استفهام، و(ذا) اسم إشارة تقديره (هذا)، فيكون الدعاء: (ربِّ من هذا الذي دعاك...) الخ، لأنَّه جاء بعد اسم الإشارة (هذا) اسم الموصول (الذي).

وإنَّ الاستفهام في هذه الكلمة المركَّبة أقوي وأشدّ مبالغةً في الاستفهام من الأداة (مَنْ) بمفردها، ولعلَّ ذلك يعود إلي زيادة حروفها، وقد سبق الاستفهام أُسلوب النداء لأهمّية المستفهم عنه وهو التضرّع والتذلّل والسؤال لله تعالي، ولهذا خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلي معني آخر وهو الدعاء في المقام.

وقد ورد هذا التركيب في القرآن كثيراً، مثل قوله تعالي: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) [البقرة: 245]، وقوله تعالي: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البقرة: 255].

ص: 73

المستفهم عنه، وهو وقوعهم في الريب والشكّ والحيرة، وقد خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلي معني آخر يفهم من السياق، وهو أفاد معني التوبيخ والإنكار والتعجّب، أي: ما كان لهم أن يتردَّدوا، ويتكلَّموا بالريب والشكوك بالأُمور المقطوع بها بحسب الروايات، وهي مسألة الإمام المهدي (عليه السلام) وغيبته.

وقد عطف علي الاستفهام الأوَّل بجملة أُخري أيضاً تفيد الاستفهام الذي خرج للتوبيخ والإنكار.

وقد ورد هذا التركيب من (ما) في محلّ مبتدأ والخبر شبه جملة في مواضع أُخري من التوقيعات المهدوية وكلّها أفادت التوبيخ والإنكار((1)).

ومنها: ما ورد عنه (عليه السلام) لرجل كان قد حمل معه شيئاً يوصله للناحية المقدَّسة ونسي سيفاً فأنفذ ما كان معه، فخرج إليه: «ما خبر السيف الذي نسيته؟»((2)).

ورد الاستفهام ب- (ما) وهي خبر مقدَّم والمبتدأ معرَّف بالإضافة وهو (خبرُ السيف)، وقد خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي وهو طلب الفهم إلي معني آخر يفهم من السياق والقرائن المقامية، وقد أفاد في النصّ الإرشاد والتنبيه إلي الأمر الذي نساه الرجل وهو السيف، وقد ورد هذا الأمر في القرآن بقوله تعالي: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً) [الضحي: 6].

وورد هذا التركيب في مورد واحد.

ومنها: ما ورد عنه (عليه السلام) في نقله لسؤال سأله شخص له وقد أجاب عن

ص: 75

هذا السؤال بعد أن ذكره في التوقيع، فجاء: «وسألتَ ما يحلُّ أن يُصلّي فيه من الوبر والسمور والسنجاب والفنك والدلق والحواصل؟»((1)).

جاء الاستفهام بالأداة (ما)، وهي مبتدأ وخبرها الجملة الفعلية بعدها (يحلُّ أن يُصلّي)، وقد أفاد الاستفهام معناه الحقيقي لأنَّ السائل كان يستفهم عن جواز الصلاة بهذه الأُمور التي ذكرها.

ومنها: ما ورد عنه (عليه السلام) لشخص من أصحابه يسمّي عيسي بن مهدي الجواهري الجيلاني يبيّن له الإمام (عليه السلام) ما يقوله المكذِّبون عن غيبته: «وما الذي خرج إليكم منه؟»((2))، فجاء الاستفهام ب- (ما) وهو مبتدأ والخبر معرفة وهو (الذي وصلته).

وقد خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلي معني آخر يفهم من السياق والقرائن، وهو معني التعجّب، أي يتعجَّب الإمام (عليه السلام) عمَّا يقوله المكذِّبون، يقول سيبويه: (إنَّك تقول: (سبحان الله مَنْ هو، وما هو!؟) فهذا استفهام فيه معني التعجّب)((3)).

ص: 76

ورد الاستفهام ب- (أيّ) الاستفهامية، وجاءت في النصّ مجرورة بحرف الجر، ومضافة إلي نكرة مفردة مؤنَّثة، ولذا لحقتها (التاء)، لأنَّ النحاة أجازوا الوجهين إذا أُضيفت (أيّ) إلي النكرة المؤنَّثة، إلحاقها بالتاء وعدم الإلحاق، يقول سيبويه: (سألت الخليل (رحمه الله) عن قولهم: (أيُّهنَّ فلانة؟)، و(أيَّتهنَّ فلانة؟)، فقال: إذا قلت: (أيّ) فهي بمنزلة (كلّ)، لأنَّ (كلَّاً) مذكَّر يقع للمذكَّر والمؤنَّث)((1)).

و(أيّ) من الأسماء الملازمة للإضافة((2))، وتضاف إلي المعرفة والنكرة، فإذا أُضيفت إلي المعرفة وجب أن تكون المعرفة إمَّا تثنيةً أو جمعاً، وإذا أُضيفت إلي النكرة جاز أن تكون مفرداً ومثنّي وجمعاً((3)).

والذي أجاز هذا كون النكرة اسماً يعمُّ (ويشمل كلّ من يقع عليه ذلك الاسم، فلذلك جازت إضافته إليه)((4)).

وقد خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلي معني آخر يفهم من السياق، وهنا أفاد الإنكار الشديد والتوبيخ والتعجّب ممَّا يدَّعيه عمّه.

الثاني والثالث: وهو ما ورد عنه (عليه السلام) لشخص من أصحابه ينقل له ما يدَّعيه المكذِّبون لقضيّة الإمام وما يحدث في غيبته: «وبأيِّ شيء نبَّأكم؟ وأيِّ معجزٍ أتاكم؟ أَمَا والله لقد دفعوا أمير المؤمنين مع ما رأوه»((5)).

ص: 78

جاء الاستفهام في الجملتين ب- (أيّ)، وقد أُضيفت إلي نكرة مفردة في الحالتين، ولكن في الجملة الأُولي جاءت الأداة مجرورة بحرف جرّ بخلاف الثانية فقد جاءت مبتدأ والجملة الفعلية خبر لها.

وتقديم الجار والمجرور علي الجملة الفعلية أفاد الاهتمام بأنَّه يستفهم عن الشيء الذي نبَّأهم به، والاستفهام الذي صدر من المكذِّبين أفاد التهكّم والاستهزاء، وأمَّا الذي نقله وصدر من الإمام (عليه السلام) فإنَّه أفاد الإرشاد والتنبيه، وبيان ما يدَّعيه الكاذبون، والحزن والتوجّع من الإمام (عليه السلام).

من خلال الموارد الثلاثة التي جاءت بها (أيّ) نجد أنَّ في موردين وردت مجرورة بحرف الجرّ، وفي حالة ثالثة جاءت مبتدأ، وأيضاً في الحالة الأُولي جاءت مع (التاء) لأنَّ المضاف إليه نكرة مؤنَّثة، وجاءت في جميع الحالات مضافة إلي نكرة مفردة.

وقد وردت الأداة (أين) في التوقيعات المهدوية مستفهماً بها في موردين من كلام واحد صدر عنه (عليه السلام) لشخص يخبره بما يقوله المكذِّبون في قضيّة الإمام (عليه السلام)، من حيث مكانه ووجوده، ومن حيث ولادته، فجاء عنه: «ولولا المكذِّبون القائلون أين هو؟ وأين ولد؟...، أمَا والله لقد دفعوا أمير المؤمنين مع ما رأوه وقدَّموا عليه وكادوه وقتلوه»((1)).

جاء الاستفهام بالأداة (أين) في موضعين من الكلام الذي نقله الإمام (عليه السلام):

فالأوَّل: جاء علي شكل جملة اسمية متكوِّنه من خبر مقدَّم وهو الأداة (أين)، وإعرابه: اسم استفهام مبني علي الفتح في محلّ رفع خبر مقدَّم، وهو لا يقع في الجملة الاسمية إلَّا كذلك((2))، و(هو) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ مؤخَّر.

والثاني: جاء علي شكل جملة فعلية، وقد تقدَّمت الاداة (أين) علي الجملة الفعلية، ولذا تعرب هنا في موضع نصب ظرف مكان متعلّق بالفعل (وَلَدَ).

وقد خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي وهو الاستفهام عن المكان إلي معني آخر يفهم من السياق وهو التهكّم والاستهزاء من المكذِّبين نقله الإمام، فإنَّه دلَّ علي الإخبار والتنبيه والتوجّع من الإمام (عليه السلام).

حال؟)((1))، فهي تُستعمَل للسؤال عن حالٍ ينتظم جميع الأحوال، يقال: كيف أنت؟ فتقول: صالح، وصحيح، وآكل، وشارب، وجالس، والأحوال أكثر من أن يحاط بها، فإذا قلتَ: (كيف) فقد أغني عن ذكر ذلك كلّه((2)).

و(كيف) و(أين): اسمان مبنيّان علي الفتح، وأصل البناء عند النحاة أن يكون علي السكون، وإنَّما بنيا علي الحركة تخلّصاً من التقاء الساكنين، والأصل في التخلّص من التقاء الساكنين أن يكون بالكسر، وإنَّما بنيا علي الفتح استخفافاً، وفراراً من الجمع بين الياء والكسرة((3)).

ووردت (كيف) الاستفهامية في التوقيعات المهدوية في موضع واحد، وذلك ما صدر عنه (عليه السلام) في إدانة بعض العقائد الفاسدة، فجاء: «كيف يتساقطون في الفتنة، ويتردَّدون في الحيرة، ويأخذون يميناً وشمالاً؟»((4)).

جاء الاستفهام ب- (كيف) الداخلة علي الجملة الفعلية (يتردَّدون)، وإنَّ (كيف) اسم استفهام مبني علي الفتح في محلّ نصب حال من (واو) الجماعة في الفعل (يتردَّدون)، وقد خرج الاستفهام عن معناه الحقيقي إلي معني آخر يفهم من السياق، وهنا أفاد التعجّب والتبوبيخ لما يذهب إليه أصحاب العقائد الفاسدة، وعدم ثباتهم، ولذلك عطف عليه بجمل فعلية أُخري فيها شدَّة التوبيخ وبيانه، وهو تردّدهم في الحيرة، أي إنَّهم حائرون في عقائدهم، ويذهبون يميناً وشمالاً، وهذا كناية علي عدم

ص: 81

الثبات في دينهم، فكان الاستفهام للتبوبيخ والتعجّب، وذلك نحو قوله تعالي: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) [البقرة: 28].

ص: 84

وعرَّفه السكّاكي بقوله: (عبارة عن استعمال نحو: لينزل، وانزل، ونزال وصه علي سبيل الاستعلاء)((1)).

وقال السيوطي: هو (طلب فعل من غير كفّ، وصيغته (افعل) و(ليفعل)، وهي حقيقة في الإيجاب)((2))، وقد تأتي لمعانٍ أُخر علي سبيل المجاز، تفهم من المقام((3)).

من خلال ما تقدَّم اتَّضح أنَّ الأمر هو طلب الفعل من الفاعل المخاطب بصيغ مخصوصة، وهي التي ذكرها النحاة في تعريفاتهم، واتَّضح أيضاً أنَّ الأمر يدلُّ علي الوجوب، ودلالته علي المعاني الأُخري مجازاً، وهذا ما صرَّح به ابن فارس إذ قال: (ما إذا لم يفعله المأمور به سُمّيَ المأمور به عاصياً)((4))، والسيوطي بقوله: (وهي حقيقة في الإيجاب)((5))، وهذا ما ذهب إليه مشهور الأُصوليين من أنَّ الأمر ظاهر بالوجوب((6))، وقال الدكتور قيس الأوسي: (والذي أراه أنَّ القول بأنَّ صيغة الأمر موضوعة حقيقة للوجوب، وأنَّ استعمالها في معاني (الندب) و(الإباحة) وغيرها إنَّما هو ممَّا خرجت فيه الصيغة عن حقيقتها، هو الصحيح لأنَّه يقود إلي المحافظة علي وحدة تسمية الصيغة، وعلي العكس من ذلك القول بأنَّ الصيغة مشتركة بين الوجوب والندب

ص: 87

والإباحة، فإنَّه يقود إلي تجزئة الصيغة إلي تسميات متعدّدة)((1))، وهذا ما يبدو لنا صحيحاً بأنَّ صيغة الأمر موضوعة حقيقة للوجوب، لأنَّ المتبادر عند الأمر هو الوجوب ولزوم إطاعة أمر المولي الآمر وإلَّا يعدّ عاصياً.

الماضي والمضارع والأمر، جاء في الكتاب: (وأمَّا الفعل فأمثلة أُخذت من لفظ إحداث الأسماء وبنيت لما مضي، ولما يكون ولم يقع، ولما هو كائن لم ينقطع، فأمَّا بناء ما مضي ف- (ذهب) و(سمع) و(مكث) و(حمد)، وأمَّا بناء ما لم يقع فإنَّه قولك آمراً: (اذهب) و(اقتل) و(اضرب)، ومخبراً: (يَقتُل) و(يَذهَب) و(يَضرِب) و(يُقتَل) و(يُضرَب)، وكذلك بناء ما لم ينقطع وهو كائن إذا أخبرت)((1))، فالفعل عندهم ثلاثة، لأنَّ أقسام الزمن ثلاثة، فربطوا كلّ قسمٍ من أقسام الفعل بقسم من أقسام الزمن((2)).

أمَّا الكوفيّون فجعلوا الفعل قسمين: ماضياً ومضارعاً، وذهبوا إلي أنَّ صيغة الأمر (افعل) ليست مستقلَّة في ذاتها، بل هي منقطعة من المضارع، وأصل (افعل): (لتفعل)، قال الفرّاء (ت 207ه-): (إلَّا أنَّ العرب حذفت اللام من الفعل المأمور المواجه، لكثرة الأمر خاصّة في كلامهم، فحذفوا اللام كما حذفوا التاء من الفعل، وأنت تعلم أنَّ الجازم أو الناصب لا يقعان إلَّا علي الفعل الذي أوَّله الياء، والتاء، والنون، والألف، فلمَّا حُذفَت التاء ذهبت باللام وأحدثت الألف في قولك: اضْرِبْ، واُخْرُجْ، لأنَّ الضاد ساكنه فلم يستقم أن يُستأنَف بحرف ساكن، فأدخلوا ألفاً خفيفة يقع بها الابتداء، كما قالوا: ادّاركوا، واثّاقلتم)((3)).

وينتهي صاحب الإنصاف بعد عرض حجج كلا الفريقين إلي أنَّ

ص: 89

(فعل الأمر صيغته مرتجلة قائمة بنفسها باقية في البناء علي أصلها)((1))، في حين نجد ابن هشام مختاراً مذهب الكوفيين: (لأنَّ الأمر معني حقّه أن يودّي بالحرف، ولأنَّه أخو النهي ولم يدلّ عليه إلَّا بالحرف، ولأنَّ الفعل إنَّما وضع لتقييد الحَدَث بالزمان المحصَّل)((2))، أمَّا السيوطي فقد اضطرب موقفه قال في الهمع: (والأمر مقتطع من المضارع علي الأصحّ)((3))، وقال في الأشباه والنظائر: (والأمر صيغة مرتجلة علي الأصحّ لا مقتطع من المضارع)((4)).

وترتَّب علي خلافهم في أصل فعل الأمر خلافهم فيه: أمعرب هو أم مبني؟ فذهب البصريون إلي أنَّ فعل الأمر مبني علي السكون، لأنَّ الأصل في الأفعال أن تكون مبنيّة، والأصل في البناء أن يكون علي السكون، قال سيبويه: (والوقف قولهم: (اضرب) في الأمر...، وكذلك كلّ بناء من الفعل كان معناه افْعَلْ)((5))، وقال المبرّد: (فأمَّا إذا كان المأمور مخاطباً ففعله مبني وغير مجزوم، وذلك قولك: اذهب وانطلق)((6)).

وذهب الكوفيّون إلي أنَّه معرب مجزوم((7))، لأنَّ أصل (افْعَلْ) عندهم (لِتَفعْلْ).

ويقول الدكتور قيس الأوسي وفي رأيي أنَّ محاولة الكوفيين

ص: 90

والبصريين الكشف عن أصل فعل الأمر وخلافهم لم يفد الدرس النحوي، وبالتالي كان السبب في تعقيد النحو وتنفير الدارسين منه، والأجدي بدراسة الفعل في حدود واقعه اللغوي والتسليم بأنَّه مبني لتضمّنه معني الأمر((1))، وهذا ما نراه صواباً.

وجاء أُسلوب الأمر بصيغة (افْعَلْ) في التوقيعات المهدوية في مائة وثمانية وثمانيين موضعاً، وكان استعمالها علي النحو الآتي:

الخروج وبيَّن سبب عدم رضاه بالخروج، وهو ليس له خيرة وصلاح في هذا الخروج، ولذا بعد هذا أمره بالإقامة بالكوفة.

ومنها: ما ورد عنه (عليه السلام) جواباً لشخص كان من وكلاء الوقف الذين يجمعون المال للسلطان من الناس، يدعونه لطعام يأكل معهم وإلَّا عادوه، وعن هدية يقدّمونها له فماذا يفعل؟، فجاء: «إن كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده فكُلْ طعامه واقْبَلْ برَّه وإلَّا فلا»((1)).

جاء فعلا الأمر (كُلْ) و(اقْبَلْ) مبنيّين علي السكون، وفاعلها ضمير مستترّ تقديره (أنت)، والفعل (كُلْ) من (أَكَلَ _ يأكل)، فحذفت الهمزة عند بنائه للأمر، جاء في شذا العرف: (وحكم المهموز كحكم السالم إلَّا أنَّ الأمر من أخذ وأكل، تحذف همزته مطلقاً، نحو: خُذْ وكُلْ)((2)).

وجاء فعل الأمر (كُلْ) مقترناً ب- (فاء) الجزاء، لتقدّم الشرط عليه، جاء في شرح الرضي: (وتختصُّ بالجمل وتدخل علي ما هو جزاء مع تقدّم الشرط)((3))، ويذكر الدكتور فاضل السامرائي المواطن التي يجب فيها اقتران الجواب بالفاء، ومنها: (أن يكون الجواب طلبياً)((4)).

وفاء السببية ما بعدها بمنزلة المعلول لما قبلها، فإنَّ الذي بعدها يتحقَّق عند تحقّق ما قبلها، وهذا ما يسمّيه النحاة بالشرط والجزاء، فإنَّ

ص: 92

الجزاء مترتّب علي حصول الشرط، وتقدير الكلام في النصّ أنَّ الرجل وكيل السلطان إذا كان يملك مالاً غير المال الذي يأخذه من الناس فيجوز الأكل من طعامه وقبول هديته، ولذا جاء بعدها بالاستثناء وقال الإمام (عليه السلام): «وإلَّا فلا»، أي إذا لم يكن لديه مال آخر غير الذي يأخذه فلا يجوز الأكل، ولا يجوز قبول هديته.

وقد خرج الأمر عن معناه الحقيقي وهو طلب الفعل إلي معني آخر يفهم من السياق وهو الإباحة، وهو أحد المعاني المجازية التي يخرج إليها الأمر((1))، أي: إذا كان لديه مال آخر فيجوز لك الأكل ومباح أخذ الهدية منه، وقد ورد في القرآن الكريم بقوله تعالي: (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) [المائدة: 2]، فالله تعالي لم يطلب من الحاج أن يصطاد بعد الإحلال من الإحرام، وإنَّما أباح وجوَّز للحاج ذلك.

ومنها: ما ورد عنه (عليه السلام) في أحد أدعيته: «يا ربّ اغفر لي وارحم، وتجاوز عمَّا تعلم، إنَّك أنت الأعزُّ الأكرم»((2)).

تكرَّر فعل الأمر في النصّ ثلاث مرَّات: (اغفر)، و(ارحم)، و(تجاوز)، وقد سبق بالنداء لأهمّية المتوجّه إليه، وقد خرج الأمر في الأفعال الثلاثة إلي الدعاء، وهو أحد المعاني المجازية التي يخرج إليها الأمر، جاء في الكتاب: (واعلم أنَّ الدعاء بمنزلة الأمر والنهي، وإنَّما قيل: دعاء، لأنَّه استعظم أن يقال: أمر ونهي، وذلك قولك: اللّهمّ زيداً فاغفر ذنبه)((3)).

ص: 93

سبب خروج الفعل من الأمر إلي الدعاء، لأنَّ الطلب في الأفعال الثلاثة هو من الداني إلي العالي، ولا يصحُّ أنَّ الداني يأمر العالي، لأخذ النحاة شرط الاستعلاء من الآمر، وأفاد تكرار الأفعال في الدعاء لشدَّة الاحتياج والرغبة من الداعي إلي الله تعالي، لأنَّ جميع الناس فقراء ومحتاجون إلي رحمته وعفوه وغفرانه، وهذه الحقيقة يتحدَّث عنها القرآن الكريم: (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَي اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فاطر: 15].

ومنها: كتب له (عليه السلام) شخص يسأله أن يدعو الله أن يرزقه ولداً، فأجابه (عليه السلام)، فورد إليه: «اللّهمّ ارزقه ولداً ذكراً تُقِرُّ به عينه، واجْعَلْ هذا الحمل الذي له وارثاً»((1)).

ورد فعل الأمر (ارزقه)، و(اجْعَلْ)، من الداني إلي العالي، ولذا خرج الأمر عن المعني الحقيقي وهو طلب الفعل إلي المعني المجازي وهو الدعاء، وقد سبق فعل الأمر بالنداء (اللّهمّ) لأنَّها مستجمعة لصفات الله تعالي، وكأنَّ الداعي يمدح ويثني علي الله تعالي قبل طلب المسألة، وهذا من آداب الداعي. وطلب الرجل من الإمام بأن يدعو الله له، لأنَّ الإمام هو الوسيلة والواسطة بين الخلق والله تعالي لقوله (عزّ وجلّ): (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) [المائدة: 35].

فلم يطلب الرجل من الإمام رزق الولد، بل طلب منه أن يدعو له الله تعالي أن يرزقه ولداً.

وجاءت المواطن الأُخري من التراكيب في التوقيعات المهدوية

ص: 94

بهذين المعنيين((1))، أعني الأمر الحقيقي وهو طلب الفعل، وقد ورد في سبعة وثلاثين موضعاً، وما تبقّي منها خرجت للمعني المجازي الذي أفاد الدعاء، وكثرة الأوامر التي خرجت للدعاء تدلُّ علي مدي ارتباط الإمام (عليه السلام) وخضوعه لله تعالي.

ومنها: ما ورد في دعائه (عليه السلام) المعروف بدعاء الفرج: «يا محمّدُ يا عليُّ، يا عليُّ يا محمّد، اكفياني وانصراني فإنَّكما ناصراي»((1)).

جاء الأمر بالفعلين (اكفياني) و(انصراني)، وقد أسندهما إلي الألف الذي يعود علي الرسول محمّد (صلّي الله عليه وآله) والإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد خرج الأمر عن الطلب بالفعل إلي معني آخر وهو الدعاء، فإنَّ الإمام (عليه السلام) يدعو الرسول والإمام علي بأن يكفياه الأعداء، وينصرانه، وأكَّد بأنَّهما ناصراه، لأنَّه يسير علي نهجهما، وهو امتداد لهما ومكمّل لدورهما في نشر الرسالة الإسلاميّة، ونادي الرسول والإمام علي لأنَّ الإمام علي هو نفس الرسول لقوله تعالي: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) [آل عمران: 61].

جاء فعل الأمر (ارجعوا) مسنداً إلي (واو الجماعة)، وجاء الفعل مقترناً بالفاء، وهي فاء السببية التي تفيد أنَّ ما بعدها متعلِّقاً بما قبلها، وهو سبب لما بعدها، وهنا لم يتقدَّم شرط علي (الفاء)، لكنَّه تقدَّم ما يصلح أن يكون شرطاً، جاء في شرح الرضي: (وتختصُّ بالجمل، وتدخل علي ما هو جزاء مع تقدّم الشرط... وبدونها، نحو: زيدٌ فاضلٌ فأَكْرِمْهُ، وتعريفه بأن يصلح تقدير (إذا) الشرطية قبل الفاء، وجعل مضمون الكلام السابق شرطها)((1)).

وتقدير الكلام في النصّ: إذا وقعت لكم الحوادث فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا.

وقد دلَّ الأمر علي معناه الحقيقي وهو الوجوب والإلزام بالرجوع إلي رواة الأحاديث، وهم العلماء في المسائل والأحكام التي تعرض علي الإنسان، وهذا ما يسمّي عند الشيعة الإمامية بالتقليد لعلماء الدين وفق شروط خاصّة((2))، ولذا عمل الإنسان بدون تقليد باطل، جاء في منهاج الصالحين: (عمل غير المجتهد بلا تقليد ولا احتياط باطل، بمعني أنَّه لا يجوز له الاجتزاء به)((3)).

وجاءت أفعال الأمر الأُخري المسندة إلي (واو الجماعة) كلّها تدلُّ علي المعني الحقيقي للأمر، وهو طلب الفعل علي نحو الوجوب والإلزام((4)).

ص: 97

يسبّبها العامل _ كما زعم النحاة _ وإنَّما هو قد أُلتزم فيها علامة علي الأمر، فجُعلت صيغة (ليفعل) مثل صيغة (افْعَلْ) ساكنة الآخر، وذلك لأنَّها تلتقي معها في الدلالة علي الأمر)((1)).

ويري الباحث بأنَّ ما ذهب إليه الدكتور قيس الأوسي ليس بعيداً عن الصواب لما ذكر، وهو دلالة الصيغتين علي الأمر، ومثلما جعلوا الجزم في (افْعَلْ) فليكن في صيغة (ليفعل).

وقد ورد الأمر بصيغة (ليفعل) في التوقيعات المهدوية في ثمانية مواضع، وبأساليب متعدّدة:

فجاء في أربعة مواضع الأمر للغائب والفعل مسنداً إلي (واو الجماعة) ومقترناً بالعاطف، وذلك ما ورد عنه (عليه السلام) في إدانة بعض أهل العقائد الفاسدة، والنصح والإرشاد لهم، بقوله: «فليدعوا عنهم اتّباع الهوي، وليقيموا علي أصلهم الذي كانوا عليه...، وليعلموا أنَّ الحقَّ معنا وفينا، لا يقول ذلك سوانا إلَّا كذّاب مفتر، ولا يدَّعيه غيرنا إلَّا ضالّ غوي، فليقتصروا منّا علي هذه الجملة دون التفسير»((2)).

ورد الأمر بصيغه (ليفعل) في النصّ في أربعة أفعال، (فليدعوا) و(وليقيموا) و(وليعملوا) و(فليقتصروا)، وقد سبق هذه الأفعال حرف العطف، ففي فعلين منهما سبقا بالواو، وفي فعلين سبقا بالفاء، ولذلك سُكِّنَتْ اللام في الفعل بعد أن كان الأصل فيها الكسرة، قال الفرّاء: (وكلّ لام إذا استؤنفت ولم يكن قبلها (واو)، ولا (فاء)، و(لا)

ص: 99

ثمّ كسرت، فإذا كان معها شيء من هذه الحروف سُكِّنَتْ)((1))، ويجوز في هذه الحالة إبقاء (اللام) علي الكسر إلَّا أنَّ إسكانها تخفيفاً وهو الأكثر علي الألسن((2)).

وجاءت الأفعال كلّها متَّصلة ب- (واو الجماعة)، وهي ضمير متَّصل مبني علي الضمّ في محلّ رفع فاعل، وجاء الخطاب في الجميع للغائب، وهو الأكثر وروداً في هذه الصيغة في كلام العرب، وجاء الأمر في الأفعال علي معناه الحقيقي، وهو الإلزام والوجوب، فأمرهم الإمام (عليه السلام) بترك اتّباع الهوي، ويجب عليهم الإقامة والثبات علي أصلهم، وهو اتّباع أهل البيت (عليهم السلام)، وأمرهم بأن يعملوا ويتيقَّنوا بأنَّ الحقَّ معهم وفيهم، ولا يدَّعيه غيرهم إلَّا كاذباً ومفترياً وضالَّاً، وقد يكون الأمر في هذه الأفعال للإرشاد.

ومنها: كتب له (عليه السلام) رجل أنَّه ينوي إخراج شيء من ماله، وأن يدفعه إلي رجل من إخوانه، ثمّ يجد في أقربائه محتاجاً، أيصرف ذلك عمَّن نواه له أو إلي قرابته؟، فورد له الجواب من الإمام (عليه السلام): «فليقسِّم بين القرابة وبين الذي نوي حتَّي يكون قد أخذ بالفضل كُلِّه»((3)).

ورد الأمر بصيغة (ليفعل) في الفعل (فليقسم)، وجاءت (لام) الأمر بالفعل ساكنةً لسبقها بحرف العطف (الفاء)، وإسكانها هو الأكثر في كلام العرب بعد أن كان الأصل فيها الكسر، واستعمل فعل الأمر للغائب وهو الأكثر وروداً في اللغة لهذه الصيغة، وجاء الفاعل ضميراً مستتراً يدلُّ علي

ص: 100

الغائب، وقد خرج الأمر عن معناه الحقيقي وهو الإلزام إلي معني آخر يفهم من السياق، وقد أفاد بالنصّ من خلال القرائن والسياق، وأنَّ الأمر قد خرج للندب، أي الاستحباب والأفضل في التقسيم، وقد ورد هذا في القرآن الكريم بقوله تعالي: (فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرضِ) [الجمعة: 10]، وهناك موضعان آخران وردا بهذا التركيب نفسه((1)).

ومنها: ما ورد للشيخ المفيد من رسالة طويلة من صاحب الأمر (عليه السلام) يبيّن له فيها كثيراً من الأُمور، فجاء فيها: «فليعمل كُلُّ امْرءٍ منكم بما يقرِّب به محبّتنا، ويتجنَّب ما يُدنيه من كراهتنا وسخطنا»((2)).

ورد الأمر بصيغة (ليفعل) في الفعل (فليعمل)، وجاءت (لام الأمر) ساكنة لكونها مسبوقة بحرف العطف (الفاء)، فلذا لم تكسر كما هو أصلها، واستعمل فعل الأمر للغائب، وجاء الفاعل ظاهراً وهو (كلُّ امرءٍ)، واستعمل الفعل في معناه الأصلي الذي يدلُّ علي الوجوب والإلزام بالعمل بما يقرِّب من أهل البيت، ويتجنَّب الأُمور التي تؤدّي إلي كراهتم وسخطهم.

ومن خلال ما تقدَّم نجد أنَّ استعمال هذه الصيغة في الموارد جاء لأمر الغائب.

لاسم فعل الأمر باباً تحت عنوان: (هذا باب من الفعل سُمّي الفعلُ فيه بأسماء لم تؤخذ من أمثلة الفعل الحادث)((1))، وأكثر أسماء الأفعال هي ما كانت بمعني الأمر((2))، ومصطلح (اسم فعل الأمر) مصطلح بصري((3)).

والكوفيّون يعدّون أسماء الأفعال أفعالاً حقيقية لدلالتها علي الحدث والزمان((4))، ومن النحاة المتأخّرين من عدَّ أسماء الأفعال قسماً رابعاً من أقسام الكلام أطلق عليه مصطلح (الخالفة)، قال أبو حيّان الأندلسي (ت 745ه-): (ذهب بعض المتأخّرين إلي أنَّها ليست أسماءً ولا أفعالاً ولا حروفاً، فإنَّها خارجة عن قسمة الكلمة المشهورة، ويُسمّيها خالفة، فهي قسم رابع من قسمة الكلمة)((5)).

أمَّا ما ذهب إليه علماء الدرس الحديث فإنَّهم وافقوا الكوفيين في أنَّها أفعال، والدكتور المخزومي يسمّيها الأفعال المتخلّفة، ويري أنَّ (هذه الكلمات الشاذّة أفعال حقيقية كما قال الكوفيّون، ولكنَّها تخلَّفت عن سائر الأفعال، فلم تسلك سبيل الأفعال في تصرّفها، ولا في صياغتها، ولا في اتّصالها باللواحق)((6)). وقال الدكتور قيس الأوسي: (والصحيح في أسماء الأفعال هذه التي أسموها بالموضوعة والمرتجلة أنَّها أفعال، وذلك لأنَّها تستخدم استخدام الأفعال، وتدلُّ علي ما تدلُّ عليه سائر الأفعال من الحدث والزمن، ولكنَّها أفعال قديمة متخلّفة جمدت

ص: 102

علي حال واحدة ولم تتصرَّف تصرّف الأفعال)((1))، وهذا ليس بعيداً عن الصواب.

وإنَّ أسماء الأفعال مبنيّة، وعلَّة البناء شبهها بالحرف، أو تضمّن معناه، قال ابن جنّي (ت 393ه-): (ألَا تري أنَّ (صَهْ) بمعني (اسكت) وأنَّ أصل اسكت: لِتَسْكُتْ...، فلمَّا ضُمِّنت هذه الأسماء معني لام الأمر شابهت الحروف فبنيت)((2)).

وفائدة أسماء الأفعال هي السعة في اللغة، والتفنّن في التعابير، والمبالغة، والإيجاز والاختصار طلباً للخفَّة((3))، وحكمها في العمل حكم الأفعال التي بمعناها، فبعضها يكون لازماً، وبعضها يكون متعدّياً((4))، وتقسَّم أسماء الأفعال من حيث دلالتها علي الزمن إلي ماضٍ ومضارعٍ وأمرٍ((5)).

وقد ورد الأمر باسم فعل الأمر في التوقيعات المهدوية في موضع واحد، وذلك في دعائه (عليه السلام) عقيب زيارة (آل يس)، حيث جاء: «وأرني في آل محمّد ما يأملون، وفي عدوّهم ما يحذرون، إله الحقّ آمين، يا ذا الجلال والإكرام، يا أرحم الراحمين»((6)).

جاء الأمر باسم الفعل (آمين)، وقد تعدَّدت الأقوال في معني (آمين)، فعن ابن عبّاس (ت 68ه-) أنَّ معناه: (فليكن كذلك، ويقال:

ص: 103

ربّنا افعل بنا كما سألناك)((1))، وعن الإمام الصادق (عليه السلام) (ت 148ه-): «إنَّ تفسير قولك: (آمين) ربّ افعل»((2))، وروي عنه (عليه السلام) في حديث آخر أنَّ (آمين) اسم من أسماء الله (عزّ وجلّ)، وهو ما قال به الخليل وثعلب (ت 291ه-)((3))، وفسَّره الزجّاجي (ت 311ه-) ب- (اللّهمّ استجب) ((4)).

ويجوز في (آمين) القصر والمدّ (أمين، آمين)، وأصله القصر ليكون علي وزن (فعيل)، وإنَّما مُدَّ ليرتفع الصوت بالدعاء، وأمَّا (آمين) فوزنه (فاعيل) أشبع فتحة الهمزة فتولَّدت منه ألف، وليس هذا البناء من أبنية العرب((5)).

وقد استعمل اسم الفعل في النصّ وأفاد الدعاء والتضرّع لله تعالي.

وقد ورد في القرآن الأمر بصيغة الخبر، كقوله تعالي: (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة: 228]، فالذي يدلُّ عليه الكلام علي أنَّ الخبر مستعمل في معني الأمر والإلزام، والتقدير: (ليتربَّص المطلّقات بأنفسهنَّ ثلاثة قروء)، وهي عدَّة المطلَّقة يجب عليها الانتظار ثلاثة قروء.

ويأتي الأمر بصيغة الخبر مفيداً الأمر الحقيقي والدعاء، وهذا ما جاءت به الموارد في التوقيعات المهدوية، يقول سيبويه: (واعلم أنَّ الدعاء بمنزلة الأمر والنهي، وإنَّما قيل: دعاء لأنَّه استعظم أن يقال: أمر ونهي...، تقول: (زيد قطع الله يده)...، لأنَّ معناه (زيداً ليقطع الله يده))((1)).

وقد ورد الأمر بصيغة الخبر في التوقيعات المهدوية في مائة وستَّة وثلاثين موضعاً، منها سبعة وعشرون مورداً في الخبر الذي أفاد الأمر الحقيقي، والموارد الأُخري من صيغ الخبر دلَّت علي الأمر، وقد خرج إلي الدعاء.

ومن هذه الموارد: كتبت إليه (عليه السلام) امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أوَّل يوم من شهر رمضان، ثمّ استحاضت فصلَّت وصامت شهر رمضان كلّه، ومن غير أن تعمل ما تعمل المستحاضه من الغُسل لكلّ صلاتين، فهل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب (عليه السلام): «تقضي صومها، ولا تقضي صلاتها»((2)).

ص: 105

تمثَّل الأمر بقوله (عليه السلام): «تقضي صومها»، فإنَّها جملة خبرية دلَّت علي الأمر الحقيقي من الإمام للمرأة، لأنَّها تسأل وتطلب الحكم الشرعي لتعمل به، وتقدير الكلام: (لتقض صومها)، وإخراج الأمر في صورة الخبر أبلغ من صريح الأمر، لأنَّه يفيد تأكيد الأمر والمبالغة في الحثّ عليه حتَّي كأنَّه سورع فيه إلي الامتثال والانتهاء فهو يخبر عنه((1))، ومعني الأمر في النصّ هو الإرشاد وتعريف المرأة بالحكم الشرعي.

ومنها: ما ورد في إجاباته (عليه السلام) عن أسئلة فقهية متعدّدة، فجاء: «وأمَّا ما سألت عنه من أمر المولود الذي تنبت غلفته بعد ما يُخْتَنُ هل يُخْتَنْ مرَّة أُخري؟ فإنَّه يجب أن تُقطَع غلفته، فإنَّ الأرض تضجُّ إلي الله من بول الأغلف أربعين صباحاً»((2)).

تمثَّل الأمر بقوله (عليه السلام): «يجب أن تُقطَع غلفته»، فإنَّها جملة خبرية دلَّت علي الأمر، والتقدير: ليقطع غلفته، وهنا جاء الأمر في معناه الحقيقي في معني الإلزام والوجوب.

وقد وردت الموارد الأُخري بصيغة الخبر الدالّة علي الأمر الحقيقي بهذه الأساليب((3)).

ومنها: كتب له (عليه السلام) أحد الأصحاب بأن يتفضَّل عليه بدعاء جامع له ولإخوانه للدنيا والآخرة، فجاء منه (عليه السلام): «جَمَعَ اللهُ لك ولإخوانك خير الدنيا والآخرة»((4)).

ص: 106

تمثَّل الأمر بقوله (عليه السلام): «جمع الله لك»، أي: ليجمع الله لك، وهنا دلَّ الأمر علي الدعاء، واستعمل بصيغة الخبر للتفاؤل بالوقوع، وعدّها من الأُمور الحاصلة.

ومنها: ما ورد عنه (عليه السلام) في الأدعية إذ جاء: «اللّهمّ إنّي أسألك أن تُصلّي علي محمّد نبيّ رحمتك وكلمة نورك»((1)).

جاء الأمر بالجملة: (أسألك أن تُصلّي)، أي: الأمر بالصلاة علي محمّد، والأمر يدلُّ علي الدعاء.

وجاءت الموارد الأُخري بهذه الأساليب((2)).

* * *

ص: 107

اختصَّت به، ولم تكن كجزء منه، نحو: السين وسوف، وكلُّ ما اختصَّ بالفعل ولم يكن كجزء منه فبابه الجزم المختصّ بالفعل((1)).

و(لا) الناهية تدخل علي الفعل المضارع للشاهد المخاطَب، كقوله تعالي: (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) [الممتحنة: 1]، والغائب كقوله تعالي: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 28].

جاء في المقتضب: (فأمَّا حرف النهي فهو (لا)، وهو يقع علي فعل الشاهد والغائب، وذلك نحو قولك: لا تَقُمْ يا رجلُ، لا يَقُمْ زيدٌ، لا تَقُومي يا امرأة، فالفعل بعده مجزومٌ به)((2))، وذكروا أنَّ نهي فعل الحاضر ب- (لا) أكثر من الغائب، وقيل: علي السواء((3))، وزاد ابن هشام وقوعها علي فعل المتكلِّم((4)).

وقد ورد النهي في التوقيعات المهدوية بأساليب مختلفة، وهي علي النحو الآتي:

فمنها: عن رجل من اليمن، قال: كنت ببغداد، فتهيَّأت قافلة لليمانيين، فأردت الخروج معها، فكتبت للإمام (عليه السلام) ألتمس الإذن في ذلك، فخرج إليَّ: «لا تَخْرُجْ معهم فليس لك في الخروج معهم خيرة»((1)).

جاء النهي بالفعل (تخرج) الداخلة عليه (لا) الناهية، فلذا الفعل مجزوم بها، وقد دلَّ النهي علي الكراهة، إذ أنَّه ليس في خروجه معهم خيرة، فلذا هو إرشاد منه (عليه السلام) لهذا الرجل.

وقد ورد هذا المعني في القرآن الكريم بقوله تعالي: (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرضِ مَرَحاً) [الإسراء: 37]، [لقمان: 18].

ومنها: ما ورد عنه (عليه السلام) جواباً لبعض الأصحاب: «وأمَّا أبو الخطّاب محمّد بن أبي زينب الأجدع، فملعونٌ وأصحابه ملعونون، فلا تجالس أهل مقالتهم»((2)).

ورد النهي بالفعل (تجالس) المسبوق ب- (لا) الناهية، فلذا جزم الفعل، وقد اقترنت الأداة (لا) بالعاطف (فاء) السببية، وهي أفادت أنَّ سبب عدم مجالسة هولاء لأنَّهم ملعونون من الإمام (عليه السلام)، وهنا جاء النهي بمعناه الحقيقي، وهو لزوم الترك ووجوبه.

ومنها: ما ورد عنه (عليه السلام) في أحد أدعيته: «يا من لا يُخْلِفُ الميعاد، أنجز لي ما وعدتني، واجمع لي أصحابي، وصبِّرهُمْ، وانصرني علي أعدائك وأعداء رسولك، ولا تُخَيِّبْ دعوتي، فإنّي عبدُكَ وابنُ أَمَتِكَ»((3)).

ص: 110

جاء النهي بالفعل (تُخَيِّبْ) الداخلة عليه (لا) الناهية، فلذا جزم الفعل، وقد خرج النهي بحسب السياق والقرائن إلي الدعاء والتضرّع، وذكر سيبويه أنَّ (لا) الناهية قد تستعمل في معني الدعاء((1)).

وجاءت الموارد الأُخري من النهي للمخاطب بصيغة (لا تفعل) بهذه المعاني الثلاث، وهي الدعاء والإرشاد، أو الكراهة، أو المنع وطلب الترك للفعل((2)).

وجاءت الموارد الأُخري لهذه الصيغ بنفس المعني، وهو النهي الإرشادي الكراهتي((1)).

منهم)، حيث دلَّت علي الغائب، وهم الأعداء النواصب. وقد خرج النهي عن معناه الحقيقي إلي الدعاء واللجوء إلي الله تعالي.

ب) صيغة (لا يفعلوا):

وجاءت هذه الصيغة في موردين:

منها: ما ورد عنه (عليه السلام) في إدانة بعض العقائد الفاسدة وتوجيه النصح والإرشاد، إذ جاء: «ولا يبحثوا عمَّا سُتِرَ عنهم فيأثموا، ولا يكشفوا ستر الله فيندموا»((1)).

جاء النهي في الفعلين (لا يبحثوا) و(لا يكشفوا) للغائبين، وهم أهل العقائد الفاسدة، وقد خرج النهي عن معناه الحقيقي إلي الإرشاد والكراهة بأنَّ الإمام (عليه السلام) يرشدهم إلي عدم البحث عن المستور، ولا يكشفوا بهذا البحث عن الشيء الذي أراد الله ستره.

جاء النهي بالجملة الخبرية: «ردُّ اليدين... غيرُ جايز»، وهي متكوّنة من المبتدأ والخبر، والجملة الخبرية أفادت النهي الكراهتي، وأنَّ عدم الجواز هنا بمعني الكراهة لهذا الفعل، والنهي بالجملة الخبرية أبلغ من النهي الطلبي الإنشائي.

ومنها: كتب إليه (عليه السلام) شخص يسأله أنَّ للسلطان ضيعةً جاءته من الوقف بجنب ضيعتي، فهل يجوز لي شراؤها منه؟ فخرج إليه التوقيع: «الضيعة لا يجوز ابتياعها إلَّا من مالكها، أو بأمره، أو رضاء منه»((1)).

جاء النهي بالجملة الخبرية: (الضيعة لا يجوز...)، فإنَّه بتقدير: (لا يجوز)، أي: النهي عن شراء الضيعة، لأنَّ السلطان غاصب لها، وليس مالكها والشراء لا بدَّ أن يكون من المالك، وقد دلَّ النهي علي الإلزام والمنع.

ومنها: ما ورد عنه يجيب عن بعض الأسئلة: «أمَّا الفقّاع فشربه حرام»((2)).

جاء النهي بالجملة الخبرية: (فشربه حرام)، وقد دلَّت علي المنع والحرمة عند شرب الفقّاع، لأنَّه من المسكرات.

وجاءت الموارد الأُخري من النهي بالخبر لنفس الاستعمالين المتقدّمين، وهما الحرمة والمنع، أو الكراهة والإرشاد((3)).

ص: 114

لا تقل)((1))، ولا يجوز الوقف عليها إذا كانت بمعني (ألَا) و(حقَّاً)، لأنَّها من تمام ما بعدها((2)).

وقد جاءت (كلَّا) بمعني الزجر والنفي في التوقيعات المهدوية في موضع واحد، وهو عندما تشاجر شخص مع جماعه من الشيعة في الخلف فذكر الشخص بأنَّ أبا محمّد (الحسن العسكري) مضي ولا خلف له، ثمّ إنَّهم كتبوا في ذلك كتاباً للإمام (عليه السلام) فورد الجواب: «... فلمَّا قبضَهُ الله إليه ظننتم أنَّ الله تعالي أبطل دينَهُ، وقطعَ السبب بينه وبين خلقه! كلَّا ما كان ذلك ولا يكون حتَّي تقوم الساعة، ويظهر أمر الله سبحانه وهم كارهون»((3)).

جاءت الأداة (كلَّا) بمعني النفي والزجر والردع، فإنَّ الإمام (عليه السلام) نفي وزجر ما يدَّعيه الشخص بأنَّ الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) استشهد ولم يبقَ له خلف من الأولاد، لأنَّ المعصوم هو حافظ الدين، ومبلِّغ الرسالة، وهو السبب والاتّصال بين الله تعالي وبين مخلوقاته، فلذا الإمام (عليه السلام) نفي ما ادَّعاه الشخص وزجر وردع مقالته، ثمّ إنَّ الإمام (عليه السلام) قال: ذلك لم يكن سابقاً في زمان، ولا يكون في المستقبل، حتَّي تقوم الساعة وهو يوم القيامة، وسوف يظهر أمر الله وهو ظهور الإمام (عليه السلام) من غيبته الكبري وهم كارهون، أي المخالفين والمنكرين مع كراهتهم لهذا الأمرِ الذي سوف يظهره الله تعالي حتَّي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، قال تعالي: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَي اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) [التوبة: 32].

* * *

ص: 116

وإنَّ الله يريد من العبد أن يطلب منه، جاء في رسائل الشريف المرتضي (ت 438ه-): (الدعاء: طلب أمر بالقول من الله تعالي)((1))، وهو بمنزلة الأمر والنهي، قال سيبويه: (واعلم أنَّ الدعاء بمنزله الأمر والنهي، وإنَّما قيل: (دعاء) لأنَّه استعظم أن يقال: أمر ونهي، وذلك قولك: (اللّهمّ زيداً فاغفر ذنبه))((2))، وإنَّما قيلِ: دعاءٌ وطلبٌ لأجل معناه، لأنَّك تطلب إلي من أنت دونه((3)).

وعُرِّفَ أيضاً بأنَّه: (كلام إنشائي، دالٌّ علي الطلب مع خضوع، ويُسمّي سؤالاً أيضاً)((4)).

والدعاء في لغة العرب من الأساليب الإنشائية الطلبية، وليس له صِيَغٌ قياسية عند النحاة، وإنَّما ألفاظ سماعية، لهم: غَفَرَ اللهُ لزيدٍ... إلي غير ذلك((5))، وهناك فرق بين النداء والدعاء، يقول أبو هلال العسكري (ت 400ه-): (إنَّ النداء هو رفع الصوت بما له معني، والعربي يقول لصاحبه: ناد معي ليكون أندي لصوتنا، أي أبعد له، والدعاء يكون برفع الصوت وخفضه، يقال: دعوته من بعيد، ودعوت الله في نفسي، ولا يقال: ناديته في نفسي، وأصل الدعاء طلب الفعل)((6))، ونقل في موضع آخر أنَّ النداء قد يكون بالإشارة من غير صوت ولا كلام، حيث قال: (النداء قد يكون بعلامة من غير صوت ولا كلام، ولكن بإشارة

ص: 118

تنبئ عن معني: تعالَ، ولذا لا يسند النداء إلي الله سبحانه بخلاف الدعاء، قال تعالي: (وَاللهُ يَدْعُوا إِلي دارِ السَّلامِ) [يونس: 25])((1)).

وإنَّ أُسلوب الدعاء في التوقيعات المهدوية تضمَّن ثلاثة عناصر: الداعي، والمدعوّ الذي هو الله سبحانه، والمدعوّ له أو عليه، وغالباً ما يكون الداعي هو المدعو له.

وإنَّ أُسلوب الدعاء جاء مع الجملة الاسمية، والجملة الفعلية، والمصدر، واسم الفعل، واسم المفعول:

ومنها: ما جاء في أحد أدعيته (عليه السلام): «إلهي وأنا عبَدُكَ وابنُ عبَدِكَ وابنُ أَمَتِكَ، معترفٌ لكَ بالعبوديةِ، مقرٌّ بأنَّكَ أنت خالقي»((1)).

جاء الدعاء بالجملة الاسمية المؤلَّفة من المبتدأ والخبر، يدلُّ علي التضرّع والاستكانة للهِ تعالي، والاعتراف بالعبودية، وأنَّه مخلوق لله تعالي، وهذه الأدعية خير دليل علي أنَّ الأئمّة (عليهم السلام) يعترفون بأنَّهم عبيد لله تعالي، ولم يدَّعوا منزلةً أُخري كما يقول أعداؤهم.

إنَّ الناسخ الذي جاء في الدعاء هو الأداة (إنَّ) التي تفيد التحقيق وتوكيد النسبة بين طرفي الجملة الاسمية((1))، وجاء الخبر بالفعل (أسألُ) دليل علي عظمة المدعوّ ورفعته، لأنَّ السؤال يستعمل في الداني بالنسبة إلي العالي((2))، وتكرار فعل السؤال في الدعاء يدلُّ علي شدَّة التضرّع والاستكانة للمدعوّ في استجابة الدعاء، ويدلُّ أيضاً علي أنَّ المسؤول هو أهلٌ للسؤال، وهو محطّ الأمل في الإجابة.

وهناك مواضع أُخر من الدعاء بالجملة الاسمية((3)).

منها: كتب له (عليه السلام) شخص وسأله أن يدعو الله له ليرزقه ولداً، فخرج له التوقيع: «اللّهمّ أُرزقه ولداً ذكراً تقرُّ به عينه، واجعل هذا الحمل الذي له وارثاً»((1)).

جاء الدعاء بصيغة (افْعَلْ) الدالّة علي الأمر المتمثّلة بالفعل (أُرزقه) و(اجعل)، وقد خرج الأمر عن معناه الحقيقي الدالّ علي طلب الفعل إلي معني آخر يفهم من السياق وهو الدعاء، لأنَّه طلب من الداني إلي العالي، وسبق بالنداء (اللّهمّ)، إذ هي لفظة تجمع الدعاء، فمن قال: (اللّهمّ) فقد دعا الله بجميع أسمائه الحسني((2)).

وأراد الإمام (عليه السلام) بدعائه لرزق الولد للرجل بأن يكون قارَّاً لعينه، لأنَّ بعض الناس يرزقها الله الولد لكنَّه يكون عاقَّاً لوالديه وليس بارَّاً بهما، لذا أكَّد الإمام (عليه السلام) علي هذا المعني في الدعاء، وأيضاً عطف الإمام (عليه السلام) علي الفعل الأوَّل (أُرزقه) بفعل الدعاء الثاني (اجعل) الذي أفاد الدعاء أيضاً بأن يجعل الولد وارثاً للرجل، لأنَّ السائل كان يولد له أولاد لكن يموتون وهم صغار، فلذا كرَّر الطلب للتأكيد علي كون الولد وارثاً لأبيه.

وقد تضمَّن الدعاء ثلاثة عناصر، وهما المدعوّ وهو الله تعالي، والداعي وهو الإمام (عليه السلام)، والمدعوّ له وهو الرجل صاحب المسألة.

ومنها: ما ورد في أحد أدعيته (عليه السلام): «يا من لا تُغيِّره الأيّام والليالي...، أسألك أن تُصلّي علي محمّد وآل محمّد خيرتك من خلقك، فَصَلِّ عليهم بأفضل صلواتك، وَصَلِِّ علي جميع النبيّين والمرسلين»((3)).

ص: 122

جاء الدعاء بفعل الأمر (فَصَلِّ)، وفعل الأمر (وَصَلِّ)، ومن خلال السياق فإنَّ فعلي الأمر دلَّا علي الدعاء، لأنَّه طلب من الداني إلي العالي، وجاء الفعل الأوَّل مقترناً بفاء السببية التي تختصُّ بدخولها علي الجمل، فتدخل علي ما هو جزاء مع تقدّم كلمة الشرط وبدونها، كما في موضع النصّ، وعلامته بأن يصلح تقدير (إذا) الشرطية قبل الفاء وجعل مضمون السابق شرطها((1))، فلذا يكون المعني هو أسألك إذا صلَّيت علي محمّد وآل محمّد خيرتك من خلقك فصلِّ عليهم بأفضل صلواتك، وكان السبب في طلب الإمام من الله تعالي أن يُصلّي بأفضل الصلوات لأنَّهم أفضل المخلوقات وأكملهم، ولذا إنَّه (عليه السلام) طلب من الله تعالي أيضاً الصلاة علي جميع الأنبياء والمرسلين، إلَّا أنَّهم لم يكونوا بأفضل من الرسول محمّد وآله، فكانت أفضل الصلوات مختصَّة بأفضل المخلوقات وهم محمّد وآل محمّد، وأيضاً نجد أنَّ الإمام (عليه السلام) كانت الصفة المميزة في أدعيته هي كثرة الصلاة علي محمّد وآل محمّد استجابةً لقوله تعالي: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَي النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56]، إذ أنَّ الصلاة عليه وآله أحد شروط استجابة الدعاء، لذا قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الدعاء محجوب حتَّي يُصلّي علي محمّد وأهل بيته، اللّهمّ صلِّ علي محمّد وآل محمّد»((2)).

وقد تضمَّن الدعاء عناصره الثلاثة، وهي المدعوّ وهو الله تعالي، والداعي وهو الإمام (عليه السلام)، والمدعوّ له وهم محمّد وآله، وجميع الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام).

ص: 123

ومنها: ما ورد عنه (عليه السلام) في أحد أدعيته: «يا ربِّ اغْفِرْ لي وارْحَمْ وتجاوز عمَّا تعلم، إنَّك أنت الأعزُّ الأكرم»((1)).

جاء الأمر في ثلاثة أفعال في هذا النصّ، وهي: (اغْفِرْ) و(ارْحَمْ) و(تجاوز)، وبحسب السياق دلَّت علي الدعاء، لأنَّه طلب من الداني إلي العالي، وفي هذا النصّ تضمَّن الدعاء عنصرين من عناصر الدعاء، وهما المدعوّ وهو الله تعالي، والداعي وهو الإمام (عليه السلام)، وقد تكرَّر الفعل بالدعاء، وهذا دليل علي التضرّع والخضوع لله تعالي.

وفي كثير من الأدعية نجد الإمام (عليه السلام) يطلب المغفرة والعفو وأن يتجاوز الله عنه مع علمنا بأنَّه معصوم، وهذا هو ديدن أهل البيت (عليهم السلام) في الأدعية، فذلك من باب تنزيل النفس منزلة المقصِّر في حقّ الله تعالي، وذلك يكون أقوي في حثِّ الناس وتعليمهم علي السعي في طاعة الله (عزّ وجلّ).

وجاءت الموارد الأُخري بنفس التراكيب المتقدّمة من الدعاء((2)).

جاء الدعاء بهذه الصيغة في الموردين، وهو ما جاء في دعائه (عليه السلام) عقيب الزيارة المعروفة بزيارة (آل يس)، وهو قوله: «اللّهمّ إنّي أسألك أن تُصلّي علي محمّد وآل محمّد حتَّي ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك، فلْتَسَعْني رحمتك يا وليُّ يا حميدٌ»((1)).

فجاء الدعاء بلام الأمر الداخلة علي الفعل المضارع (فلتسعني)، وجاءت اللام ساكنة مع كونها بالأصل مكسورة، وذلك لأنَّها جاءت بعد (الفاء)، والتسكين فيها أكثر، قال رضي الدين: (وقد تسكن بعد الواو، والفاء، وثُمَّ...، وهو بعد الواو والفاء أكثر، لكون اتّصالهما أشدّ، ولكونهما علي حرف واحد، فصار الواو والفاء مع اللام بعدهما وحرف المضارعة ككلمة علي وزن فخذ وكتف فتخفَّف بحذف الكسر)((2))، والفاء في فعل الدعاء (فليسعني) فاء السببية وتختصُّ بالجمل، فتدخل علي ما هو جزاء مع تقدّم الشرط وبدونها كما في موضع النصّ، وعلامته بأن يصلح تقدير (إذا) الشرطية قبل (الفاء) وجعل مضمون السابق شرطها((3))، فلذا يكون المعني هو: إذا وفيت بعهدك وميثاقك فلتسعني رحمتك يا وليُّ يا حميدُ.

وجاء المورد الآخر من هذه الصيغة بهذا التركيب نفسه((4)).

منها: ما جاء في أحد أدعيته (عليه السلام): «يا رحمانُ، يا رحيمُ، يا أرحمَ الراحمين، لا تمتحنّي في هذه الدنيا بشيء من المِحَنِ، ولا تُسَلِّطْ عليَّ من لا يرحمني، ولا تهلكني بذنوبي»((1)).

جاء النهي بلا الناهية الداخلة علي الأفعال (تمتحنّي) و(تسلّط) و(تهلكني)، وقد أفادت معني الدعاء، وقال سيبويه في حديثه عن (لا): (واعلم أنَّ (لا) في الدعاء بمنزلتها في النهي إذ تعمل عملها)((2))، فالأفعال الثلاثة جاءت مجزومه ب- (لا) الناهية التي أفادت الدعاء بحسب السياق والقرائن، حيث يدعو الإمام (عليه السلام) وقد قدَّم عدَّة نداءات وهي: (يا رحمانُ) و(يا رحيمُ) و(يا أرحمَ الراحمين)، لشدَّة احتياجه للمدعوّ بأن يستجيب دعائه.

وجاءت الموارد الأُخري من الدعاء بصيغة النهي بالتركيب المتقدّم نفسه((3)).

فلم تُجِبْهُ؟ ومَنْ ذا الذي سألك فلم تُعْطِهِ؟ ومَنْ ذا الذي ناجاك فخيَّبته؟»((1)).

وهنا خرج الاستفهام إلي معني الدعاء في التضرّع والاستكانة إلي الله تعالي، لأنَّ الإمام (عليه السلام) لم يطلب الفهم والاستعلام عن الذي دعا الله ولم يجبه، أو الذي سأله ولم يعطه، أو الذي ناجاه فخيَّبه، وهو عالم بأنَّ الله لم يدعه أحد وخيَّبه أو ردَّه فإنَّه الكريم المتفضِّل علي العباد.

جاء الدعاء بالمصادر (تسليماً) و(رضاءً)، وهما يدلَّان علي الدعاء لصاحب العزاء، لأنَّ المدعوّ له كان صالحاً، والمصادر حذفت أفعالها، وهي منصوبة، والنصب فيها بفعل مضمر متروك إظهاره، لأنَّها صارت بدلاً من الفعل، قال سيبويه: (إذا ذُكِرَ مذكور فدعوت له أو عليه علي إضمار الفعل)((1))، (فهذه المصادر كلّها منصوبة بفعل محذوف قُصِدَ به الدعاء)((2)).

3 _ منقول عن كلمتين رُكِّبا تركيباً مزجياً: كحيهل، بمعني أقبل مسرعاً، من (حيّ) بمعني أقبل، (وهلَّا) بمعني أسرع، فلمَّا رُكِّبَت حُذِفَ ألفها((1)).

ورد عنه (عليه السلام) في ذمّ ولعن المنحرفين: «وأمَّا أبو الخطّاب محمّد بن أبي زينب الأجدع فملعون، وأصحابه ملعونون، فلا تجالس أهل مقالتهم»((1)).

جاء الدعاء علي المنحرفين باسم المفعول (ملعون)، وهو أفاد معني الدعاء عليه، لأنَّ اللعن معناه الدعاء عليه((2))، والطرد من رحمة الله تعالي.

* * *

ص: 131

ص: 132

ص: 134

وهو كثير الدوران في كلام العرب، إذ يستعمل في أوَّل كلّ كلام لعطف المخاطب علي المتكلِّم)((1))، وقال في موضع آخر: (ومع كثرة (النداء) في الكلام فهو ليس مقصوداً بالذات، بل هو لتنبيه المخاطب ليصغي إلي ما يجيء بعده من الكلام المنادي له، فأنت تلجأ إلي النداء لتنبيه المخاطب وعطفه عليك حتَّي تخصّه من بين الناس بأمرك أو نهيك أو استفهامك أو خبرك)((2)).

والنداء مَدُّ الصوت لنداء البعيد، فقد روي أنَّ أعرابياً قال لرسول الله (صلّي الله عليه وآله): (أقريب ربّنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟)، فنزلت الآية الكريمة: (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) [البقرة: 186]، ف- (النداء): مخاطبة الأبعد، و(المناجاة): مخاطبة الأقرب((3)).

فاتَّضح ممَّا تقدَّم أنَّ النداء يستعمله المنادي إذا كان يريد أن يخبر أو يأمر أو ينهي أو يستفهم أو غير ذلك، وكان المنادي عليه غافلاً أو غير ملتفت، فيناديه حتَّي يصغي إليه ويقبل عليه.

يستعمل لنداء القريب، وهي: (الهمزة، أيّ)((1))، ومنها ما يستعمل لنداء البعيد ومن بحكمه، وهي: (يا، أيا، هيَّا، وآ، آي)، (لأنَّ البعيد يحتاج لمدِّ الصوت ليستمع، وهذه الأدوات مشتملة علي حرف المدِّ)((2)).

وقد يستعملون ما للقريب للبعيد وبالعكس لأغراض مجازية((3))، وأمَّا الأداة (وا) فتستعمل في الندبة، وقد تخرج عنها إلي النداء والاستغاثة والتعجّب((4)).

ولم يأتِ في التوقيعات المهدوية إلَّا النداء ب- ( يا)، وسأقصر حديثي عنها.

وذكر ابن جنّي (ت 392ه-) أنَّ الأداة (يا) تكون للتنبيه والنداء، وقد تُجرَّد للتنبيه فقط((1))، ولذا اختلف النحاة في معناها إن وَلِيَها أمر أو دعاء أو ليت أو رُبَّ أو حبَّذا، فهي حرف تنبيه عند من لا يجيز حذف المنادي، وحرف نداء والمنادي محذوف عند آخرين((2)). ومن المحدِّثين من ذهب إلي أنَّ كلا الرأيين مقبول، ولكن الأوَّل أولي لصلاحيته لكلّ الاحتمالات((3)).

واختلف النحاة في أصل الأداة (يا) أنَّها تستعمل للقريب والبعيد علي السواء أو للبعيد حقيقةً أو حكماً، وأنَّ استعمالها في نداء القريب الفطن إنَّما هو من المجاز الذي يراد به التأكيد، يقول الزمخشري: ((يا) حرف وُضِعَ في أصله لنداء البعيد، صوت يهتف به الرجل بمن يناديه...، فإذا نودي به القريب المفاطن فذلك للتأكيد المؤِذن بأنَّ الخطاب الذي يتلوه معنيٌّ به جدَّاً)((4)).

وقد ذكر السيوطي (ت 911ه-) أنَّ استعمال (يا) في نداء القريب لنكت تفيد معاني مجازية، يقول: (أصل النداء ب- (يا) أن تكون للبعيد حقيقةً أو حكماً، وقد ينادي بها القريب لنكت)((5)).

وذهبت طائفة أُخري من النحاة إلي أنَّ (يا) موضوعة لنداء القريب والبعيد علي السواء، يقول المبرّد (ت 285ه-): (إذا كان صاحبها قريباً منك أو

ص: 138

بعيداً ناديته ب- (يا))((1))، وهذا ما ذهب إليه الدكتور مهدي المخزومي، فقال: (وينادي بها القريب والبعيد، لأنَّها تنتهي بصوت مدّ، يعين علي مدِّ الصوت وإيصاله إلي المنادي البعيد)((2))، ولكن الدكتور قيس الأوسي يري بأنَّ الأداة (يا) لا تستعمل للقريب والبعيد علي السواء، فقال: (والذي أراه أنَّ استعمال (يا) في نداء البعيد والقريب ليس علي السواء، وإنَّما الأصل فيها أن تستعمل لنداء البعيد، يؤيّد ذلك أنَّها تنتهي ب- (الألف) الملازمه لمدّ الصوت، وأنَّ استعمالها في نداء القريب إنَّما لإفادة معني التوكيد في تنبيه المخاطب)((3)).

ويري الباحث بأنَّ الأداة (يا) تستعمل للقريب والبعيد علي السواء، واستعمالها فيهما استعمال حقيقي، لأنَّ الفائدة من النداء هو الإقبال وتنبيه المدعوّ غير الملتفت والغافل سواء أكان بعيداً أم قريباً، وربَّما استعملت (يا) لنداء القريب مجازاً، وهو شائع في كلام العرب، مثلما يستعملون الهمزة لنداء البعيد مجازاً، وذلك لتنزيله منزلة القريب، كما في نداء الموتي مثلاً.

أوَّلاً: العامل في المنادي فعل مضمر وجوباً، قال سيبويه: (وممَّا ينتصب في غير الأمر والنهي علي الفعل المتروك إظهارُهُ قولك: يا عبدَ اللهِ، والنداء كلُّهُ...، حذفوا الفعل لكثرة استعمالهم هذا في الكلام، وصار (يا) بدلاً من اللفظ بالفعل، كأنَّه قال: (يا)، أُريد عبدَ اللهِ، فحُذِفَ (أُريد) وصارت (يا) بدلاً منها)((1))، وعُلِّلَ سَبَبُ الإضمار بما يأتي((2)):

1 _ ظهور معني الفعل المضمر.

2 _ النداء يفيد الإنشاء، وإظهار الفعل يوهم الإخبار، فتحاشوا إظهارَهُ.

3 _ طلب الخفَّة، لأنَّ كثرة الاستعمال مظنَّة التخفيف.

4 _ حرف النداء عوض عن الفعل، فلا يُجْمَعُ بين العوض والعوض منه.

ثانياً: العامل فيه معنوي وهو القصد، ورُدَّ هذا لعدم وروده في عوامل النصب((3)).

ثالثاً: العامل فيه حرف النداء النائب مناب الفعل، فسدَّ مسدَّه في اللفظ والعمل((4)).

رابعاً: إنَّ أدوات النداء أسماء أفعالٍ بمعني أدعو، لذا لا حذف ولا تقدير ولا نيابة((5)).

ص: 140

ووافق الدكتور المخزومي النحاة في نصب المنادي، لكنَّه اختلف في الناصب له، فجاء: (وحقّ المنادي أن يُنصَب، لا لأنَّه مفعول (أدعو) أو (أدعوا) التي نابت (يا) عنها كما زعموا، ولا لأنَّ هنالك عاملاً يقتضي نصبه، بل يُنصَب لأنَّه لم يدخل في إسناد، ولا إضافة، وكلّ ما كان كذلك نُصِبَ في وصل الكلام)((1)).

وأمَّا الدكتور قيس الأوسي فقد ذهب مذهباً يغاير النحاة، إذ يري أنَّ الرفع هو الأصل في حركة المنادي، فقد جاء: (والذي أراه في موضوع (النداء) أنَّ العلامات الإعرابية قد وُجِدَت في العربية للدلالة علي المعاني الوظيفية لأجزاء العبارة، وأنَّ (الرفع) هو (علم كون الاسم عمدة الكلام)، والمرفوع هو عمدة الكلام كالفاعل والمبتدأ والخبر، والبواقي محمولة عليها، وعلي هذا الأساس نستطيع أن نقول: إنَّ الرفع هو الأصل في حركة المنادي، وأنَّ المنادي محمول في رفعه علي عمد الكلام)((2)).

وخلاصة الأمر يمكن أن نقول: إنَّ تقدير القدامي لفعل محذوف ثابت عنه الأداة (يا) لا وجه له من الصواب، ذلك أنَّ أُسلوب النداء أُسلوب إنشائي لا يحتمل صدقاً ولا كذباً، وحين تقدّر فعلاً يتحوَّل هذا إلي أُسلوب خبري وهو غير المقصود، لذا يمكن القول إنَّ ما ذهب إليه الدكتور مهدي المخزومي يُمَثِّلُ وجهاً مقبولاً، لأنَّ المنادي ليس طرفاً في الإسناد فيرفع، ولا طرفاً في الإضافة فيجرّ، فلم يبقَ إلَّا النصب.

ص: 141

فحقّه النصب، وإذا كان المنادي معرفة لم ينوَّن، لأنَّ التنوين علم التنكير، فلو أُريد إلي نصبه غير منوَّن، ولا مضاف لاشتبه بالمنادي المضاف إلي ياء المتكلِّم في بعض حالاته...، فلزم (الضمّ) إتّقاءً لمثل هذه الشبه)((1)).

وقد تقدَّم رأي الدكتور قيس الأوسي بأنَّ الرفع هو الأصل في حركة المنادي((2))، ويري الباحث أنَّ ما ذهب إليه الدكتور المخزومي متابعاً للبصريين له وجه من الصواب، لأنَّه بعد توجيه حالة النصب في المنادي فإنَّ المفرد المعرفة لا ينوَّن لأنَّ التنوين علامة للتنكير، فلو أُريد ترك الفتحة عليه من دون تنوين لاشتبه بالمنادي المضاف إلي ياء المتكلِّم عند قلبها ألفاً وحذف الألف وإبقاء فتحة دليلاً علي الألف.

وقد ورد نداء العَلَم في التوقيعات المهدوية في ثلاثة عشر موضعاً، ومن ذلك:

1 _ قوله (عليه السلام) لعمّه جعفر بن محمّد الهادي (عليه السلام) عندما نازع الإمام (عليه السلام) في الميراث بعد استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): «يا جعفرُ، ما لك تعرض في حقوقي؟»((3)).

المنادي (جعفر) مبني علي الضمّ، لأنَّه اسم معرفة علم وقد سبق بأداة النداء (يا) زجراً وتنبيهاً علي أمر مهمّ((4))، وهو إنكار جعفر أن يكون للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وارث غيره، وأنَّ الميراث يقسَّم علي

ص: 144

طبقات، فالطبقة الأُولي هم الآباء والأبناء، والطبقة الثانية هم الإخوة والأجداد، والطبقة الثالثة هم الأعمام والأخوال، ولا ترث الطبقة اللاحقة إلَّا عند عدم وجود أفراد من الطبقة السابقة، وإنَّ جعفر ابن الإمام (عليه السلام) الهادي هو أخ الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، فهو من الطبقة الثانية، ولا ترث هذه الطبقة إلَّا إذا لم يكن للميّت ولد((1)).

وجاء بعد النداء استفهام بالأداة (ما)، وهنا خرجت عن أُسلوب الاستفهام وأفادت معني التعجّب، كما ورد في القرآن حكاية عن سليمان (عليه السلام): (ما لِيَ لا أَرَي الْهُدْهُدَ) [النمل: 20]((2)).

2 _ وقوله (عليه السلام) لعمّه جعفر ابن الإمام الهادي (عليه السلام) عندما توفّيت جدَّة الإمام المهدي (عليه السلام) أُمّ الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، وأوصت أن تُدفَن في الدار، فنازعهم جعفر، وقال: هي داري لا تدفن فيها، فجاء عن الإمام (عليه السلام): «يا جعفرُ، أدارك هي؟»((3)).

المنادي (جعفر) مبني علي الضمّ لأنَّه اسم معرفة علم، وقد سبق بالأداة (يا) لكون الخطاب المتلوّ معني به، كما جاء في قوله تعالي: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) [النساء: 1]((4))، وجاء بعد المنادي استفهام بالهمزة، وهنا خرج عن الاستفهام الحقيقي إلي المجازي الذي يُفهَم من السياق، والمعني العامّ، وهنا دلَّ علي التنبيه علي الباطل، وإنَّ دعواه بغير

ص: 145

حقّ، كما ورد في قوله تعالي: (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ) [يونس: 42]((1))، وأيضاً يفيد الاستفهام هنا تقوية الإنكار.

3 _ كتب له (عليه السلام) رجلان في دعاء لحمل لهما، فخرج التوقيع بالدعاء لواحد منهما، وخرج للآخر: «يا حمدانُ، آجرك الله»، فأسقطت امرأته وولد للآخر ولد((2)).

والمنادي (حمدان) وهو مبني علي الضمّ لأنَّه اسم علم وقد سبق بأداة النداء (يا) لكون الخطاب المتلوّ معني به، وهو (آجرك الله) جمله فعلية وفعلها ماض، وتدلُّ علي الدعاء، لأنَّ أصله (ليأجرك الله)، وعدل به للإخبار بالماضي تحقيقاً بوقوعه أنَّ هذا ثابت بإذن الله تعالي((3)).

4 _ توفّي شخص وأوصي إلي ابنه بأن يسلِّم المال إلي صاحب الزمان (عليه السلام)، وقال له: اتَّق الله في هذا المال، فجاء توقيع إلي الابن: «يا محمّد، كذا وكذا في جوف كذا وكذا» حتَّي قصَّ عليَّ جميع ما معي ممَّا لم أحط به علماً، فسلَّمته إلي الرسول، وبقيت أيّاماً لا يرفع لي رأس واغتممت، فخرج إليَّ: «قد أقمناك مكان أبيك فاحمد الله»((4)).

المنادي (محمّد) مبني علي الضمّ لأنَّه اسم معرفة علم وقد سبق بالأداء (يا)، وقد جاء بعد النداء إخبار وهو للتنبيه وبيان عظم المنادي وعلمه.

ص: 146

وجاءت الموارد الأُخري لنداء العَلَم بهذه الأساليب، وهي الدعاء والإخبار والاستفهام، وعليه إنَّ جميع ما جاء من نداء العَلَم في التوقيعات المهدوية كانت لأجل موضوعات مهمّة، وهي إمَّا الاستفهام أو للدعاء أو الإخبار عن شيء((1)).

جنسه ولا تخصُّ به واحداً دون آخر)((1))، لكنَّ إذا دخل عليه أحد أحرف النداء وقصد بعينه للمنادي فإنَّه سوف يتعرَّف ويصبح من المعارف بسبب النداء والإقبال عليه، ولذا فهو يبني كما يبني العلم والمعارف الأُخري وبعض النحاة (سوي بين العلم والنكرة في أنَّ كلّ واحد منهما قد تعرَّف بوقوعه موقع أسماء الخطاب وبني لذلك)((2)).

وقد ورد نداء النكرة المقصودة في التوقيعات المهدوية في خمسة وثلاثين موضعاً، أربعة وثلاثين موضعاً في نداء صفات الله تعالي التي يدلُّ بالإقبال والقصد علي فرد معروف وهو الله سبحانه وتعالي بعد أن كانت يوصف بها الله تعالي وغيره((3))، (المنادي (كريم) مبني علي الضمّ لأنَّه نكرة مقصودة مقبلاً عليها إذ دلَّت بالإقبال والقصد علي الله سبحانه)((4)).

ومن المواضع التي ورد فيها النداء النكرة المقصودة في التوقيعات المهدوية:

أ) عندما دفع بعض المؤمنين مالاً إلي شخص لكي يحجّ حجَّاً مندوباً عن صاحب الزمان (عليه السلام)، فأعطي قسماً منها إلي أحد أولاده الذي كان فاسقاً، وذهب هو للحجّ، فخرج إليه: «يا شيخ، أمَا تستحي؟ يُدفَع إليك حجَّة عمَّن تعلم، فتدفع منها إلي فاسق شارب للخمر»((5)).

ص: 148

المنادي (شيخ) نكرة مقصودة، إذ دلَّ بالقصد علي فرد معروف معيَّن، وهو مبني علي الضمّ، وقد سبق بأداة النداء (يا)، وخرج لفظ النداء عن معناه الأصلي إلي معني آخر يفهم من السياق وهو الزجر((1)) واللوم والتقريع، ومجيء الاستفهام بعد النداء في هذا السياق أفاد الاستفهام الإنكاري والتوبيخي. وقال ابن هشام: إنَّ مثل هذا الاستفهام يفيد الإنكار التوبيخي ويقتضي أنَّ ما بعد الاستفهام واقع وأنَّ فاعله ملوم((2)).

ب) نداء النكرة المقصودة وهي صفات الله تعالي، وجاءت في الأدعية المهدوية:

منها: قوله (عليه السلام): «يا ماجد، يا جواد، يا ذا الجلال والإكرام، يا بطّاش، يا ذا البطش الشديد، يا فعَّالاً لما يريد، يا ذا القوَّة المتين، يا روؤف، يا رحيم، يا حيّ حين لا حيّ»((3)).

جاءت عدَّة نكرات مقصودة بالنداء، وهي: (يا ماجد، يا بطّاش، يا روؤف، يا رحيم، يا حيّ)، وهي نكرة مقصودة مبنيّة علي الضمّ، إذ دلَّ بالإقبال والقصد علي الله سبحانه وتعالي، وأفادت معني الدعاء.

من خلال السياق في هذا النداء نجد أنَّ الإمام (عليه السلام) قد كرَّر النداء في دعائه، وتكرار النداء يدلُّ علي تمسّك الداعي بمن يدعوه، جاء في تفسير الكشّاف: (والدعاء المكرَّر دليل علي التضرّع واللجأ إلي الله تعالي)((4))، وتكرار حرف النداء يدلُّ علي أنَّ كلّ صفة من الصفات تمثِّل نداءً مستقلَّاً ولها أثر يختلف عن الأُخريات في هذا الدعاء.

ص: 149

ومنها: ما ورد أيضاً في الأدعية المهدوية: «إلهي وأسألك باسمك الذي سألك به يعقوب...، وكنت منه قريباً يا قريبُ أن تصلّي علي محمّد وآل محمّد)((1)).

المنادي (قريب) مبني علي الضمّ لأنَّه نكرة مقصودة مقبلاً عليها، دلَّ بالإقبال والقصد علي الله سبحانه، وأفادت معني الدعاء والمدح من خلال ذكر صفات الله تعالي الكمالية.

وممَّا تقدَّم نجد أنَّ معظم نداء النكرات المقصودة هي جاءت بصفات الله تعالي وهي صفات فعل، ويقصد بها الصفات التي لها علاقة بأفعال الله، أي لا تطلق عليه قبل صدور الفعل منه، فجاء في نفحات القرآن: (صفات الفعل: وهي الصفات التي تطلق عليه بملاحظة صدور فعل معيَّن من ذاته المقدَّسة كالخالق والرازق، فمن المسلَّم أنَّ هذه الصفة لم تكن لتطلق عليه قبل أن يخلق مخلوقاً ويرزقه، وعليه فصفات الفعل حادثة وهي ليست نفس ذات الله)((2)).

وهذه الصفات تنسب لله تعالي والعباد، فجاءت بالقرآن الكريم وصف لغير الله تعالي، فمثلاً صفة (رحيم) وصف بها الرسول الأكرم حيث جاء: (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 128]، وكذلك صفة الرزق، مثل قوله: (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال: 4]، وأحياناً صفة للملائكة، مثل قوله: (مَلَكٌ كَرِيمٌ) [يوسف: 31]، وأحياناً صفه القرآن، مثل قوله: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) [الواقعه: 77].

ص: 150

وجاءت بقيّة النكرات المقصودة بنداء صفات الله تعالي، وقد أفادت المدح والثناء والدعاء((1)).

الجلالة (الله) حيث قال: (وأري أنَّ ما ذهب إليه البصريّون من منع الجمع بين (يا) و(أل) التعريف هو الصحيح، ويؤيّدهم في ذلك الاستخدام اللغوي، فلا يقال: (يا الرجل) حيث يلتقي فيه ساكنان: ألف (يا) ولام (أل)، فكان يلزم حذف الألف من (يا) لالتقاء الساكنين، وإذا حذفت الألف لم يعد في (يا) ما يعينها علي تأدية وظيفتها في مدِّ الصوت ورفعه، ولم يمتنع عندهم (يا ألله) لأنَّ الأكثر فيه قطع همزة (ألله)، وعلي هذا لا يلتقي فيه ساكنان، ومن ثَمَّ لا إشكال في اجتماع (يا) و(أل) فيه، بعكس (يا الرجل) وسائر المناديات المعرَّفة ب- (أل) فإنَّ الهمزة في (أل) التعريف همزة وصل وتسقط في درج الكلام)((1)).

ويري الباحث بأنَّ ما ذهب إليه البصريّون والدكتور الأوسي هو الصواب، لأنَّ النداء يفيد التعريف والإقبال علي شخص المنادي عليه، و(أل) للتعريف، فلا يجتمع علي الاسم الواحد تعريفان، وأمَّا لفظ الجلالة (ألله) فإنَّه يجوز نداءه لأنَّ الألف واللام ليست للتعريف.

وقد ورد نداء لفظ الجلالة بهذا الأُسلوب في التوقيعات المهدوية في موضع واحد، وهو ما ورد عنه (عليه السلام) في الأدعية المهدوية: «يا ألله، افْعَلْ بي ما أنت أهله»((2)).

المنادي لفظ الجلالة (ألله) جاء مبنيَّاً علي الضمّ، وأداة النداء (يا) تجرَّدت من التنبيه إلي النداء المقصود به الدعاء والتضرّع والخضوع لله (عزّ وجلّ)((3))، لأنَّه لا يمكن تنبيه الله (عزّ وجلّ).

ص: 152

ومن الملاحظ أنَّ النداء بهذا الأُسلوب جاء مرَّة واحدة، بينما نجد أنَّ الدعاء بأُسلوب (اللّهمّ) و(إلهي) و(ربّ) جاء عشرات المرَّات في الأدعية، وذلك لأنَّ في هذه الأساليب جرساً خاصَّاً وفخامةً وروعةً لا يحسُّ بها في (يا ألله)((1)).

ثانيهما: أمَّا الأُسلوب الآخر لنداء لفظ الجلالة فهو (اللّهمّ)، وهو لفظ خاصّ في نداء الله سبحانه وتعالي، واختلف في تركيبه، فذهب البصريّون إلي أنَّ الميم المشدَّدة في (اللّهمّ) عوض عن (يا) في (يا الله)، قال الخليل (ت 175ه-): (اللّهمّ نداء، والميم ها هنا بدل من يا)((2))، أُخِّرَ تبرّكاً بالابتداء باسم الله تعالي((3))، لذا (لا يجوز الجمع بينهما)((4))، وتسمّي هذه الميم (ميم الجمعِ بين الأسماء الحسني والصفات العُلا)((5)).

أمَّا الكوفيّون فذهبوا خلاف ذلك، وأصله عندهم (يا ألله أُمّنا بخير)، قال الفرّاء (ت 207ه-): (اللّهمّ كلمة نصبها العرب...، ونري أنَّها كانت كلمة ضمّ إليها أُمّ تريد: يا ألله أُمّنا بخير، فكثرت في الكلام فاختلطت، فالرفعة التي في الهاء من همزة أُمّ لمَّا تركت انتقلت إلي ما قبلها)((6)).

وقد ردَّ الزجّاج (ت 311ه-) رأي الفرّاء قائلاً: (وزعم أنَّ الضمَّة التي في الهاء ضمَّة الهمزة التي كانت في أُمّ، وهذا محال أن يُترَك

ص: 153

الضمّ الذي هو دليل علي النداء للمفرد، وأن يُجعَل في الله ضمَّة (أُمّ) هذا إلحادُ في (اسم الله (عزّ وجلّ)))((1))، وكذلك رُدَّ رأيه لأنَّك تقول: اللّهمَّ لا تؤمَهُم بخير((2)).

ويري الدكتور قيس الأوسي أنَّ الخوض والاختلاف في أصل (اللّهمّ) لن ينفع في شيء، فقال: (وأري أنَّ الخوض والاختلاف في أصل (اللّهمّ) في الدراسات النحوية المعاصرة لن ينفع في شيء، ويكفي في (اللّهمّ) القول: إنَّه من الأسماء المختصَّة بالنداء، ودلالته علي النداء واضحة، وهو لا يحتاج في ذلك إلي استعمال أداة معه)((3))، وهذا هو ما نراه صواباً.

وهنالك دراسات حديثة دلَّت علي أنَّ أصل (اللّهمّ) عبري وهو (ألوهيم) وتعني (الآلهة)، والمراد به الواحد، وإنَّما جمعوه للتعظيم((4))، وهذا يدلُّ علي أنَّ الميم ليست بقايا كلمة أُمّ كما زعم الفرّاء((5)).

وتحمل لفظة (اللّهمّ) جرساً خاصَّاً (فخامةً وروعةً لا تحسُّ بها في يا الله)((6)).

وقد ورد النداء ب- (اللّهمّ) في التوقيعات المهدوية في ثمانية وعشرين موضعاً، وردت في عدَّة سياقات، وهي:

1 _ النداء ب- (اللّهمّ) وبعدها فعل أمر: وقد وردت في ستَّة عشر

ص: 154

موضعاً، منها: ما جاء في جوابه (عليه السلام) لمن سأله عن كيفية التوجه للصلاة: «وجهت وجهي للذي فطر...، اللّهمّ اجعلني من المسلمين»((1)).

جاء النداء ب- (اللّهمّ) وبعدها فعل أمر، وهنا خرج النداء للدعاء بفعل الأمر (اجعلني)، وهو طلب من الداني إلي العالي، وإنَّ صيغه الأمر والدعاء واحدة، لأنَّ كلَّاً منهما طلب وإنَّما يتفاوتان بالرتبة((2)).

ومن خلال تتبّع النصوص الواردة في هذا السياق نجد أنَّه أكثر السياقات وروداً في التوقيعات المهدوية، ويلاحظ أيضاً أنَّه قد عطف كثيراً علي فعل الأمر بأفعال الأمر كذلك التي تفيد الدعاء، فمثلاً ما ورد عنه (عليه السلام) في دعاءه: «اللّهمّ أحجبني عن عيون أعدائي، واجمع بيني وبين أوليائي، وأنجز لي ما وعدتني، واحفظني في غيبتي إلي أن تأذن لي في ظهوري، وأحي بي ما درس من فروضك وسُنَّتك، وعجِّل فرجي، وسهِّل مخرجي...»((3)).

2 _ النداء ب- (اللّهمّ) وبعدها فعل ماضي: وقد ورد بهذا الأُسلوب في موضع واحد، وذلك في دعائه (عليه السلام): «اللّهمّ إليك رُفِعَت الأصوات، ولك عنَّت الوجوه، ولك خضعت الرقاب، وإليك التحاكم في الأعمال...»((4)).

لفظ الجلالة (الله) من (اللّهمّ) مبني علي الضمّ في محلّ نصب منادي، وجاءت بعدها جملة فعلية فعلها ماض أفادت الدعاء، وقد تقدَّم

ص: 155

معمول الفعل الماضي عليه، وقد أفاد معني التخصيص والحصر، أي تخصيص رفع الأصوات إلي الله سبحانه وتعالي. وأيضاً يلاحظ قد تكرَّر العطف علي الجملة الفعلية الأُولي بجملٍ فعلية عديدة وكلّها تفيد الدعاء، وهذا يعطي فائدة التأكيد والإلحاح علي الله تعالي.

3 _ النداء ب- (اللّهمّ) وبعدها فعل مضارع: وقد ورد النداء بهذا الأُسلوب في موضع واحد، وذلك في دعائه (عليه السلام): «اللّهمّ بك أعوذُ، وبك ألوذُ، ولك أعبدُ، وأيّاك أرجو، وبك أستعينُ، وبك أستكفي، وبك أستغيثُ، وبك أستنقذُ، ومنك أسألُ»((1)).

جاء النداء بصيغة (اللّهمّ) وبعده فعل مضارع (أعوذ)، وقد تقدَّم عليه المعمول (بك)، وهذا يدلُّ علي الاختصاص والحصر، أي العوذ والالتجاء محصوراً بالله تعالي، وأيضاً قد عطف علي الفعل جمل فعلية متعدّدة وأفعالها مضارعة وتفيد الدعاء والتضرّع إلي الله سبحانه.

4 _ جملة فعلية فعلها أمر يفيد الدعاء وبعدها النداء بصيغة (اللّهمّ): وجاءت في مورد واحد، وهو ما جاء في تعليمه (عليه السلام) للأصحاب كيفية الزيارة، وهي المعروفة زيارة (آل ياسين): «واجعلني اللّهمّ من أنصاره وأعوانه وأتباعه وشيعته»((2)).

تقدَّم فعل الأمر (اجعلني) الذي يفيد الدعاء لأنَّه أمر من الداني إلي العالي علي صيغة (اللّهمّ) يدلُّ علي تأكيد الجعل والكون من الأنصار والأعوان والأتباع.

ص: 156

5 _ النداء ب- (اللّهمّ) وبعدها جملة اسمية: وجاءت في تسعة مواضع في التوقيعات المهدوية، منها ما جاء في الدعاء عندما يريد الاستخارة: «اللّهمّ إنّي أستخيرك برحمتك خيرة في عافية»((1)).

جاءت بعد (اللّهمّ) جملة اسمية مقيَّدة بالناسخ (إنَّ) الذي يفيد التوكيد وتحقيق النسبة بين طرفي الجملة الاسمية((2))، وقد جاء النداء بهذا التركيب في جميع المواضع التسعة وهو النداء ب- (اللّهمّ)، وجملة اسمية مقيَّدة بالناسخ (إنَّ)، وخبرها فعل مضارع يفيد الدعاء.

وأمَّا الزجّاج (ت 311ه-) فقد جزم بأنَّ (فاطر) صفة (اللّهمّ)((1)).

وقد حقّق أبو علي الفارسي (ت 377ه-) ذلك بقوله: (إنَّ النداء أصله ألَّا يوصف، لأنَّه واقع موقع المضمر، والمضمر لا يوصف، فكان حكمه ذلك، إلَّا أنَّهم وصفوه، لأنَّ فيه شبهاً واحداًبالمضمر، لمَّا انضمَّت (الميم) إلي (اللّهمّ) كانت هذه الياء أيضاً شبهاً آخر، لأنَّه ضُمَّ إلي الصوت، فصار فيها شبهاً فامتنع)((2)).

وذكر الرضي أنَّه لا يري في الأسماء المختصَّة بالنداء مانعاً من الوصف إلَّا أنَّ السماع مفقود فيها((3)).

وقد ورد هذا في التوقيعات المهدوية في أدعية الإمام (عليه السلام) بقوله: (اللّهمّ مالِكَ الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممَّن تشاء، وتعزُّ من تشاء، وتذلُّ من تشاء بيدك الخير...)((4)).

لفظ الجلالة (الله) من (اللّهمّ) مبني علي الضمّ في محلّ نصب منادي (لأنَّه وقع عليه الإعراب)((5))، و(مالك الملك) نداءٌ ثانٍ، وهو منصوبٌ لأنَّه منادي مضاف، هذا علي مذهب سيبويه، ولا يجوز أن يكون صفة (اللّهمّ) لأنَّه أشبه الأصوات من أجل ما لحقه((6)).

ويجوز علي رأي المبرّد (ت 285ه-) أن تكون صفات منصوبة علي محلّ (اللّهمّ).

ص: 158

أمَّا علي رأي الزجّاج (ت 311ه-) فهي صفات: (وذلك أنَّ الاسم ومعه الميم بمنزلته ومعه (يا)، فلا تُمنَع الصفة مع الميم كما لا تُمنَع مع (يا))((1)).

المنادي (مَنْ) وهو اسم موصول بمعني (الذي) مبني علي الضمّ المقدَّر، منع من ظهوره علامة البناء الأصلية، والمنادي المبني قبل النداء ومنه الاسم الموصول (مَنْ) يكون بعد حرف النداء مبنياً علي ضمّ مقدَّر منع من ظهوره علامة البناء الأصلي((1)).

وجاء النداء بالأداة (يا) مع قرب المنادي تعظيماً لشأن المدعوّ((2))، وقد تعيَّن المنادي من خلال الجملة بعده وهو الله سبحانه وتعالي.

ومن خلال السياق الذي ورد فيه النداء في هذا التركيب نجد أنَّ الإمام (عليه السلام) قد كرَّر النداء في دعائه، و(الدعاء المكرَّر دليل علي التضرّع واللجأ إلي الله تعالي)((3))، ولم يستعمل العطف عند تكرار النداء، ولا شكَّ فيه نوع من الإلحاح في الدعاء وزيادة في التضرّع، كما أنَّ كلّ فقرة فيه تمثِّل نداءً مستقلَّاً يمثِّل نوعاً من الطلب، ففي النداء الأوَّل نلمح قدرة الله تعالي في إظهار الأعمال الصالحة لعباده، وفي ستر الأعمال غير الصالحة، أمَّا النداء الثاني فنجد فيه شيئاً مختلفاً فالمنادي وهو الله سبحانه لم يؤاخذ الناس بكلّ ما ارتكبوه من ذنوب وخطايا، فهو واسع الحلم رحيم بعباده.

2 _ نداء الاسم الموصول وبعده جملة فعلية مسبوقة بنفي:

وجاء في ثلاثة مواضع، منها: ما ورد في أحد الأدعية: «يا مَنْ لا تغيّره الأيّام والليالي، أدعوك بما دعاك به نوح، حين ناداك فأنجيته ومن معه، وأهلكت قومَه»((4)).

ص: 160

المنادي (مَنْ) اسم موصول بمعني (الذي) مبني علي الضمّ المقدَّر منع من ظهوره علامة البناء الأصلي، وقد تعيَّن المنادي من خلال الجملة الفعلية بعده وهو الله تعالي، وهنا جاء بعد الاسم الموصول جملة فعلية مسبوقة بنفي، والنفي عند دخوله علي الفعل المضارع يخلّصه للاستقبال((1)).

وهنا دلَّت الجملة الفعلية علي الدعاء، وذكر ثبات أوصاف الله تعالي، وعدم التغيّر بمرور الأيّام والليالي، وهذا الثبات يكون مستمرَّاً بالمستقبل، والإمام (عليه السلام) يدعو الله تعالي بشيء قد حصل في التاريخ وهو نجاة نبيّ الله نوح (عليه السلام)، وهلاك أعدائه.

وجدير بالذكر أنَّ الأداة (لا) النافية التي وردت بالسياق هي التي خلَّصت الفعل المضارع للاستقبال، بخلاف بعض الأدوات النافية الأُخري فقد تخلّصه للماضي كما هو الحال في الأداة (لم) عند دخولها علي الفعل المضارع.

3 _ نداء الاسم الموصول وبعده جملة اسمية:

وجاء في خمسة مواضع في التوقيعات المهدوية، منها: ما جاء في أحد أدعيته (عليه السلام): «يا مَنْ له خزائن السماوات والأرض، يا من له خزائن ما دقَّ وجلَّ، لا تمنعك إساءتي من إحسانك إليَّ»((2)).

المنادي الاسم الموصول (مَنْ) بمعني (الذي) مبني علي الضمّ المقدَّر منع من ظهوره علامة البناء الأصلي، وقد تعيَّن المنادي من خلال

ص: 161

الجملة الاسمية بعده وهو الله سبحانه وتعالي، وقد خرج النداء إلي معني آخر وهو الدعاء.

وجاءت الجملة الاسمية من الخبر المقدَّم وهو الجار والمجرور والمبتدأ المؤخَّر، وتقدّم الخبر علي المبتدأ يفيد الاختصاص والحصر، وأنَّ الله تعالي له خزائن السماوات والأرض.

وقد تكرَّر النداء وبدون عطف، وهذا يدلُّ علي شدَّة التضرّع لله تعالي وهو الذي يملك كلّ شيء في السماوات والأرض وخزائن الدقيق والجليل، ومع ذلك لا يقطع الإحسان بمجرَّد صدور الإساءة من عبده.

وقد ورد نداء اسم الإشارة في التوقيعات المهدوية في موضعين فقط:

الموضع الأوَّل: لمَّا كتب جعفر ابن الإمام الهادي (عليه السلام) إلي أحد الأصحاب يُعرِّفه فيه نفسه، ويعلمه أنَّه القيّم بعد أخيه، وأنَّ عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه، فكتب كتاباً إلي صاحب الزمان (عليه السلام) ووضع كتاب جعفر في درجه، فخرج جواباً بتوقع من الإمام (عليه السلام): «يا هذا، يرحمك الله، إنَّ الله تعالي لم يخلق الخلق عبثاً...»((1)).

جاء نداء اسم الإشارة (هذا) بأداة النداء (يا)، وهو مبني علي الضمّ المقدَّر منع من ظهور علامة البناء الأصلي، وقد استعمل اسم الإشارة في هذه المورد بحسب السياق للتذكير((2))، ففيه تذكير للسائل بخلق الله تعالي، وأنَّ هذا الخلق ليس عبثاً بل لحكمة وهو متناه في الدقَّة، وجاء بعد اسم الإشارة جملة فعلية فعلها مضارع تفيد الدعاء، لأنَّ تقدير (يرحمك الله) ليرحمك الله، وقد دلَّ هذا النداء باسم الإشارة وبعده الجملة التي تفيد الدعاء للمشار إليه علي التعظيم، ومكانة الشخص المشار إليه، واستحضار عظمة المشار إليه أمام القلوب والعيون، كما ورد في قوله تعالي: (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 157]((3)).

والموضع الثاني: الذي ورد فيه النداء لاسم الإشارة فكان جواباً

ص: 163

لجماعة من الشيعة تشاجروا مع شخص بأنَّ أبا محمّد (الحسن العسكري (عليه السلام)) مضي ولا خلف له، فكتبوا للإمام (عليه السلام)، فخرج التوقيع: «يا هؤلاء، ما لكم في الريب تتردَّدون، وفي الحيرة تنعكسون...»((1)).

المنادي (هؤلاء) وهو اسم إشارة مبني علي الضمّ المقدَّر منع من ظهوره علامة البناء الأصلي، وجاء بعد اسم الإشارة استفهام ب- (ما) الاستفهامية، وبحسب ما يفهم من السياق فإنَّه يدلُّ علي التحسّر والتوجّع علي المشار إليهم، وأيضاً يدلُّ علي اللوم والتقريع والتوبيخ لهؤلاء.

ومن الملاحظ ورود النداء باسم الإشارة جاء قليلاً في التوقيعات المهدوية، وذلك لأنَّ الأصل في أسماء الإشارة أن يشار بها إلي الأشياء المشاهدة المحسوسة، لأنَّ الإمام (عليه السلام) غائب عن الأنظار فلم يستعمل اسم الإشارة إلَّا قليلاً.

والمختار عند البصريين الفتح، فقولك: (يا زيدَ بنَ عمرو) أنزلوا الرفعة التي في قولك: (زيد) بمنزلة الرفعة في راء (امرئ)، والجرّ بمنزلة الكسر في الراء، والنصب كفتحة الراء، وجعلوه تابعاً ل- (ابن)، ألَا تراهم يقولون: (هذا زيدُ بنُ عبد الله)، فتركوا التنوين هاهنا لأنَّهم جعلوه بمنزلة اسم واحد لمَّا كثر في كلامهم، فكذلك جعلوه في النداء تابعاً ل- (ابن)((1))، ولا يجوز في (ابن) إلَّا النصب((2)).

واختلف في أيّهما الأجود، فقال المبرّد (ت 285ه-): الضمّ لأنَّه الأصل، وقال ابن كيسان (ت 299ه-): الفتح لأنَّه الأكثر في كلام العرب ولخفَّته((3)).

وجاء في شرح الألفية:

(ونحو (زيدٍ) ضمَّ وافتحن * من نحو (أزيدُ بنَ سعيد لا تهَن)

أي إذا كان المنادي مفرداً عَلَماً ووُصِفَ ب- (ابن) مضافاً إلي عَلَم ولم يفصل بين المنادي وبين (ابن) جاز لك في المنادي وجهان: البناء علي الضمّ نحو: (يا زيدُ بنَ عمر)، والفتح اتّباعاً نحو: (يا زيدَ بنَ عمر))((4)).

وقد علَّلوا اتّباع الفتح لحركة (ابن) بأنَّ بينهما ساكناً، وهو حاجز غير حصين، جاء في همع الهوامع: (إذا كان المنادي عَلَماً موصوفاً ب- (ابن) متَّصلاً مضافاً إلي عَلَم نحو: يا زيد بن عمر، جاز في المنادي مع الضمّ الفتح اتّباعاً لحركة (ابن)، إذ بينهما ساكن وهو حاجز غير حصين)((5)).

ص: 165

ويميل الباحث إلي ما ذهب إليه البصريون من اختيار الفتح لاتّباع حركة الفتح الموجودة علي الكلمة (ابن)، وذلك لسهولة النطق، ولكونه هو الأكثر وروداً في كلام العرب، والقواعد النحوية وُضِعَت علي ما ورد من السماع.

وجاء نداء العَلَم المفرد الموصوف ب- (ابن) في التوقيعات المهدوية في خمسة مواضع:

منها: ما ورد بعد بيان مسائل أشكلت علي إسحاق بن يعقوب، فجاء في التوقيع: «والسلام عليك يا إسحاقَ بنَ يعقوبَ وعلي من اتَّبع الهدي»((1)).

المنادي (إسحاق) منادي مفرد عَلَم، والأصل أن يبني علي الضمّ ولكنَّه بني علي الفتح اتّباعاً لحركة الصفة (ابن)، وهي صفة منصوبة بالفتحة، و(يعقوب) مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنَّه غير منصرف، وهنا لم يفصل فاصل بين الاسم وصفته، وجاء سياق النداء بعد جملة اسمية تدلُّ علي الدعاء للمنادي بالسلام والرحمة عليه وعلي كلّ من اتَّبع الهدي.

وجاء نداء العَلَم المفرد الموصوف ب- (ابن) وبعده جملة فعلية في ثلاثة مواضع:

منها: ما خرج في آخر توقيع علي يد السفير الرابع علي بن محمّد السمري، والذي جاء فيه الإخبار عن نهاية الغيبة الصغري وبداية الغيبة الكبري، وأنَّ النيابة الخاصّة تنتهي بموته بعد ستَّة أيّام، فقال (عليه السلام): «بسم الله الرحمن الرحيم، يا عليَّ بنَ محمّد السمري، أعظم الله أجر

ص: 166

إخوانك فيك، فإنَّك ميّتٌ ما بينك وبين ستَّة أيّام، فاجمع أمرك ولا توص إلي أحدٍ يقوم مقامك»((1)).

المنادي (عليّ) منادي مفرد عَلَم، والأصل أن يبني علي الضمّ ولكنَّه بني علي الفتح اتّباعاً لحركة الصفة (ابن) المنصوبة بالفتحة، وهنا لم يفصل بين الاسم وصفته بفاصل، وجاء بعد المنادي جملة فعلية فعلها ماض تفيد الدعاء، وتقديرها: (ليعظم الله أجر إخوانك فيك)، وهي تفيد الدعاء، وعدل بالجملة إلي الفعل الماضي يدلُّ علي التحقّق وثبوت الأجر من الله تعالي لإخوانه المؤمنين بوفاته، وهذا الدعاء فيه نوع من التسلية والمواساة من الإمام (عليه السلام) لفقد السفير الرابع.

والمورد الآخر جاء نداء العَلَم المفرد الموصوف ب- (ابن) وبعده جملة اسمية: وهو ما ورد عنه (عليه السلام) يخبر أحد الأصحاب بالمال الذي عنده: «يا أحمدَ بنَ الحسن، الألف دينار التي لنا عندك ثمن النصل والفرس، سلِّمها إلي أبي الحسن الأسدي»((2)).

المنادي (أحمد) وهو مفرد عَلَم وُصِفَ ب- (ابن) ولم يفصل بينهما فاصل، فلذلك بني علي الفتح اتّباعاً لحركة الصفة المنصوبة، وجاء بعد المنادي جملة اسمية أفادت الإخبار عن أمر مهمّ لدي المنادي.

الإضافة لغةً: الإمالة إلي الشيء، جاء في العين: (ضفت فلاناً أي نزلت به، وأضفته أنزلته، وتقول: أنا أُضيّفه إذا أملته إليك، يقال: هو مضاف إلي كذا أي: ممال إليه)((1))، وبهذا المعني جاء في مقاييس اللغة حيث ذكر: (يقال: أضفت الشيء إلي الشيء أملته، وضافت الشمس تضيف مالت)((2))، وذكر بعضهم: أضَفْتُهُ وضَيَّفْتُهُ: أنزلتُهُ عليَّ ضيفاً وقرَّبتُهُ((3)).

الإضافة اصطلاحاً: نسبة أو إسناد اسم إلي آخر علي تنزيل الثاني من الأوَّل منزلة تنوينه، نحو: كتابُ زيدٍ، أو ما يقوم مقام تنوينه، نحو: كتابا زيدٍ((4)).

وعرَّف الإضافة الدكتور فاضل السامرائي بأنَّها: (نسبة اسم إلي اسم آخر وإسناده إليه، نحو: غلامُ هندٍ، كتابُ خالدٍ)((5)).

وقد استقرَّ مؤخَّراً عند النحاة علي أنَّ الإضافة إمَّا أن تكون بمعني اللام، أو تكون بمعني (من)، أو تكون بمعني (في)((6))، ولا تخرج الإضافة عن هذا عندهم، وذهب بعض النحاة إلي أنَّ الإضافة ليست علي تقدير حرف أصلاً، ويري الدكتور فاضل السامرائي: (أنَّ الإضافة تعبير آخر ليس علي تقدير حرف، فقد يصحُّ تقدير حرف في تعبير، وقد يمتنع تقدير أيّ حرف في تعبير آخر)((7)).

ص: 168

وهذا ما يراه الباحث صواباً، لأنَّ بعض التعبيرات الواردة عن العرب والقرآن يمتنع تقدير أيّ حرف لها.

وتقسَّم الإضافة إلي قسمين:

وقد وردت هذه الصيغة في أحد عشر موضعاً، منها: ما ورد عنه (عليه السلام) في أحد أدعيته: «ربِّ من ذا الذي دعاك فلم تجبه»((1)).

فجاء المنادي المضاف إلي (ياء المتكلِّم المحذوفة)، وهو صفة (الربّ)، وقد كَثُرَ حذف حرف النداء مع المنادي المضاف، فإنَّها تُحذَف عند قوَّة الدلالة عليها، فتصير مع القرآئن الدالّة عليها كالمتلفَّظ بها((2)).

وتُحذَف الأداة من الكلام تخفيفاً إذا كان المنادي مقبلاً عليك متنبّهاً لما تقوله، جاء في الكتاب: (وإن شئتَ حذفتهنَّ كلّهنَّ استغناءً كقولك: (حارِ بنَ كعبٍ)، وذلك أنَّه جَعَلَهُ بمنزلة مَنْ هو مقبل عليه بحضرته يخاطبه)((3))، ولذا كَثُرَ حذفُ الأداة مع النداء بصفة (الربّ)، (لأنَّ المعني معلوم بدليل الحال)((4))، وإنَّ الله تعالي قريب ممَّن يدعوه، فهو سبحانه أقرب إلينا من حبل الوريد((5))، ولقوله تعالي: (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) [البقرة: 185].

وقال الشيخ الطوسي (ت 460ه-): (وإنَّما حذف حرف النداء لما كان أصله تنبيه المنادي ليقبل عليك، وكأنَّ الله (عزّ وجلّ) لا يغيب عنه شيء تعالي عن ذلك سقط حرف النداء للاستغناء عنه)((6)).

وذكر آخرون أنَّ العلَّة من حذفه هو للدلالة علي التعظيم

ص: 170

والتنزيه، لأنَّ النداء مشرب معني الأمر، فحذفت (يا) من نداء الربّ ليزول معني الأمر ليخلص للتعظيم والتفخيم((1)).

ويري الباحث عند تتبّعه للموارد التي ورد فيها نداء (الربّ) أنَّه جاء محذوف الأداة في سبعة مواضع من الأحد عشر، وهذا يدلُّ علي أنَّ المنادي لقربه من العبد ومتلطِّفاً به فلذا يستغني عن الأداة.

وقد ورد النداء بصيغة اسم الفاعل من الرباعي أيضاً، وهو يفيد الدعاء((1)).

وإنَّ اسم الفاعل يدلُّ علي ثبوت المصدر في الفاعل ورسوخه فيه بخلاف الفعل فإنَّه لا يفهم من صيغة الفعل التكرار والرسوخ ولكن من اسم الفاعل يفهم ذلك((2)).

موضعاً، فمنها: ما ورد في دعاء عقيب زيارة (آل ياسين): «يا أرحمَ الراحمين»((1)).

المنادي (أرحمَ) منصوب بالفتحة لأنَّه منادي مضاف إلي (الراحمين)، وهو مضاف إليه مجرور بالياء لأنَّه جمع مذكر سالم، واستعملت أداة النداء (يا) في النداء، وكلمة (أرحم) اسم تفضيل من الفعل (رحم)، وجاء هنا كصفة لله تعالي بأنَّه أرحم من كلّ رحيم غيره، لأنَّ هذه الصيغة قياسها أن تكون لتفضيل الفاعل علي غيره في الفعل((2))، ف- (أرحمَ) تكون بمعني أنَّ الله تعالي أكثر رحمةً من سائر الراحمين.

وجاء النداء بهذه العبارة (يا أرحم الراحمين) في ستَّة مواضع من نداء صفات الله تعالي بصيغة اسم التفضيل، وهذا يدلُّ علي شدَّة طلب الرحمة من الداعي، لأنَّ النداء هنا يفيد الدعاء.

وجاءت الموارد الأُخري باسم التفضيل (خير)، والذي حذفت منه الألف تخفيفاً لكثرة الاستعمال((3)).

وممَّا ورد منه في التوقيعات المهدوية ما جاء في دعائه (عليه السلام): «يا خيرَ مسؤول وخيرَ من أعطي»((4)).

المنادي (خيرَ) منادي منصوب بالفتحة لأنَّه مضاف، وقد استعمل أداة النداء (يا)، وقد عطف عليه منادي آخر مع حذف أداة النداء، و(خير) أصلها (أخير) حذف منها الألف تخفيفاً لكثرة الاستعمال، وهنا

ص: 173

خرج النداء من التنبيه إلي الدعاء وأنَّ الله هو خير وأفضل مسؤول يتوجَّه له العبد في حوائجه ومسألته، وأيضاً أنَّه خير من يعطي للعباد لأنَّه يعطي بدون منَّةٍ وبدون مقابل.

وقد وردت هذه الفقرة في القرآن الكريم في آيتين كريمتين من سورة الرحمن، إحداهما: قوله تعالي: (وَيَبْقي وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأَكْرامِ) [الرحمن: 27]، والأُخري: قوله تعالي: (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْأَكْرامِ) [الرحمن: 78].

وأمَّا معني الجلال فهو من جلّ الشيء إذا عظم، وجلال الله عظمته، والجلل الأمر العظيم((1)). وأمَّا (الأكرم فهو الشرف في الشيء)((2)).

وإنَّ هذه الصفات هي تمثّل الصفات السلبية والثبوتية لله تعالي، فقد جاء في مفاهيم القرآن: ((ذو الجلال) يناسب الصفات السلبية لأنَّه سبحانه أجلّ وأعظم من أن يكون جسماً أو جسمانياً أو حالَّاً في محلّ، كما أنَّ قوله: (ذي الإكرام) يناسب الصفات الثبوتية)((3)).

وجاء في نفحات القرآن: ((الإكرام) إشارة إلي الصفات المظهرة لكمال الشيء وهي الصفات الإلهيّة الثبوتية كعلم الله وقدرته)((4)).

وجاءت النداءات الأُخري بالصفات: (يا ذا المعالي)، و(يا ذا البطش)، و(يا ذا القوَّة المتين)((5)).

داعي الله وربّاني آياته، السلام عليك يا باب الله وديّان دينه، السلام عليك يا خليفة الله وناصر خلقه...»((1)).

جاء نداء المضاف المبدوء بصفات الإمام (عليه السلام) كلّها في هذه الزيارة وهي مضافة، فلذا نُصِبَتْ، وجاءت تلك الصفات كلّها مضافة إلي لفظ الجلالة تكريماً للمخاطَب وتشريفاً لمحلّه وتنويهاً بفضله((2)).

وجاءت النداءات بصفات متعدّدة، وكلّها تحمل مدحاً له وتعظيماً لأمره (عليه السلام)((3)).

فهنا جاء المنادي مضاف وهو مبدوء ب- (أ ب) منصوباً، وعلامة نصبه الألف لأنَّه من الأسماء الستَّة.

وإذا أضيف المناديء إلي (يا المتكلِّم)، ففيه اللغات الآتية:

اللغة الأُولي: حذف (الياء)، (تخفيفاً لكثرة الاستعمال)((1))، وإبقاء الكسرة دليلاً عليها، نحو قوله تعالي: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) [الزمر: 16].

وقد عدَّ النحاة حذف الياء هو الوجه الأكثر والأجود والمختار فيها، وذلك لأنَّ النداء باب حذف وتغيير وياء الإضافة في الاسم بمنزلة التنوين في الضعف والاتّصال، فكما لم يثبتوا التنوين في المنادي المفرد (يا زيد) لم يثبتوا الياء هنا ولا يخلّ حذفها بالمقصود إذ يبقي في اللفظ ما يدلُّ عليها وهو الكسرة قبلها((2))، ويري رضي الدين الأسترآبادي (ت 686ه-) أنَّ هذه اللغة لا تجوز في كلّ منادي مضاف إلي ياء المتكلِّم، وإنَّما تكون في الأسماء التي غلبت عليها الإضافة إلي (الياء) واشتهرت بها لتدلّ الشهرة علي (الياء) المغيّرة بالحذف((3)).

ويري الباحث أنَّ في لغة العرب باب الحذف كثير، وإذا وجد ما يدلُّ عليه وهو الكسرة هاهنا فهو الأجود، لأنَّ المعني يؤدّي باختصار وأيضاً لخفَّة الكلام وعدم إطالته، لأنَّ إثبات الياء في المنادي المضاف إليه يكون ثقيلاً باللفظ وطويلاً لزمن الكلام.

وقد وردت هذه اللغة في التوقيعات المهدوية في أحد عشر موضعاً جاءت في الأدعية، وكلّها في نداء ال- (ربّ) أحد صفات الله تعالي، فقد جاء: «ربّ من ذا الذي دعاك فلم تجبه، ومن ذا الذي سألك فلم تعطه...»((4)).

ص: 178

المنادي (ربّ) مضاف إلي (يا المتكلِّم) المحذوفة، وأفاد معني التوسّل إلي المخاطَب واستعطافه، وقد كثر حذف الياء في نداء ال- (ربّ) سبحانه (لعدم الإحاطة به عند التوجّه إلي الله تعالي، لغيبتنا نحن عن الإدراك)((1)).

وجاءت جميع الموارد محذوفة (الياء)، وهي اللغة الأجود والأكثر في كلام العرب، وأيضاً يكثر معها حذف أداة النداء (يا) لأجل التعظيم والتنزيه، لأنَّ النداء يقرب من معني الأمر، فحذف الأداة من ال- (ربّ) ليزول معني الأمر من النداء، ويخلص للتعظيم والإجلال.

وقد جاءت سبعة مواضع محذوفة الأداة.

اللغة الثانية: إثبات الياء الساكنة في الوقف والوصل، جاء في الكتاب: (واعلم أنَّ بقيان الياء لغة في النداء في الوقف والوصل، تقول: يا غلامي أقبل، وكذلك إذا وقفوا. وكان أبو عمرو يقول: (يَا عِبَادِي فاتَّقُونِ) [الزمر: 16])((2))، وإثبات الياء في هذه اللغة إنَّما هو لمنع إلتباس المنادي المضاف بالمنادي المفرد، وذلك لأنَّك إذا حذفت (الياء) تقول في الوصل: يا غلامِ أقبل، فتكون الكسرة دليلاً عليها، ولكنَّك إذا وقفت علي (الميم) فإنَّما تقف عليها ساكنة فيلتبس المنادي المضاف بالمفرد، فكان إثبات الياء لمنع ذلك((3)).

وقد وردت هذه اللغة في التوقيعات المهدوية في أربعة وثلاثين مورداً، فمنها: ما جاء في أحد أدعيته (عليه السلام): «وأسألك يا إلهي وإله كلّ شيء، وربّي وربّ كلّ شيء»((4)).

ص: 179

فجاء المنادي (إلهي) مع إثبات ياء المتكلِّم، وقد استعملت أداة النداء (يا) تعظيماً له سبحانه((1)).

وقد وردت هذه اللغة في أكثر التوقيعات المهدوية محذوفة حرف النداء تضرّعاً وشعوراً بالقرب منه سبحانه((2))، فلم يحتج الداعي إلي استعمال أداة النداء بل كأنَّه في محضر الخالق، ولذا لم يرد باستعمال أداة النداء إلَّا في ثلاثة موارد فقط.

وأيضاً أنَّ مورداً واحداً من هذه النداءات جاءت بصيغة مخالفة للموارد الأُخري، لأنَّه جميع الموارد جاءت بنداء ودعاء الإله((3))، عدا مورداً واحداً جاء بنداء المولي (يا مولاي).

وهذه اللغة أكثر اللغات وروداً بالنداء، لأنَّ المتكلِّم الذي يعشق ويرغب بالشيء ينسبه إلي نفسه عند الحديث فيقول: مالي وداري وأولادي...، لشدَّة تعلّقه بها، وهكذا الداعي لعشقه لله تعالي ورغبته فيدعوه هكذا.

اللغة الثالثة: قلب (الياء) ألفاً لغرض الخفَّة، قال سيبويه: (وقد يبدّلون مكان الياء الألفَ لأنَّها أخفُّ...، وذلك قولك: يا ربّا تجاوز عنّا، ويا غلاما لا تفعل)((4))، وذلك لأنَّهم استثقلوا الياء وقبلها كسرة فيما كثر استعماله وهو النداء، فأبدلوا من الكسرة فتحة، وكانت الياء متحرّكة فانقلبت الياء ألفاً لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فقالوا: (يا غلاما)((5))، فإذا

ص: 180

وقفوا قالوا: يا غلاماه، فيلحقونه هاء السكت ليكون أوضح للألف لأنَّها خفيّة((1)).

وقال الرضي (ت 686ه-): (فخفّف: يا غلامي بوجهين: حذف الياء وإبقاء الكسرة دليلاً عليها، وقلب الياء ألفاً، لأنَّ الألف والفتحة أخفُّ من الياء والكسرة)((2)).

وقد وردت هذه اللغة في التوقيعات المهدوية في سبعة مواضع، منها: ما جاء في أحد أدعيته (عليه السلام): «وأنت أهل الجود والكرم والعفو، يا ربّاه، يا الله، افعل بي ما أنت أهله»((3)).

المنادي (يا ربّاه)، الألف فيه منقلبة عن ياء المتكلِّم تخفيفاً، وأصله (يا ربّي)، وأُلحقت به هاء السكت مضمومة في الوصل لمدّ الصوت، وهو مذهب الكوفيين((4))، ومجيء النداء ب- ( يا) تعظيم للمخاطَب، وقد مَهَّدَ بذكر صفات الله تعالي ومدحاً له قبل النداء، وهذا من أدب الكلام والدعاء والاستغاثة بالله في أن يفعل بالإنسان الداعي ما هو أهله ومن عنده تعالي.

وجاءت الموارد الأُخري كلّها نداءات لله تعالي بصفاته((5))، وكلّها أفادت الدعاء والتعلّق به.

اللغة الرابعة: قلب الياء ألفاً تخفيفاً، ثمّ حذفها والاجتزاء عنها

ص: 181

بالفتحة، مبالغةً في التخفيف، وهذه اللغة لم يذكرها سيبويه، وذكرها أبو علي الفارسي((1))، وهذه اللغة لم ترد في التوقيعات المهدوية.

اللغة الخامسة: حذف الياء وبناء المنادي علي الضمّ، نحو: يا ربُّ اغفر لي، وهذه اللغة لم ترد في التوقيعات المهدوية.

اللغة السادسة: حذف الياء والتعويض عنها ب- (تاء التأنيث)، وهذا خاصّ في نداء الأبِ والأُمّ. وهذه اللغة لم ترد في التوقيعات المهدوية.

أمَّا حكم المنادي الشبيه بالمضاف فهو النصب كالمضاف، فإذا ناديت اسماً موصولاً بشيء هو كالتمام له فحكمه حكم المضاف((1)).

وقد ورد نداء الشبيه بالمضاف في التوقيعات المهدوية في مورد واحد، وذلك في أحد أدعيته (عليه السلام) والمعروف بدعاء الفرج، حيث ورد: «يا مُبْتَدِئاً بالنعمِ قبل استحقاقها»((2)).

المنادي (مبتدئاً بالنعم) شبيه بالمضاف، لتعلّق الجار (بالنعم) بالصفة (مبتدئاً)، فهو من تمام معناه فلذا نصب، وقد سبق بأداة النداء (يا)، ويجوز فيه البناء علي الضمّ، فيكون من المنادي النكرة المقصودة الموصوفة إلَّا أنَّ العرب تؤثر النصب إذا نادت نكرةً موصولة بشيء((3)).

وخرج النداء من خلال السياق من التنبيه إلي الدعاء حيث إنَّ الله تعالي يبدأ العباد بالنعم والرحمة والرزق قبل أن يستحقّها الإنسان، وأنَّ نِعَم الله تعالي لا تُعَدُّ ولا تُحصي لقوله تعالي: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل: 18].

وجاء النداء بالوصف ولم يأتِ بالفعل، لأنَّ الوصف يدلُّ علي الثبات والاستمرار بأنَّ الله ثابت ومستمرّ في ابتداء النِعَمِ علي الخلائق قبل استحقاقها.

لأنَّه لم يكن يخلو من مضاف إليه أو تنوين قائمٍ مقامه، نحو: (أَيًّا ما تَدْعُوا)، وليس هذا موضع تنوين...، (ها) التنبيه أيضاً مناسب للنداء، إذ النداء أيضاً تنبيه)((1)).

ونقل الرضي بأنَّ الأخفش يري في: (يا أيُّها الرجلُ): (أيّ) موصول، وذو اللام بعده خبر مبتدأه محذوف، والجملة صلة (أيّ)، وإنَّما وجب حذف هذا المبتدأ لمناسبة التخفيف للمنادي((2))، والأكثرون علي أنَّ (ذا اللام) وصف، جاء في الكتاب: (وذلك قولك: يا أيُّها الرجلُ، ف- (أيّ) هاهنا فيما زعم الخليل (رحمه الله) كقولك: (يا هذا)، والرجل وصف له، كما يكون وصفاً ل- (هذا))((3)).

وجاء في شرح الرضي: (والأكثرون علي أنَّ ذا اللام وصف لاسم الإشارة في النداء وغيره، لأنَّه اسم دالٌّ علي معني في تلك الذات المبهمة وهو الرجولية، وهذا حدِّ النعت، أي ما دلَّ علي معني في متبوعه)((4)).

وهذا ما نراه صواباً، لأنَّ قولنا: (يا أيُّها الرجلُ)، فالنداء وقع علي شيء مبهم يحتاج إلي وصف حتَّي يتخصَّص ويتوضَّح المراد، فكلمة (الرجل) هي لبيان معني (أيّها) وتفسيراً ووصفاً له.

أمَّا الحركة الإعرابية لهذا الوصف، فالمشهور أنَّ الصفة ل- (أيّ) واجبة الرفع((5))، وأجاز المازني (ت 249ه-)، والزجّاج (ت 311ه-) النصب في وصف (أيّ)، ورُدَّ لأنَّ الحمل علي الموضع يكون بعد تمام

ص: 185

الكلام، والنداء لم يتمّ ب- (أيّها)، لأنَّ المقصود ب- (يا أيّها الناس) بالنداء هو (الناس)((1)).

ويري الباحثُ أنَّ ما ذهب إليه المشهور من وجوب الرفع هو الصواب، لأنَّ قولنا: ( يا أيُّها الرجلُ) هو بمعني (يا رجلُ)، أي قاصد الرجل، ويصبح كالنكرة المقصودة، وكالمشار إليه بقولنا: (يا هذا)، فلذا يكون الرفع به واجباً.

وورد النداء باستعمال (أيّ) في التوقيعات المهدوية في خمسة مواضع، منها: ما جاء في تعليمه (عليه السلام) لكيفية الزيارة، وهي المعروفة بزيارة (آل ياسين)، وهو قوله (عليه السلام): «السلام عليك أيُّها العَلَمُ المنصوب، والعِلْمُ المصبوب، والغوثُ والرحمةُ الواسعة، وعداً غير مكذوب»((2)).

(أيّ) من (أيُّها العَلَمُ المنصوب) اسم مبني علي الضمّ في محلّ نصب منادي بأداة نداء محذوفة تخفيفاً لإقبال المنادي علي ما يقوله المتكلِّم ولقربه منه، فإنَّه (عليه السلام) قريب من الناس وإن كان مخفي العنوان، حيث يقول في رسالة للشيخ المفيد (رحمه الله) (ت 413ه-): «فإنّا نحيط علماً بأنبائكم، ولا يَعْزُبُ عنّا شيء من أخباركم»((3)).

وقال سيبويه: (وإن شئت حذفتهنَّ كلّهنَّ استغناءً، كقولك: (حار بن كعب)، وذلك أنَّه جعله بمنزلة مَنْ هو مقبل عليه بحضرته يخاطبُهُ)((4))، وقد توصّل ب- (أيّ) إلي نداء ما فيه أل (العلم)، وهو صفة ل- (أيّ)، واجبة الرفع.

ص: 186

وفي هذا النداء إلتفات إلي حقيقة توجب للمنادي وقعاً أكبر في نفسه، وعاطفة أقوي، وقد عطف علي النداء الصفات الأُخري، وهو ندائه بأنَّه (عليه السلام) العلم المصبوب، تعريفاً بمنزلته العلمية، وأنَّه (عليه السلام) الغوث للناس والرحمة الواسعة حيث يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وهذا وعدٌ غير مكذوب لأنَّه من الله تعالي.

ومن تلك المواضع ما ورد عنه (عليه السلام) في رسالته للشيخ المفيد (رحمه الله) (ت 413ه-)، فقد ورد فيها نداء بهذه الصيغة: «أمَّا بَعْدُ: سلام عليك أيُّها الوليُ المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين»((1))، وقوله (عليه السلام): «هذا كتابنا إليك أيُّها الأخُ الوليّ، والمخلص في ودّنا الصفيّ»((2)).

جاء النداء في الموردين بحذف أداة النداء (يا) لضيق الوقت والاهتمام بالمطلب، لأنَّ المقام يقتضي الإيجاز والاختصار والإفضاء إلي المطلوب((3))، وهذا ما ذكره في توقيع آخر لمجموعة من المؤمنين حيث جاء: «ولولا ما عندنا من محبَّة صلاحكم ورحمتكم والإشفاق عليكم، لكنّا عن مخاطبتكم في شغل فيما قد امتحنّا به»((4)).

وجاء استعمال النداء لصيغة (أيّها) تنبيهاً للمخاطَب علي تهئية وتركيز فكره، فيكون الكلام أقوي في التأثير، وأيضاً إنَّ ذكر الصفات في النداء (الإخلاص واليقين في الدين) دلَّ علي المبالغة في المدح.

* * *

ص: 187

ص: 188

ص: 190

الأزمنة مقصوداً مطابقته هذا الكلام إيّاه حتَّي يكون خبراً، بل تقصد بهذا الكلام مدحه علي جودته الحاصلة خارجاً((1))، ويكون المدح والذمّ (نعم)، و(بئس)، و(ساء)، و(حبَّذا) وغيرها.

وأُسلوب التعجّب، لأنَّ صيغة التعجّب المقصود منها التعجّب وإحداثه، وذلك ممَّا لا يتطرَّق إليه صدق ولا كذب، وأمَّا كون المتعجّب منه كحُسْنِ زيدٍ مثلاً حاصلاً في الواقع فهو لازم عرفي للمعني المقصود، وليس مقصوداً من الصيغة فلا يلزم كونها خبراً((2)).

ويكون التعجّب قياسياً بصيغتين معروفتين: (ما أفعله)، و(أفعل به)، ويكون سماعياً بغيرهما، نحو: (لله درّه فارساً)، وقوله تعالي: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) [البقرة: 28].

وأُسلوب العقود، وهي العقود بين الطرفين كالبيع والشراء والنكاح، وتكثر في الماضي، نحو: (بعتُ، اشتريتُ، وقبلتُ) علي معني إنشاء البيع والشراء والقبول، وقد تجيء بغير الماضي، نحو: (أنا بائع)((3)).

وقد ورد الإنشاء غير الطلبي في التوقيعات المهدوية قليلاً، وذلك لأنَّ الإمام (عليه السلام) لم يستعمل القَسَم بكثرة، لأنَّ كلامه صادقاً لا يحتاج إلي قَسَم، لأنَّه من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيراً.

وكذلك جاء عنه (عليه السلام) المدح والذمّ قليلاً، لأنَّ الإمام لا يمدح إلَّا من كان ممدوحاً ومقبولاً عند الله تعالي والإنسان عادةً يتغيَّر بأحواله، وكذلك الذمّ.

ص: 192

وأمَّا التعجّب فورد عنه بالأساليب الطلبية المتقدّمة التي خرجت للتعجّب، كالاستفهام والنداء.

وأمَّا العقود فلم يأتِ منها في التوقيعات المهدوية، لأنَّ الإمام غالباً توقيعاته للإرشاد والهداية وبيان الانحراف بالأُمّة والأدعية.

فلذا سوف يقتصر البحث في هذا الفصل علي ثلاثة مباحث: القَسَم، والمدح والذمّ، والتعجّب.

* * *

ص: 193

1 _ جملة القَسَم الاسمية الصريحة: وهي ما صُدِّرَتْ بلفظ خاصّ بالقَسَم لا يكون في غيره، نحو: (لَعَمري)، و(أيمُنُ اللهِ)، ويلزمان الابتداء، كقوله تعالي: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الحجر: 72]، وقولك: أيمُنُ اللهِ لأزورنَّك.

2 _ جملة القَسَم الاسمية غير الصريحة: وهي ما صُدِّرَتْ بلفظ غير خاصّ بالقَسَم، نحو: (في ذمَّتي)، و(أمانةُ اللهِ)، وقد حُذِفَ في الأوَّل المبتدأ، وفي الثاني الخبر، والحذف فيهما جائز لا واجب((1)).

3 _ جملة القَسَم الفعلية الصريحة: وهي ما جاءت بأفعال القَسَم، وهي: (أَقْسَمَ، وحَلَفَ، وآلي)، وما يتصرَّف منهما، فبمجرَّد النطق بها يُعْلَمُ أنَّ المتكلِّم مُقْسِمٌ، وهذه الأفعال غير متعدّية بنفسها، فيدخل عليها حرف جرّ ليوصلها للاسم المقسَم به.

4 _ جملة القَسَم الفعلية غير الصريحة: وهي الأفعال المتضمّنة للقَسَم وهي كثيرة، منها: (شهد، ونشد، وسأل، ذكَّر، وعَلِمَ)، وما يتصرَّف منها ولا يستدلُّ بمجرَّد النطق بها علي القَسَم، وإنَّما من خلال القرينة الدالّة عليه((2)).

أدوات في حروف الجرّ)((1))، وقد اختلف في عددها، فذهب أكثر النحاة إلي أنَّها خمسة أحرف، هي: (الباء، الواو، والتاء، واللام، ومن بضمّ الميم وكسرها)((2))، والأخيرة (لا يُدخِلونَها في غير ربّي)((3)).

وذهب آخرون منهم الزجّاجي إلي أنَّها أربعة أحرف، إذا أُسقط منها (من)((4))، والحريري (ت 516ه-) أسقط (اللام ومن)، لكنَّه أضاف (ها) التنبيه((5))، وعدَّها ابن جنّي ثلاثة: الباء، والواو، والتاء((6)).

ولم يأتِ من أحرف القَسَم في التوقيعات المهدوية إلَّا الباء والواو، لذا يكون الحديث عنهما:

كقولك: باللهِ عليك هل تذهب؟((1))، ولأنَّ أصلها الإلصاق فهي تلصق فعل القَسَم بالمقسَم به((2)).

عظيماً، وقد اجتمعت في لفظ الجلالة (الله) وأسمائه الحسني((1))، إذ إنَّ العرب تقسم بالأشياء الكريمة عندهم، العزيزة عليهم، يريدون بذلك تأكيد أخبارهم، وأن يبلغَ كلامُهم من المخاطَبين كلّ مبلغٍ((2)).

يكون مثبتاً أو منفياً، فإن كان مثبتاً فالأولي يكون الجواب ب- (اللام وقد) ويجوز (اللام) أو (قد) وحدها، وإن كان منفياً يكون الجواب ب- (ما)، أو (لا)، أو (إنْ)((1)).

والفعل المضارع إمَّا أن يكون مثبتاً أو منفياً، فإن كان مثبتاً فالأكثر تصديره ب- (اللام ونون التوكيد)، أو ب- (اللام) وحدها، أو ب- (النون) وحدها، وإن كان منفياً فنفيه ب- (ما)، أو (إنْ)، أو (لا)، وقد يكون ب- (لم) و(لن)((2)).

الضرب الثاني: جملة جواب القَسَم الطلبية:

وهي كون المقسَم عليه مطلوباً لدي المقسِم، وهذا لا يكون إلَّا في قَسَم السؤال((3))، أو القَسَم الاستعطافي((4))، الذي يُجاب بالاستفهام، أو الأمر أو النهي، أو إلَّا، أو لمَّا، أو أنْ((5)).

هذا ولم ترد جملة القَسَم اسمية في التوقيعات المهدوية، وإنَّما الذي ورد هو القَسَم بالجملة الفعلية، لذا سوف أقصر البحث عليها.

وهذا القسم يكون علي ضربين بحسب نوع جملة جواب القسم:

الضرب الأوَّل: جملة القَسَم التي فعلها صريح بالقسم وجوابها جملة اسمية، وهذا الضرب لم يرد في التوقيعات المهدوية.

الضرب الثاني: جملة القَسَم التي فعلها صريح بالقسم وجوابها جملة فعلية، وجملة جواب القَسَم إمَّا أن يكون فعلها ماضياً أو مضارعاً.

المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ودفعوه عن الخلافة التي قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله) في حقّه عند غدير خُمّ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَليٌّ مَوْلاهُ»((1))، فجعل الإمام (عليه السلام) يقسمُ تثبيتاً وتقريراً لذلك في نفوس الناس.

(الواو) المبدلة من (الباء) (توسّعاً في اللغة، ولأنَّها أخفُّ، لأنَّ الواو أخفُّ من الباء، وحركتها أخفُّ من حركة الباء)((1))، وأيضاً أنَّ المقسَم به هو لفظ الجلالة (الله) تعظيماً له سبحانه، وهذا يدلُّ علي قوَّة التأكّد وأهمّية المقسَمِ عليه.

«فأُشْهِدُ اللهَ الذي لا إله إلَّا هو وكفي به شهيداً، ورسولَهُ محمّداً (صلّي الله عليه وآله) وملائكتَهُ وأنبياءَهُ وأولياءَهُ (عليهم السلام)، وأُشْهِدُكَ وأُشْهِدُ كُلَّ من سَمِعَ كتابي هذا أنّي بريء إلي الله وإلي رسولِهِ ممَّن يقول إنَّا نعلم الغيبَ ونشاركُهُ في ملكِهِ...»((1)).

فعل القَسَم (أُشْهِدُ) جاء بصيغة المضارع المزيد، وجاءت جملة جواب القَسَم بالجملة الاسمية (أنّي بريء) وهي مؤكّدة أيضاً، إشارة إلي استمرار براءة الإمام من كلّ إنسان يدَّعي بأنَّ الأئمّة (عليهم السلام) يعلمون الغيب، أو يشاركون الله في ملكه، والإمام (عليه السلام) لشدَّة حرصه علي نفي هذه المسألة عنه فأشهد الله أوَّلاً، ثمّ الرسول محمّد (صلّي الله عليه وآله) والملائكة والأنبياء والأولياء وأشهد الشخص الذي ورد إليه التوقيع، وكذلك كلّ من سمع وعلم بهذا التوقيع.

الذي به تقوم السماء، وبه تقوم الأرض، وبه تفرِّق بين الحقّ والباطل، وبه تجمع بين المتفرِّق، وبه تفرِّق بين المجتمِع، وبه أحصيت عدد الرمال، وزنة الجبال، وكَيْلَ البحار، أن تصلّي علي محمّد وآل محمّد، وأن تجعلَ لي من أمري فرجاً ومخرجاً»((1)).

ورد القَسَم علي الله تعالي بالفعل (أسأل) بصيغة المضارع، وهو ما ورد في جميع الموارد بهذه الصيغة. وقد سُبِقَ بالنداء والتوكيد، وهذا ما يزيد أُسلوب القَسَم تحسيناً وتوكيداً، والمقسَم به هنا هو (اسم الله الذي جاءت بعده صفاته لهذا الاسم)، والمقسَم عليه هو جملتا: (أن تصلّي علي محمّد وآل محمّد)، و(أن تجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً)، فجاءتا خبراً ومعناهما الطلب، أي: صلّ، واجْعَلْ، والغرض منه الدعاء. وقد قرن الإمام (عليه السلام) بطلبه (اجْعَلْ لي) طلب لغيره وهو (الصلاة علي محمّد وآل محمّد) حتَّي يكون أسرع في الاستجابة لطلبه، لأنَّ طلب الصلاة دعاء مستجاب عند الله تعالي.

وقد ورد هذا الأُسلوب من القَسَم بالفعل المضارع (أسأل) في سبعة وثلاثين مورداً((2)).

ومنها: ما ورد في أحد أدعيته (عليه السلام): «إلهي بحقّ من ناجاك، وبحقّ من دعاك في البرّ والبحر، تفضَّل علي فقراء المؤمنين والمؤمنات بالغناء والثروة، وعلي مرضي المؤمنين والمؤمنات بالشفاء والصحَّة»((3)).

ص: 205

جاء القَسَم مكرَّراً مرَّتين في النصّ: (بحقّ من ناجاك)، و(بحقّ من دعاك)، وفعل القَسَم محذوف في كلا الموضعين، والتقدير: إلهي أسألك بحقّ من ناجاك، وأسألك بحقّ من دعاك. وتكرار القَسَم يدلُّ علي الإلحاح علي الله تعالي في إستجابة ما يطلبه ويريده الإمام (عليه السلام)، وأيضاً تعظيماً للمدعوّ وهو الله تعالي. وجاءت جملة جواب القَسَم بصيغة الطلب (تفضَّل).

* * *

ص: 206

مدحتُ اللهَ، إذ لا يُتصوَّر تقدّم وصف الإنسان علي نعمة الله بوجهٍ من الوجوه، لأنَّ نفس الوجوه نعمة من الله)((1)).

تحت بِئْسَ((1))، أي إنَّ (نِعْمَ وبِئْسَ) وضعا للمدح العامّ والذمّ العامّ((2)).

ونلفت النظر إلي أنَّ في (نِعْمَ وبِئْسَ) خلافاً بين البصريين _ ومعهم الكسائي من الكوفيين _ وبين الكوفيين، من حيث كونهما فعلين أو اسمين، فذهب البصريون إلي أنَّهما فعلان ماضيان لا يتصرَّفان، وذكروا حججاً لذلك.

وأمَّا الكوفيّون فذهبوا إلي أنَّهما اسمان مبتدآن، وذكروا حججاً لذلك أيضاً((3)).

وخَلُصَ الأنباري بعد عرضه حجَّة كلّ من المذهبين إلي القول بمذهب البصريين((4))، والذي يبدو أنَّ أدلَّة البصريين أقوي وأشدّ((5))، وهذا ما يراه الباحث قريباً من الصواب، حيث إنَّ أدلَّة الكوفيين قابلة للتأويل.

وإنَّ ل- (نِعْمَ وبِئْسَ) استعمالين:

إحداهما: أن يجريا مجري سائر الأفعال في التصرّف، فيكون لهما مضارع وأمر واسم فاعل وغيرها، وهما هنا للإخبار بالنعمة والبؤس، نحو: نَعِمَ زيدٌ، وهكذا بَئِسَ.

ثانيهما: أن يستعملا لإنشاء المدح والذمّ، وهما هنا لا يتصرَّفان

ص: 209

لخروجهما عن الأصل في الأفعال من الدلالة علي الحَدَث والزمان، فأشبها الحرف((1)).

وتجري في (نِعْمَ وبِئْسَ) أربع لغات، لأنَّ أصلهما (نَعِمَ وبَئِسَ)، وما كان علي (فَعِلَ) فعلاً كان أو اسماً ووسطه حرف حلق جاز فيه اللغات الأربع الأتيه:

أ) (نَعمَ وبَئِسَ)، وهي اللغة الأصلية.

ب) (نَعْمَ ، بَأْسَ).

ث) (نِعِمَ ، بِئِسَ) بالإتباع، أي كسرة الأوَّل لكسرة الثاني، وهي لغة هذيل.

ت) (نِعْمَ وبِئْسَ)، وهذه اللغة أبعد من الأصل، وأكثر استعمالاً((2))، وهي أفصح اللغات، إذ هي لغة القرآن الكريم((3)).

ويلحق ب- (نِعْمَ وبِئْسَ) (حبَّذا) في المدح، و(ساء) في الذمّ، والفعل المستعمل علي صيغة (فَعُلَ) أصالةً أو محوَّلاً((4)). وهنا الفعل يكون للمدح الخاصّ أو الذمّ الخاصّ بخلاف (نِعْمَ وبِئْسَ)((5)).

القسم الأوَّل: أن يكون الفاعل اسماً ظاهراً، وهذا علي ثلاثة أضرب:

الضرب الأوَّل: أن يكون معرَّفاً بالألف واللام.

الضرب الثاني: أن يكون مضافاً إلي المعرَّف بالألف واللام.

الضرب الثالث: أن يكون الفاعل مضافاً إلي المضاف إلي المعرَّف بالألف واللام.

القسم الثاني: أن يكون الفاعل ضميراً مستتراً مفسَّراً بنكرة منصوبة علي التمييز، نحو: نِعْمَ سيِّداً علي، أي: نِعْمَ السيّد علي((1)).

القسم الثالث: أن يكون فاعل (نِعْمَ وبِئْسَ) (ما) في بعض الوجوه من مذاهب النحاة، وقد تأتي (ما) مفردة، وقد تكون متلوَّةً بمفرد، وقد تكون متلوَّةً بجملة فعلية.

وإنَّ ما ذكرنا من الفاعل إنَّما هو أشهر اللغات، وهو الغالب، وقد يكون غير ذلك((2)).

أي ينبغي أن يصحَّ إطلاقه عليه، وأن يكون مختصَّاً، لأنَّ الغاية منه التخصيص بعد الإبهام((1)).

وقد ورد المدح بالفعل (نِعْمَ) في التوقيعات المهدوية في سبعة مواضع، منها: ما ورد عنه (عليه السلام) في توقيع وهو يتحدَّث عن الثقات من أصحابه، فجاء: «والله تقدَّست أسماؤه وجلَّ ثناؤه وليّ توفيقكم، وحسبنا في أُمورنا كلِّها ونِعْمَِ الوكيلُ»((2)).

جاء أُسلوب المدح في النصّ بقوله (عليه السلام): (نِعْمَ الوكيلُ)، و(نِعْمَ) فعل وضع للمبالغة في المدح((3))، و(الوكيلُ) فاعل جاء اسماً معرَّفاً ب- (أل) علي إحدي اللغات المشهورة، وجاء المخصوص بالمدح محذوفاً، والأصل أن يذكر للبيان إلَّا أنَّه حُذِفَ لتقدّم ذكره، فإذا كان في الكلام ما يدلُّ علي المخصوص بالمدح والذمّ جاز لك أن تستغني عن ذكره((4))، وذلك كقوله تعالي: (وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلي وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحجّ: 78].

وقد اختلف النحاة في (أل) الداخلة علي فاعل فعلي المدح والذمّ: أهي جنسية أم عهدية؟ فقال الجمهور: هي للجنس، ولكنَّهم اختلفوا علي رأيين: هل الجنس حقيقةً أو مجازاً؟((5))، فإذا كانت للجنس حقيقةً فقولنا: (نِعْمَ الرجلُ زيدٌ) كان الجنس كلّه ممدوحاً ثمّ خصصت زيداً

ص: 212

بالذكر، فتكون مدحته مرَّتين مرَّة مع عموم جنسه، ومرَّة أفردته بالذكر وحده، جاء في الكتاب: (إذا قلت: (عبد الله نِعْمَ الرجلُ) فإنَّما تريد أن تجعله من أُمّة كلّهم صالح، ولم ترد أن تعرف شيئاً بعينه بالصلاح بعد نِعْمَ)((1))، وإذا كانت للجنس مجازاً فقولنا: (نِعْمَ الرجلُ زيدٌ) لم تقصد إلَّا مدح معيَّن، ولكنَّك جعلته جميع الجنس مبالغةً، ومعناه أنَّ زيداً هو الجنس كلّه، أي هو المتَّصف بصفات الرجولة الكاملة، أو اجتمع فيه ما تفرَّق في غيره من صفات الرجولة.

وقال البعض: إنَّها عهدية، وأيضاً اختلفوا علي رأيين: فهل هي للعهد الذهني، أي تشير بها إلي شيء معهود في الذهن، فقولنا: (نِعْمَ الرجلُ زيدٌ) ف- (الرجلُ) معهود ذهني ولا يقصد به شخص تقدَّم ذكره، أو هي للعهد الشخصي، والمعهود هو الشخص الممدوح، فقولنا: (نِعْمَ الرجلُ زيدٌ) فكأنَّنا قلنا: (نِعْمَ هو)؟

وقد رجَّح الدكتور فاضل السامرائي بأنَّ (أل) تفيد الجنس، وذلك أنَّك تقول: (نِعْمَ الفاكهةُ التفاحُ)، ف- (الفاكهة) جنس عامّ، (التفاحُ) خاصٌّ منه. وممَّا يدلُّ علي أنَّها للجنس، أنَّك لا تمدح الشيء ب- (نِعْمَ) إذا لم يكن معه فرد من جنسه((2)).

والذي يبدو للباحث أنَّ (أل) تفيد الجنس، وتكون مجازية لا حقيقية، (لأنَّ نِعْمَ مستوفية لجميع المدح...، فإذا قلت: نِعْمَ الرجلُ زيدٌ فقد استحقَّ زيد المدح الذي يكون في سائر جنسه)((3))، أي أنت لم تقصد مدح الجنس وإنَّما كلّ

ص: 213

صفة مدحٍ في الجنس قد اجتمعت في زيد، فزيد قد اجتمعت فيه كلّ صفات الرجولة، وكذلك في النصّ (نِعْمَ الوكيلُ) فالإمام (عليه السلام) لا يريد مدح الجنس (الوكيل) وإنَّما أراد مدح (الله) (عزّ وجلّ) بكلّ صفات الوكيل في تدبير أُمور الانسان، وقد جَعَلَ فاعل (نِعْمَ) جنس الممدوح مجازاً، لأنَّ الإبهام أوَّلاً والبيان ثانياً يُعطي تفخيماً وتعظيماً للأمر((1)).

ومنها: كتب إليه شخص: إنّي عادلت محمّد بن العبّاس، وأنا واثق بديانته وصيانته، فورد إليه التوقيع من الإمام (عليه السلام): «الأسدي نِعْمَ العديلُ، فإن قدم فلا تختر عليه»((2)).

جاء أُسلوب المدح بجملة (نِعْمَ العديلُ)، ف- (نِعْمَ) فعل المدح و(العديلُ) هو فاعل مرفوع بالضمَّة، وجاء المخصوص بالمدح (الأسدي) مبتدأ، والجملة الفعلية بعده خبر.

ومن خلال ما تقدَّم نجد أنَّ بعض الموارد جاء المخصوص بالمدح محذوفاً، وهي الموارد التي تخصُّ مدح الله سبحانه وتعالي، وقد وردت بخمسة مواضع، وجاء البعض الآخر مذكوراً، وهما موردان فقط، وهما اللذان وردا في موضع المدح غير الله تعالي((3)).

ولم يرد في التوقيعات المهدوية الذمّ بالفعل (بِئْسَ).

ضمير قبلَهُ، والغالب علي ذلك الضمير كونه متكلِّماً، نحو: أنا ونحن، ويقلّ كونه لمخاطَب، ويمتنع كونه لغائب)((1))، وهذا الاسم منصوب بفعل محذوف وجوباً تقديره (أَخُصُّ)((2))، (والمنصوب علي الاختصاص لا يكون إلَّا لمدح أو ذمّ، لكن لفظه لا يتضمَّن بوصفه المدح والذمّ)((3)).

وجاء المدح بأُسلوب الاختصاص في التوقيعات المهدوية في مورد واحد، وهو عندما سأله (عليه السلام) أحد الأصحاب عن محمّد بن شاذان بن نعيم، فورد له توقيع: «وأمَّا محمّد بن شاذان بن نعيم، فهو رجل من شيعتنا أهل البيت»((4)).

فورد المدح لمحمّد بن شاذان بأُسلوب الاختصاص، وهو هنا (أهلَ البيت)، وهذا الاسم هو أكثر الأسماء دخولاً في باب الاختصاص، قال سيبويه: (وأكثر الأسماء دخولاً في هذا الباب: بنو فلان، ومعشر مضافةً، وأهلَ البيت، آلُ فلان)((5))، ف- (أهلَ البيت) مفعول به منصوب علي الاختصاص بفعل محذوف وجوباً للدلالة علي المدح والتعظيم، وقد سبق بضمير المتكلِّم (من شيعتنا)، وهو الغالب.

(مررت برجلٍ كريمٍ)، أو ببيان صفة من صفات ما تعلَّق به، وهو ما يسمّي بالنعت السببي، نحو: (مررت برجلٍ كريمٍ أبوه))((1)).

وقد يخرج النعت عن معناه الأصلي إلي المدح والثناء، وذلك إذا كان الموصوف معلوماً عند المخاطَب لا يحتاج إلي توضيح، وذلك كقوله تعالي: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَي) [الأعلي: 1]، فإنَّه ليس ثَمَّة ربّ أسفل فتميّزه بكلمة الأعلي، فهو لا يحتاج إلي توضيح.

وقد ورد المدح بالنعت في التوقيعات المهدوية في مورد واحد في أحد أدعيته (عليه السلام)، إذ جاء: «اللّهمّ صلّ علي محمّد سيّد المرسلين، وخاتم النبيّين، وحجَّة ربّ العالمين، المنتخب في الميثاق، المصطفي في الظلال، المطهَّر من كلّ آفة، البريء من كلّ عيب، المؤمَّل للنجاة، المرتجي للشفاعة، المفوَّض إليه في دين الله»((2)).

جاء المدح بصفات متعدّدة في النصّ للرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله)، وذلك لأنَّ الموصوف معلوم لدي المخاطَب، فلذا جاءت الصفات للمدح، وجاءت الصفات مشتقّة، وهو الأصل في النعت، وقد ورد بعضها معطوفاً علي البعض الآخر وهو للإهتمام، فإنَّ العطف بالواو قد يؤتي به لتحقيق اجتماع الصفات في الموصوف، وهذا يتضمَّن نوعاً من التأكيد ومزيداً من التقدير((3)).

وقد يخرج النعت عن معناه الحقيقي إلي الذمّ والتحقير، وذلك إذا

ص: 216

كان الموصوف معلوماً عند المخاطَب، ولا تقصد تميّزه عن شخص آخر، نحو: أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ.

وقد ورد الذمّ بالنعت في توقيعات المهدوية في مورد واحد، وذلك عندما وردت بعض المسائل الفقهية عن الإمام (عليه السلام) فادَّعي أحد المنحرفين المعروف بالعزاقري (هو محمّد بن علي الشلمغاني) أنَّ هذه المسائل هو الذي أجاب عنها، فكتب جماعة للإمام (عليه السلام)، فخرج التوقيع منه (عليه السلام): «بسم الله الرحمن الرحيم، قد وقفنا علي هذه الرقعة، وما تضمَّنته فجميعه جوابنا، ولا مدخل للمخذول الضالّ المضلّ المعروف بالعزاقري لعنه الله في حرف منه»((1)).

جاء الذمّ من الإمام (عليه السلام) للعزاقري بعدَّة صفات (المخذول)، و(الضالّ)، و(المضلّ)، وجاءت الصفات مشتقّة، وهو الأصل بالنعت. و(المخذول) صفة ذمّ جاءت باسم المفعول، جاء في لسان العرب: (وخذل عنه يخذله وخذلاً: ترك نصرته وعونه)((2))، وهنا المخذول أي الذي لم ينصره الله تعالي. وصفة الذمّ (ضالّ) من ضلَّ الشيء يضلُّ ضلالاً: أي ضاع وهلك، ورجل ضليل ومضلّل: أي ضالّ جدَّاً، والضلال والضلالة: ضدّ الرشاد((3)).

تضمَّنته الجملة إذا كان جاهلاً به، ويسمّي هذا فائدة الخبر، وإمَّا إفادة المخاطَب أنَّ المتكلِّم عالم أيضاً بأنَّه يعلم الخبر، ويسمّي هذا لازم الفائدة.

وقد يخرج الخبر عن الغرضين السابقين إلي أغراض تستفاد بالقرائن وسياق الكلام((1))، ومنها المدح والذمّ، وقد ورد المدح بالخبر في التوقيعات المهدوية في أربعة مواضع، منها: كتب له (عليه السلام) أحد الأصحاب: من أُعامل أو عمَّن آخذ وقول من أقبل؟ فورد له: «العَمْري ثقتي، فما أدّي إليك عنّي فعنّي يؤدّي، وما قال لك فعنّي يقول، فاسْمَعْ له وأَطِعْ، فإنَّه الثقة المأمون»((2)).

جاء أُسلوب المدح بوساطة الخبر في النصّ بموردين: إحداهما بالجملة الاسمية (العمري ثقتي)، فإنَّه جاء المدح بالخبر بأنَّ العمري ثقة، جاء في العين: (وثق: وثقت بفلان، أثق به ثقةً، وأنا واثق به وهو موثوق به)((3))، وجاء في القاموس: (وثق به كوَرَثَ ، ثقةً وموثقاً: ائتمنته)((4)). والمورد الثاني ورد خبراً للناسخ (فإنَّه الثقة المأمون)، فهنا ورد المدح بالخبر (الثقة)، وأيضاً بمدح آخر و(المأمون) وهو الأمين.

وقد جاء الموردان الآخران للمدح بالخبر بهذا الأُسلوب((5)).

وقد ورد الذمّ بالخبر في التوقيعات المهدوية في أربعة مواضع، جاءت جميعها بلفظ واحد، فمنها: ما ورد عنه (عليه السلام) في بعض إجاباته:

ص: 218

«وأمَّا أبو الخطّاب محمّد بن أبي زينب الأجدع فملعون، وأصحابه ملعونون»((1)).

جاء الذمّ بالخبر في النصّ في موضعين، وهما: (ملعون) و(ملعونون)، واللعن هو الطرد والإبعاد، جاء في معجم مقاييس اللغة: ((لعن) اللام والعين والنون أصل صحيح يدلُّ علي إبعاد وإطراد، ولعن الله الشيطان: أبعده عن الخير والجنَّة)((2))، وقد ذمَّ الإمام أبا الخطّاب وأصحابه بأنَّهم ملعونون.

وقد وردت الموارد الأُخري من الذمّ بالخبر بنفس الألفاظ((3)).

* * *

ص: 219

ص: 222

ص: 224

الحمد لله ربّ العالمين باريء الخلائق أجمعين، والصلاة وأتمّ التسيلم علي محمّد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين أن وفقني لإنجاز هذا البحث، وكانت نتائجه منها عامّ يشمل أُسلوب الإنشاء، ومنها خاصّ بكلّ أُسلوب من أساليبه.

أمَّا أهمّ النتائج العامّة فهي أنَّ الأساليب الإنشائية وردت أغلبها عن الإمام (عليه السلام) في التوجيه والنصيحة والإرشاد والهداية وبيان الطريق الحقّ الموصل لله تعالي وضمان سعادة الإنسان، وهذا ما يتناسب مع مهمَّة الإمام وهي الخلافة لرسول الله (صلّي الله عليه وآله) في هداية الناس وقيادة الأُمّة نحو الصلاح والاستقامة، لأنَّه أحد الأئمّة (عليهم السلام) الذين هم عدل القرآن لقول رسول الله (صلّي الله عليه وآله): «إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، طرفه بيدي وطرفه بأيديكم، فاسألوهم ولا تسألوا غيرهم»((1)).

وأيضاً كثرة ورود أُسلوب الدعاء في الأساليب الإنشائية الأُخري، فورد في أُسلوب النداء والاستفهام والأمر والنهي.

أمَّا أهمّ النتائج الخاصّة بكلّ أُسلوب من أساليب الإنشاء في التوقيعات المهدوية فهي علي النحو الآتي:

الأُخري، إذ جاءت في عشرين موضعاً، ودخلت علي الجملة الاسمية والفعلية، مثبتة ومنفية، وهذا يناسب قول النحويين: إنَّ الهمزة أُمّ الباب.

2 _ أكثر مواضع الاستفهام خرجت إلي معانٍ مجازية، والذي جاء منها حقيقي هو ما نقله الإمام (عليه السلام) كاستفهام من غيره.

3 _ جاء الاستفهام بالأداة (أَمْ) مقترناً بالهمزة وهَلْ.

4 _ ورود الاستفهام مع الجمل المنسوخة بالهمزة و(هَلْ).

5 _ ورود الاستفهام بالحروف الثلاثة: (الهمزة)، و(هَلْ)، و(أَمْ)، والأسماء: (مَنْ)، و(ما)، و(أيّ)، و(أين)، و(كيف)، و(متي).

7 _ جاءت أفعال الأمر بصيغة (افْعَلْ) المسند إلي (واو) الجماعة كلّها تدلُّ علي المعني الحقيقي للأمر، وهو الوجوب والإلزام.

8 _ جاء الأمر بصيغة (ليفعل) كلّها للغائب، وهو الكثير عند النحاة.

9 _ ورد الأمر باسم الفعل (آمين)، وفي مورد واحد.

10 _ ورد الأمر بالجملة الخبرية كثيراً، وهي مائة وستَّة وثلاثين موضعاً، وأغلبها قد أفاد الدعاء.

11 _ صيغة (لا تفعل) أكثر موارد النهي وروداً، إذ جاءت في عشرين مورداً.

12 _ خرجت أغلب موارد النهي إلي الدعاء والإرشاد والكراهة.

13 _ جاء النهي للغائب والحاضر.

14 _ ورود النهي بلفظ الخبر كثيراً أيضاً، إذ جاء في ستَّة عشر مورداً.

15 _ ورود النهي بحرف الردع (كلَّا) في موضع واحد.

16 _ ورود الدعاء بصيغة الخطاب المباشر وغير المباشر.

17 _ أكثر وروداً الدعاء بالأُسلوب المباشر وبالجملة الفعلية الطلبية (افْعَلْ)، إذ ورد في مائة وثمانية وعشرين مورداً.

18 _ أكثر الأساليب الإنشائية وروداً الدعاء، إذ ورد في مائتين وإحدي وتسعين موضعاً، وذلك يدلُّ علي ارتباط وتمسّك الإمام بالله تعالي وتوجّهه الدائم نحوه.

19 _ ورود الدعاء بالمصدر واسم المفعول.

ص: 227

20 _ إنَّ (حول) و(قوَّة) من (لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله) لا يجوز فيها إلَّا البناء علي الفتح كي تدلّ (لا) علي نفي العموم مراعاةً للعقيدة الإسلاميّة.

21 _ جاء الدعاء المباشر مع الجملة الاسمية والفعلية.

8 _ إنَّ أغلب مواضع النداء خرجت إلي معانٍ مجازية كالدعاء والمدح والذمّ والإنكار والتوبيخ والتعجّب.

9 _ ورد المنادي المضاف إلي ياء المتكلِّم علي ثلاث لغات: الأُولي: حذف الياء تخفيفاً، والثانية: إثبات الياء الساكنة وهي الأكثر وروداً إذ وردت في أربع وثلاثين موضعاً، والثالثة: قلب الياء ألفاً لأجل الخفَّة.

10 _ وردت (أيّ) في النداء قليلة، إذ جاءت في خمسة موارد فقط.

11 _ لم يأتِ نداء الندبة أو الاستغاثة في التوقيعات المهدوية.

فجاء بفعل المدح (نِعْمَ)، وأمَّا غير القياسي فقد ورد بالاختصاص وبالنعت والخبر.

2 _ لم يأتِ الذمّ من الإمام (عليه السلام) بالفعل (بِئْسَ).

6 _ الإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد: أبو عبد الله بن محمّد بن النعمان المفيد (ت 413ه-)/ تحقيق مؤسّسة آل البيت لتحقيق التراث/ دار المفيد للطباعة والنشر/ د ط ب ت.

7 _ الأساليب الإنشائية في النحو العربي: عبد السلام محمّد هارون/ دار الجيل/ بيروت/ ط2/ (1399ه-/ 1979م).

8 _ أساليب التأكيد في اللغة العربية: إلياس ديب/ دار الفكر العربي/ بيروت/ لبنان/ 1993م.

9 _ أساليب الطلب عند النحويين والبلاغيين: قيس الأوسي/ بيت الحكمة/ بغداد/ 1988م.

10 _ أساليب القَسَم في اللغة العربية: كاظم فتحي الراوي/ مط الجامعة/ بغداد/ ط1/ (1397ه-/ 1977م).

11 _ الاستبصار فيما اختلف من الأخبار: شيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460ه-)/ تحقيق السيّد حسن الموسوي/ دار الكتب الإسلاميّة/ طهران/ ط4/ 1390ه-.

12 _ أسرار العربية: أبو البركات الأنباري (ت 577ه-)/ تحقيق فخر صالح قداره/ دار الجيل/ بيروت/ ط1/ (1415ه-/ 1995م).

13 _ الأشباه والنظائر في النحو: جلال الدين السيوطي/ راجعه وقدَّم له فايز ترحيني/ دار الكتاب العربي/ بيروت/ لبنان/ ط1/ 1984م.

14 _ أُصول الفقه: العلَّامة محمّد رضا المظفَّر/ انتشارات إسماعيليان/ إيران/ قم/ ط11/ 1424ه-.

15 _ الأُصول في النحو: ابن السرّاج (ت 316ه-)/ تحقيق عبد

ص: 232

الحسين الفتلي/ مؤسّسة الرسالة/ بيروت/ لبنان/ ط4/ (1420ه-/ 1999م).

16 _ إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم: أبو عبد الله الحسين بن أحمد المعروف بابن خالويه (ت 373ه-)/ دار التربية/ بغداد/ شارع المتنبّي.

17 _ إعراب القرآن: أبو جعفر أحمد بن محمّد بن إسماعيل النحّاس (ت 338ه-)/ تحقيق زهير غازي زاهد/ عالم الكتب/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1426ه-/ 2005م).

18 _ إعراب القرآن المنسوب إلي الزجّاج: أبو إسحاق إبراهيم بن سري بن سهل النحوي (ت 311ه-)/ تحقيق إبراهيم الأبياري/ مط إسماعيليان/ قم/ إيران/ ط3/ 1416ه-.

19 _ الأعلام: خير الدين الزركلي (ت 1410ه-)/ دار العلم للملايين/ بيروت/ لبنان/ ط5/ 1980م.

20 _ إعلام الوري بأعلام الهدي: أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي/ تحقيق مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث/ مطبعة ستارة/ إيران/ قم/ ط1/ 1417ه-.

21 _ أعيان الشيعة: السيّد محسن الأمين العاملي (ت 1377ه-)/ تحقيق حسن الأمين/ دار التعارف للمطبوعات/ ط5/ (1420ه-/ 2000م).

22 _ إلزام الناصب في إثبات الحجَّة الغائب: الشيخ علي اليزدي (ت 1333ه-)/ مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات/ لبنان/ بيروت/ ط5/ (1404ه-/ 1984م).

ص: 233

23 _ أمالي ابن الشجري: هبة اللهِ بن علي بن محمّد بن حمزة الحسني العلوي (ت 542ه-)/ تحقيق ودراسة محمود محمّد الطناحي/ الناشر مكتبة الخانجي/ القاهرة/ ط2/ (1427ه-/ 2006م).

24 _ أمالي السهيلي في النحو واللغة والحديث والفقه: أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الأندلسي (ت 581ه-)/ تحقيق محمّد إبراهيم البنّا/ مط السعادة/ القاهرة/ ط1/ 1970م.

25 _ الإمام المهدي المنتظر نصب عينيك كأنَّك تراه: الدكتور محمّد حسين الصغير/ مؤسّسة البلاغة للطباعة والنشر/ لبنان/ بيروت/ ط1/ (1430ه-/ 2009م).

26 _ الانتصار: الشريف المرتضي (ت 436ه-)/ تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي/ مطبعة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المقدَّسة/ إيران/ قم/ ذ ط 1415ه-.

27 _ الإنصاف في مسائل الخلاف: أبو البركات الأنباري/ تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد/ دار إحياء التراث العربي/ د. ت.

28 _ الأنوار البهيّة في تاريخ الحجَّة الإلهية: الشيخ عبّاس القمّي (ت 1359ه-)/ مؤسّسة النشر الإسلامي/ قم/ إيران/ ط1/ 1417ه-.

29 _ أوضح المسالك إلي ألفية ابن مالك: ابن هشام الأنصاري (ت 761ه-)/ تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد/ دار الندوة الجديدة/ بيروت/ ط6/ 1966م.

30 _ الإيضاح في شرح المفصَّل: الشيخ ابن الحاجب النحوي/ تحقيق وتقديم موسي بنّاي العليلي/ إحياء التراث الإسلامي/ جمهورية العراق/ د. ط، د. ت.

ص: 234

31 _ الإيضاح في علوم البلاغة: الخطيب القزويني (ت 739ه-)/ شرح وتعليق محمّد عبد المنعم خفاجي/ الشركة العالمية للكتاب/ بيروت/ لبنان/ 1989م.

32 _ الإيقاظ من الهجعة: الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104ه-)/ دار الكتب العلمية/ إيران/ قم/ د. ط، د. ت.

38 _ البيان في غريب إعراب القرآن: أبو البركات ابن الأنباري/ تحقيق طه عبد الحميد طه/ مراجعة مصطفي السقّا/ د. ط، د. ت.

مركز الإمام الحسن المجتبي للتحقيق والدراسات/ مط الأميرة/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1431ه-/ 2010م).

46 _ التذييل والتكميل في شرح التسهيل: أبو حيّان الأندلسي/ تحقيق حسن هنداوي/ دار القلم/ دمشق/ (1420ه-/ 2000م).

47 _ تركيب الجملة الإنشائية في غريب الحديث: عاطف فضل/ عالم الكتب الحديث/ إربد/ الأُردن/ ط1/ (1425ه-/ 2004م).

48 _ التطوّر النحوي للغة العربية: الأستاذ برجشتراسر/ أخرجه وصحَّحه وعلَّق عليه رمضان عبد التوّاب/ مكتبة الخانجي/ القاهرة/ ط3/ (1417ه-/ 1997م).

49 _ التعريفات: السيّد الشريف أبو الحسن علي بن محمّد بن علي الحسيني الجرجاني الحنفي (ت 816ه-)/ تحقيق محمّد باسل عيون السود/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ لبنان/ ط2/ (1424ه-/ 2003م).

50 _ تفسير السمرقندي: أبو الليث السمقرندي (ت 383ه-)/ تحقيق الدكتور محمّد المطرجي/ دار الفكر/ لبنان/ بيروت/ د. ط. د. ت.

51 _ تفسير الشريف المرتضي المسمّي ب- (نفائس التأويل): جمعه لجنة من العلماء والمحقِّقين/ إشراف السيّد مجتبي أحمد الموسوي/ مؤسّسة الأعلمي/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1431ه-/ 2001م).

52 _ التفسير الصافي: الفيض الكاشاني (ت 1091ه-)/ مؤسّسة الهادي/ إيران/ قم/ ط2/ 1416ه-.

53 _ تفسير الطبري (جامع البيان في تأويل القرآن): أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1420ه-/ 1999م).

ص: 237

54 _ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب: فخر الدين محمّد بن عمر الرازي ت (606ه-)/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ لبنان/ ط2/ (2004م/ 1425ه-).

55 _ تفسير الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن محمّد الزمخشري/ وبحواشيه أربعة كتب: الأوَّل: الانتصاف للإمام أحمد بن منير الإسكندري، الثاني: الكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشّاف للحافظ ابن حجر، الثالث: حاشية الشيخ محمّد عليان المرزوقي علي تفسير الكشّاف، الرابع: مشاهد الانصاف علي شواهد الكشّاف للشيخ محمّد عليان/ رتَّبه وضبطه وصحَّحه محمَّد عبد السلام شاهين/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ لبنان/ ط4/ (1427ه-/ 2006م).

56 _ تفسير نور الثقلين: عبد علي جمعة الحويزي (ت 1112ه-)/ المطبعة العلمية/ إيران/ قم/ د. ت. د. ط.

57 _ تنبيه الطلبة علي معاني الألفية: سعيد بن سليمان الكرَّامي السِّملالي السوسي (ت 882ه-)/ تحقيق خالد بن سعود بن فارس العُصيمي/ دار التدمرية/ الرياض/ ط1/ (1429ه-/ 2008م).

58 _ تنقيح المقال في علم الرجال: عبد الله بن محمّد حسن المامقاني (ت 1351ه-)/ المطبعة المرتضوية/ النجف الأشرف/ د. ط/ 1350ه-.

59 _ تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس(ت 68ه-): جمعه محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي صاحب القاموس المحيط (ت817ه-)/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ لبنان/ ط3/ (1429ه-/ 2008م).

60 _ تهذيب الأحكام: الشيخ الطوسي (ت 460ه-)/ تحقيق السيّد حسن الموسوي/ دار الكتب الإسلاميّة/ إيران/ طهران/ ط3/ 1401ه-..

ص: 238

61 _ تهذيب المقال في تنقيح كتب الرجال: الشيخ أبي العبّاس أحمد بن علي النجاشي/ تحقيق محمّد علي الأبطحي/ مطبعة سيّد الشهداء/ إيران/ قم/ ط2/ 1417ه-.

62 _ توجيه اللمع: أحمد بن الحسين بن الخبّاز (ت 637ه-)/ تحقيق فايز زكي محمّد دياب/ دار السلام/ القاهرة/ ط2/ (1428ه-/ 2007م).

63 _ توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك: بدر الدين الحسن بن قاسم المرادي (ت 749ه-)/ تحقيق أحمد محمّد عزّوز/ المكتبة العصرية/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1426ه-/ 2005م).

70 _ الجني الداني في شرح حروف المعاني: الحسن بن قاسم المرادي/ تحقيق فخر الدين قباوة والأستاذ محمّد نديم فاضل/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1413ه-/ 1992م).

71 _ جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع: الشيخ أحمد الهاشمي/ منشورات إسماعيليان/ إيران/ قم/ ط7/ 1431ه-.

76 _ الحلل في إصلاح الخلل من كتاب الجمل: أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن السيّد البطليوسي (ت 521ه-)/ تحقيق سعيد عبد الكريم سعّودي/ دار الرشيد للنشر/ وزارة الثقافة والإعلام/ جمهورية العراق/ 1980م.

82 _ دعوي السفارة في الغيبة الكبري: الشيخ محمّد السند/ تحقيق مركز الدراسات التخصّصية في الإمام المهدي/ دار النشر بقيّة العترة/ العراق/ النجف الأشرف/ ط1/ 1429ه-.

83 _ دلائل الإمامة: أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (310ه-)/ تحقيق قسم الدراسات الإسلاميّة/ مؤسّسة البعثة/ إيران/ قم/ ط1/ 1413ه-.

88 _ رسائل المرتضي: الشريف المرتضي (ت 436ه-)/ تحقيق السيّد أحمد الحسيني/ دار القرآن الكريم/ إيران/ قم/ د. ط/ 1405ه-.

89 _ رصف المباني في شرح حروف المعاني: أحمد عبد النور المالقي (ت 703ه-)/ تحقيق أحمد محمّد الخرّاط/ دار القلم/ دمشق/ ط3/ (1423ه-/ 2002م).

90 _ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني: أبو الفضل شهاب الدين السيّد محمود الآلوسي البغدادي (ت 1270ه-)/ قابلها علي المطبوعة المنيرية وعلَّق عليها محمّد أحمد الأمد وعمر عبد السلام السلامي/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1420ه-/ 1999م).

1351ه-)/ مؤسّسة أنوار الهدي/ إيران/ قم/ ط2/ (1424ه-/ 2003م).

95 _ شرح ابن عقيل: ابن عقيل الهمداني (ت 769ه-)/ دار الغدير/ إيران/ قم/ ط3/ 1432ه-.

96 _ شرح ابن الناظم علي ألفية ابن مالك: بدر الدين محمّد بن الإمام جمال الدين محمّد بن مالك (ت 686ه-)/ تحقيق محمّد باسل عيون السود/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1420ه-/ 2000م).

97 _ شرح إحقاق الحقّ: السيّد المرعشي/ تحقيق السيّد محمود المرعشي/ منشورات مكتبة آية الله المرعشي النجفي/ إيران/ قم/ ط1/ 1415ه-.

98 _ شرح الأخبار: القاضي النعماني المغربي (ت 363ه-)/ تحقيق محمّد الحسيني الجلالي/ مطبعة مؤسّسة النشر الإسلامي/ د. ط. د. ت.

99 _ شرح التسهيل (تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد): جمال الدين محمّد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني الأندلسي (ت 672ه-)/ تحقيق محمّد عبد القادر عطا وطارق فتحي السيّد/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1422ه-/ 2001م).

100 _ شرح التسهيل/ القسم النحوي: الحسن بن قاسم المرادي/ تحقيق ودراسة محمّد عبد النبيّ محمّد أحمد عبيد/ مكتبة الإيمان/ المنصورة/ مصر/ ط1/ (1427ه-/ 2006م).

101 _ شرح التسهيل المسمّي تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد: محبّ الدين محمّد بن يوسف بن أحمد المعروف بناظر الجيش (ت 778ه-)/ دراسة

ص: 244

وتحقيق علي محمّد فاخر، وجابر محمّد البرّاجة، وإبراهيم جمعة العجمي، وجابر السيّد مبارك، وعلي السنوسي محمّد، ومحمّد راغب نزّال/ دار السلام/ القاهرة/ ط1/ (1428ه-/ 2007م).

102 _ شرح التصريح علي التوضيح: الشيخ خالد بن عبد الله الأزهري (ت 905ه-)/ وبهامشه حاشية الشيخ يس بن زين الدين العليمي الحمصي/ راجعه إسماعيل عبد الجواد عبد الغني/ حقَّقه وشرح شواهده أحمد السيّد سيّد أحمد/ المكتبة التوفيقية/ القاهرة/ د. ط، د. ت.

103 _ شرح جمل الزجَّاجي (الشرح الكبير): ابن عصفور الإشبيلي (ت 669ه-)/ تحقيق صاحب أبو جناح/ عالم الكتب/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1419ه-/ 1999م).

104 _ شرح الجمل في النحو: عبد القاهر الجرجاني/ تحقيق ودراسة خليل عبد القادر عيسي/ دار ابن حزم/ بيروت/ لبنان/ ط10/ (1432ه-/ 2011م).

105 _ شرح الدماميني علي مغني اللبيب: محمّد بن أبي بكر الدماميني (ت 828ه-)/ صحَّحه وعلَّق عليه أحمد عزو عناية/ مؤسّسة التاريخ العربي/ لبنان/ بيروت/ ط1/ (1428ه-/ 2007م).

106 _ شرح الرضي علي الكافية: محمّد بن الحسن الرضي الأسترآبادي (ت 686ه-)/ تصحيح وتعليق يوسف حسن عمر/ مؤسّسة الصادق/ طهران/ ط2/ 1384ه-.

107 _ شرح شافية ابن حاجب المسمّي بشرح النظّام: الحسن بن محمّد النيسابوري من أعلام القرن التاسع الهجري/ إخراج وتعليق علي الشملاوي/ منشورات مكتبة الغريري/ إيران/ قم/ ط6/ 1427ه-..

ص: 245

108 _ شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب: محمّد بن عبد المنعم الجوجري (ت 889ه-)/ دراسة وتحقيق نوّاف بن جزاء الحارثي/ مكتبة الملك فهد/ السعودية/ ط2/ (1429ه-/ 2008م).

109 _ شرح قطر الندي وبلّ الصدي: ابن هشام الأنصاري/ تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد/ ذوي القربي/ قم/ ط3/ 1426ه-.

110 _ شرح قواعد الإعراب لابن هشام: محمّد بن مصطفي القوجوي (ت 950ه-)/ دراسة وتحقيق إسماعيل إسماعيل مَروة/ دار الفكر/ دمشق/ ط3/ (1429ه-/ 2008م).

111 _ شرح كافية ابن الحاجب: يعقوب بن أحمد بن حاجي عوض (ت 845ه-)/ تحقيق ودراسة سعد محمّد عبد الرزّاق/ مراجعة علي المتولّي الأشرم/ مكتبة الإيمان/ مصر المنصورة/ د. ط.

112 _ شرح الكافية الشافية: جمال الدين بن محمّد بن مالك بن عبد الله الطائي/ تحقيق أحمد بن يوسف القادري/ دار صادر/ بيروت/ ط1/ (1427ه-/ 2006م).

113 _ شرح اللمع في النحو: أبو الحسن علي بن الحسين الباقولي الأصبهاني المعروف بجامع العلوم (ت 543ه-)/ دراسة وتحقيق محمّد خليل مراد الحربي/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1428ه-/ 2007م).

114 _ شرح المفصَّل: موفّق الدين يعيش بن علي بن يعيش (ت 643ه-)/ تحقيق أحمد السيّد سيّد أحمد/ راجعه إسماعيل عبد الجواد عبد الغني/ المكتبة التوفيقية/ القاهرة/ مصر/ د. ت.

ص: 246

115 _ شرح ملحَّة الإعراب: أبو محمّد القاسم بن علي بن محمّد الحريري البصري (ت 516ه-)/ تحقيق وتعليق بركات يوسف هبّود/ المكتبة العصرية/ صيدا/ بيروت/ (1426ه-/ 2005م).

116 _ شرح نهج البلاغة: عزّ الدين أبو حامد المدائني ابن أبي الحديد (ت 656ه-)/ تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم/ مؤسّسة دار إحياء الكتب العربية/ عيسي البابي الحلبي وشركاؤه/ ط1/ (1378ه-/ 1959م).

117 _ الشرط والاستفهام في النحو العربي: سمير شريف/ 2000م/ د. م. ط.

122 _ الصواعق المحرقة في الردّ علي أهل البدع والزندقة: أحمد بن حجر المكّي الهيثي (ت 974ه-)/ تحقيق عبد الوهّاب عبد اللطيف/ دار الطباعة المحمّدية/ مصر/ القاهرة/ ط2/ 1385ه-.

136 _ الفصول المهمّة في أُصول الأئمّة: محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104ه-)/ تحقيق محمّد بن محمّد حسين القائيني/ مطبعة نگين/ مؤسّسة المعارف الإسلامي/ إيران/ قم/ ط 1/ 1418ه-.

137 _ فلاح السائل ونجاح المسائل في عمل اليوم والليلة: السيّد ابن طاووس أبو القاسم علي بن موسي بن جعفر/ مركز انتشارات وتبلغيات إسلامي/ إيران/ قم/ ط1/ 1419ه-.

138 _ في النحو العربي (قواعد وتطبيق) علي المنهج العلمي الحديث: الدكتور مهدي المخزومي/ مطبعة البابي/ مصر/ ط1/ 1966م.

139 _ في النحو العربي (نقد وتوجيه): مهدي المخزومي/ المكتبه العصرية/ صيدا/ بيروت/ 1964م.

143 _ الكافي في علوم البلاغة العربية: الدكتور عيسي علي عاكوب وعلي سعد الشتوي/ منشورات الجامعة المفتوحة/ د. ط/ 1993م.

144 _ الكتاب: سيبويه أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر (ت 180ه-)/ تحقيق وشرح عبد السلام محمّد هارون/ مكتبة الخانجي/ القاهرة/ ط3/ (1408ه-/ 1988م).

145 _ كتاب سليم بن قيس الهلالي: سليم بن قيس الكوفي الهلالي العامري (ت 90ه-)/ تحقيق محمّد باقر الأنصاري/ دار الفنون/ بيروت.

146 _ كتاب العين: الخليل بن أحمد الفراهيدي/ تحقيق مهدي المخزومي، وإبراهيم السامرائي/ تصحيح الأُستاذ أسعد الطيّب/ مط أُسوة/ طهران/ ط2/ 1425ه-.

147 _ كتاب الفتوح: أحمد بن أعثم الكوفي (ت 314ه-)/ تحقيق علي شيري/ دار الأضواء للطباعة والنشر/ لبنان/ بيروت/ ط1/ 1411ه-.

148 _ كشّاف اصطلاحات الفنون: الشيخ محمّد بن علي التهانوي الحنفي (ت 1158ه-)/ وضع حواشيه أحمد حسن بسج/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ ط1/ 1998م.

149 _ كشف المشكل في النحو: علي بن سليمان الحيدرة اليمني (ت 599ه-)/ تحقيق هادي عطيّة مطر الهلالي/ دار عمّار/ عمّان/ ط1/ (1423ه-/ 2002م).

150 _ كشف المشكلات وإيضاح المعضلات: جامع العلوم أبو

ص: 251

الحسن علي بن الحسين الأصفهاني الباقولي/ تحقيق محمّد أحمد الدالي/ مط الصباح/ دمشق/ ط1/ (1415ه-/ 1995م).

151 _ الكلّيات (معجم في المصطلحات والفروق اللغوية): أبو البقاء أيّوب بن موسي الكفوي (ت 1094ه-)/ ترتيب عدنان درويش، ومحمّد المصري/ مؤسّسة الرسالة/ بيروت/ ط4/ (1403ه-/ 1998م).

152 _ كمال الدين وتمام النعمة: أبو جعفر محمّد بن علي بن موسي الصدوق (ت 381ه-)/ تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري/ مؤسّسة النشر الإسلامي/ إيران/ قم/ د. ط/ 1405ه-.

153 _ الكني والألقاب: الشيخ عبّاس القمّي (ت 1359ه-)/ مطبعة العرفان/ لبنان/ صيدا/ د. ط/ 1385ه-.

154 _ كنز العمّال في سنن الأفعال والأقوال: علاء الدين علي المتَّقي بن حسام الدين الهندي (ت 975ه-)/ ضبطه بكري حيّاني، وصفوت السقّا/ مؤسّسة الرسالة/ بيروت/ ط5/ 1985م.

158 _ لسان الميزان: العسقلاني (ت 852ه-)/ مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية/ حيدر آباد الدكن/ الهند/ ط1/ 1330ه-.

159 _ اللمع في العربية: أبو الفتح عثمان بن جنّي/ تحقيق حامد المؤمن/ عالم الكتب/ بيروت/ ط2/ (1405ه-/ 1985م).

166 _ مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو: مهدي المخزومي/ مط مصطفي البابي الحلبي/ مصر/ ط2/ 1958م.

167 _ المرتجل: ابن الخشّاب (ت 567ه-)/ تحقيق علي حيدر/ دمشق/ 1972م.

168 _ مراقد المعارف: الشيخ محمّد حرز الدين/ تحقيق محمّد حسين حرز الدين/ مطبعة الآداب/ النجف الأشرف/ ط1/ (1389ه-/ 1969م).

169 _ المسائل الحلبيات: أبو علي الفارسي/ تقديم وتحقيق حسن هنداوي/ دار القلم/ دمشق/ سورية/ ط1/ (1407ه-/ 1987م).

170 _ المسائل الشيرازيات: أبو علي الفارسي/ تحقيق حسن هنداوي/ كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع/ الرياض/ ط1/ (1424ه-/ 2004م).

171 _ المسائل العشر في الغيبة: أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد (ت 413ه-)/ تحقيق فارس تبرزيان الحسّون/ مركز الإيمان العقائدية/ د. ط. د. ت.

172 _ المسائل المنثورة: أبو علي الفارسي/ تحقيق وتعليق شريف عبد الكريم النجّار/ دار عمّار/ الأُردن/ عمّان/ ط1/ (1424ه-/ 2004م).

173 _ المستجاد من كتاب الإرشاد: العلَّامة الحسن بن المطهّر الحلّي (ت 726ه-)/ منشورات مكتبة آية الله المرعشي النجفي/ قم/ إيران.

174 _ المستدرك علي الصحيحين في الحديث: الحاكم النيسابوري (ت 405ه-)/ تحقيق يوسف عبد الرحمن المرعشي/ دار الفكر/ لبنان/ بيروت.

175 _ مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل: الميرزا محمّد حسين

ص: 254

الطبرسي النوري (ت 1320ه-)/ تحقيق مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث.

176 _ المصباح: تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسين بن محمّد العاملي الكفعمي (ت900ه-)/ منشورات مؤسّسة الأعلمي/ بيروت/ ط1/ 1414ه-.

177 _ مصباح المتهجّد وسلاح المتعبّد: أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460ه-)/ مؤسّسة فقه الشيعة/ لبنان/ بيروت/ ط1/ 1411ه-.

178 _ مصطفي المقال في مصنّفي علم الرجال: محمّد حسن الطهراني (أغا بزرك) (ت 1389ه-)/ تحقيق أحمد منزوي/ طبع إيران/ ط1/ (1387ه-/ 1959م).

179 _ المطوَّل (شرح تلخيص المفتاح): سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت 792ه-)/ ومعه حاشية السيّد الشريف الجرجاني (ت 816ه-)/ صحَّحه وعلَّق عليه أحمد عزو عناية/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت/ لبنان/ ط1/ د.ت.

180 _ معادن الحكمة في مكاتيب الأئمّة: علم الهدي محمّد بن المحسن بن المرتضي الكاشاني (ت 1115ه-)/ مؤسّسة النشر الإسلامي/ إيران/ قم/ 1407ه-.

181 _ معالم المدرستين: السيّد المرتضي العسكري/ مؤسّسة النعمان للطباعة والنشر والتوزيع/ بيروت/ لبنان/ د. ط/ (1410ه-/ 1990م).

182 _ معاني الأخبار: أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن

ص: 255

بابويه القمّي المعروف بالصدوق/ تحقيق علي أكبر الغفاري/ مؤسّسة الأعلمي/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1410ه-/ 1990م).

183 _ معاني الحروف: أبو الحسن علي بن عيسي الرمّاني (ت 384 ه-)/ تحقيق عبد الفتّاح إسماعيل شبلي/ دار مكتبة الهلال/ لبنان/ بيروت/ 2008م.

184 _ معاني القرآن: أبو زكريا يحيي بن زياد الفرّاء (ت 207ه-)/ تحقيق أحمد يوسف نجاتي، ومحمّد علي النجّار/ دار السرور/ د. ت.

185 _ معاني القرآن: سعيد بن مسعدة الأخفش (ت 215ه-)/ تحقيق عبد الأمير محمّد أمين الورد/ دار الفكر/ دمشق/ 1980م.

186 _ معاني القرآن وإعرابه: أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجّاج (ت 311ه-)/ تحقيق عبد الجليل عبده شلبي/ خرَّج أحاديثه الأُستاذ علي جمال الدين محمّد/ دار الحديث/ القاهرة/ (1426ه-/ 2005م).

187 _ معاني النحو: الدكتور فاضل صالح السامرائي/ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع/ عمان/ الأُردن/ ط1/ (1420ه-/ 2000م).

188 _ معترك الأقران في إعجاز القرآن: جلال الدين السيوطي/ ضبطه وصحَّحه وكتب فهارسه أحمد شمس الدين/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ لبنان/ ط1/(1408ه-/ 1988م).

189 _ معجم أحاديث الإمام المهدي: الهيئة العلمية في مؤسّسة المعارف العلمية/ الشيخ علي الكوراني/ مؤسّسة المعارف اللإسلاميّة/ إيران/ قم/ ط2/ 1428ه-..

ص: 256

190 _ معجم ألفاظ الفقه الجعفري: الدكتور أحمد فتح الله/ طبع بمطابع المدخول/ الدوام/ ط1/ (1415ه-/ 1995م).

191 _ معجم الفروق اللغوية (الحاوي لكتاب أبي هلال العسكري وجزءاً من كتاب السيّد نور الدين الجزائري): تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي/ إيران/ قم/ ط3/ 1426ه-.

192 _ معجم مقاييس اللغة: أبو الحسين أحمد بن فارس زكريا/ تحقيق عبد السلام محمّد هارون/ مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي/ إيران/ قم/ 1404ه-.

193 _ مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ابن هشام الأنصاري/ تحقيق مازن المبارك، ومحمّد علي حمد الله/ راجعه سعيد الأفغاني/ مؤسّسة الصادق/ طهران/ ط1/ 1378ه-.

194 _ مفاتيح الجنان: الشيخ عبّاس القمّي/ الأميره للطباعة والنشر والتوزيع/ لبنان/ بيروت/ ط2/ (1432ه-/ 2011م).

195 _ مفاهيم القرآن: الفقيه المحقّق الشيخ جعفر السجاني/ مؤسّسة الإمام الصادق/ إيران/ قم/ ط2/ 1426ه-.

196 _ مفتاح العلوم: يوسف بن محمّد بن علي السكّاكي (ت 626ه-)/ تحقيق عبد الحميد هنداوي/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1420ه-/ 2000م).

197 _ المفصَّل في علم العربية: أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري/ دراسة وتحقيق فخر صالح قدارة/ دار عمّار/ ط1/ (1425ه-/ 2004م).

198 _ المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية: أبو إسحاق

ص: 257

إبراهيم بن موسي الشاطبي (ت 790ه-)/ تحقيق مجموعة من الأساتيذ/ مكتبة الملك فهد/ مكّة المكرَّمة/ ط1/ (1428ه-/ 2007م).

199 _ المقتصد في شرح الإيضاح: عبد القاهر الجرجاني/ تحقيق كاظم بحر المرجان/ دار الرشيد للنشر/ جمهورية العراق/ 1982م.

200 _ المقتضب: أبو العبّاس محمّد بن يزيد المبرّد/ تحقيق محمّد عبد الخالق عضيمة/ عالم الكتب/ بيروت/ لبنان/ (1431ه-/ 2010م).

201 _ المقرَّب: علي بن مؤمن المعروف بابن عصفور/ تحقيق أحمد عبد الستّار الجواري، وعبد الله الجبوري/ مط العاني/ بغداد/ د. ت.

202 _ مكاتيب الرسول: الشيخ علي الأحمدي الميانجي/ دار الحديث/ ط1/ (1419ه-/ 1998م).

203 _ منتجب الأثر في الإمام الثاني عشر: لطف الله الصافي/ مكتبة الصدر/ طهران.

204 _ منتجب الأنوار المضيئة في ذكر القائم الحجَّة (عليه السلام): السيّد بهاء الدين علي عبد الكريم بن عبد الحميد النيلي النجفي/ مؤسّسة الإمام الهادي (عليه السلام)/ إيران/ قم/ ط1/ 1420ه-.

205 _ المنطق: الشيخ محمّد رضا المظفَّر/ مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين/ إيران/ قم/ د. ط، د. ت.

206 _ من لا يحضره الفقيه: الشيخ الصدوق محمّد بن علي القمّي (ت 381ه-)/ منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية/ إيران/ قم.

ص: 258

207 _ منهاج الصالحين (العبادات): السيّد علي السيستاني/ دار المؤرّخ العربي/ بيروت/ لبنان/ ط4/ (1425ه-/ 2004م).

208 _ منهاج الصالحين (المعاملات): السيّد أبو القاسم الخوئي/ مؤسّسة إحياء آثار الإمام الخوئي/ العراق/ النجف الأشرف/ ط32/ (1424ه-/ 2004م).

209 _ المنهاج في شرح جمل الزجّاجي: يحيي بن حمزة العلوي/ دراسة وتحقيق هادي عبد الله ناجي/ إشراف حاتم صالح الضامن/ مكتبة الرشيد/ الرياض/ ط1/ (1430ه-/ 2009م).

210 _ مهج الدعوات ومنهج العبادات: رضي الدين أبو القاسم علي بن موسي بن جعفر بن طاووس الحسيني (ت 664ه-)/ مؤسّسة الأعلمي/ بيروت/ ط1/ 1414ه-.

211 _ الميزان في تفسير القرآن: العلَّامة السيّد محمّد حسين الطباطبائي/ صحَّحه الشيخ حسين الأعلمي/ منشورات مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1417ه-/ 1997م).

(ن)

212 _ النجم الثاقب في أحوال الإمام الحجَّة الغائب: الميرزا محمّد حسين الطبرسي النوري/ تحقيق السيّد ياسين الموسوي/ مطبعة مهر/ إيران/ قم المقدَّسة/ ط1/ 1415ه-.

213 _ نحو المعاني: أحمد عبد الستار الجواري/ مطبعة المجمع العلمي العراقي/ 1987م.

214 _ النحو الوافي: عبّاس حسن/ مكتبة المحمّدي/ بيروت/ لبنان/ ط1/ (1428ه-/ 2007م).

ص: 259

215 _ نفحات القرآن: آية الله العظمي الشيخ مكارم الشيرازي/ انتشارات مدرسة الإمام علي/ إيران/ قم/ ط1/ 1426ه-.

216 _ نهاية الأفكار: آقا ضياء الدين العراقي/ مؤسّسة النشر الإسلامي/ إيران/ قم/ د. ط/ 1405ه-.

217 _ نهج البلاغة: (وهو مجموع ما اختاره الشريف أبو الحسن محمّد الرضي بن الحسن الموسوي من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام))/ ضبط نصَّه وابتكر فهارسه العلمية صبحي الصالح/ مط الوفا/ قم/ ط3/ 1429ه-.

222 _ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: شمس الدين أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن أبي بكر (ابن خلّكان) (ت 681ه-)/ تحقيق إحسان عبّاس/ دار الثقافة/ لبنان/ بيروت/ د. ط، د. ت.

ص: 262

الاستفهام لغةً-----39

ب) الاستفهام اصطلاحاً-----40

الاستفهام وموقعه في الجملة-----41

المستفهَم عنه-----43

الأوَّل: الاستفهام عن النسبة-----44

الثاني: الاستفهام عن المفرد-----44

أدوات الاستفهام-----46

الأصل في أدوات الاستفهام-----47

الأُسلوب الأوَّل: الاستفهام بالأحرف-----50

أوَّلاً: الاستفهام بالهمزة-----50

1 _ الاستفهام بالهمزة الداخلة علي الجملة الاسمية-----50

2 _ الاستفهام بالهمزة الداخلة علي الجملة المنسوخة-----52

أ) الاستفهام بالهمزة مع الجملة المنسوخة المثبتة-----52

ب) الاستفهام بالهمزة مع الجملة المنسوخة المنفية-----54

3 _ الهمزة الداخلة علي الجملة الفعلية-----56

القسم الأوَّل: الهمزة الداخلة علي الجملة الفعلية المثبتة-----56

القسم الثاني: الهمزة الداخلة علي الجملة الفعلية المنفية-----57

حذف همزة الاستفهام-----62

ثانياً: الاستفهام بالأداة (هَلْ)-----64

الأداة (هَلْ) في التوقيعات المهدوية-----66

1 _ (هَلْ) مع الجملة الاسمية-----67

2 _ (هَلْ) مع الجملة الفعلية-----69

ص: 264

ثالثاً: الاستفهام ب- (أَمْ)-----71

الأُسلوب الثاني: الاستفهام بالأسماء-----71

القسم الأوَّل: الاستفهام بالأسماء غير الظروف-----71

أوَّلاً: الاستفهام ب- (مَنْ)-----71

ثانياً: الاستفهام ب- (ما)-----74

ثالثاً: الاستفهام ب- (أيّ)-----77

القسم الثاني: الاستفهام بالأسماء الظروف-----79

أوَّلاً: الاستفهامُ ب- (أين)-----79

ثانياً: الاستفهام ب- (كيف)-----80

ثالثاً: الاستفهام ب- (متي)-----82

الفصل الثاني: أساليب الأمر والنهي والدعاء-----83

توطئة-----85

أُسلوب الأمر-----86

مفهوم الأمر لغةً واصطلاحاً-----86

أ) الأمر لغةً-----86

ب) الأمر اصطلاحاً-----86

صيغ الأمر-----88

أوَّلاً: الأمر بصيغة (افْعَلْ)-----88

1 _ فعل الأمر المسند إلي ضمير المفرد المخاطب-----91

2 _ فعل الأمر المسند إلي (ألف الاثنين)-----95

3 _ فعل الأمر المسند إلي (واو الجماعة)-----96

ثانياً: الأمر بصيغة (لِيَفْعَلْ)-----98

ص: 265

ثالثاً: الأمر باسم الفعل-----101

رابعاً: الأمر بصيغة الخبر-----104

أُسلوب النهي-----108

مفهوم النهي لغةً واصطلاحاً-----108

أ) النهي لغةً-----108

ب) النهي اصطلاحاً-----108

أوَّلاً: النهي ب- (لا) الناهية-----109

1 _ (لا) الناهية مع فعل المخاطب-----109

أ) صيغة (لا تفعل)-----109

ب) صيغة (لا تفعلوا)-----111

2 _ (لا) الناهية مع فعل الغائب-----112

أ) صيغة (لا يفعل)-----112

ثانياً: النهي بلفظ الخبر-----113

ثالثاً: النهي بحرف الرّدع (كلَّا)-----115

أُسلوب الدعاء-----117

مفهوم الدعاء لغةً واصطلاحاً-----117

أ) الدعاء لغةً-----117

ب) الدعاء اصطلاحاً-----117

القسم الأوَّل: الدعاء بالجملة الاسمية-----119

1 _ الجملة الاسمية المطلقة-----119

2 _ الدعاء بالجملة الاسمية المقيَّدة-----120

القسم الثاني: الدعاء بالجملة الفعلية-----121

ص: 266

1 _ الدعاء بالجملة الفعلية الطلبية-----121

أ) الدعاء بصيغة الأمر-----121

ب) الدعاء بصيغة الأمر (لتفعل) اللام الداخلة علي الفعل المضارع-----124

ت) الدعاء بصيغة النهي-----125

ث) الدعاء بأُسلوبِ الاستفهام-----126

القسم الثاني: الدعاء بالجملة الفعلية الخبرية-----127

القسم الثالث: الدعاء بالمصدر-----128

أ) المصادر التي لها فعل من لفظها-----128

ب) المصادر التي ليس لها فعل من لفظها-----129

القسم الرابع: الدعاء باسم الفعل-----129

أ) مرتجل-----129

ب) منقول عن غيره-----129

ت) قياسي-----130

القسم الخامس: الدعاء باسم المفعول-----130

الفصل الثالث: أُسلوب النداء-----133

النداء لغةً واصطلاحاً-----135

النداء لغةً-----135

النداء اصطلاحاً-----135

أدوات النداء-----136

أداة النداء (يا)-----137

المنادي وعامل النصب فيه-----139

أقسام المنادي-----142

ص: 267

أوَّلاً: المنادي المبني-----142

1 _ نداء العَلَم-----143

2 _ نداء النكرة المقصودة-----147

3 _ نداء لفظ الجلاله (الله)-----151

الحكم في وصف (اللّهمّ)-----157

4 _ نداء الاسم الموصول واسم الإشارة-----159

أ) الاسم الموصول-----159

ب) نداء اسم الإشارة-----162

5 _ نداء المفرد العَلَم الموصوف ب- (ابن)-----164

ثانياً: المنادي المعرب-----167

1 _ نداء المضاف-----167

أ) الإضافة المحضة (المعنوية)-----169

ب) الإضافة غير المحضة (اللفظية)-----169

أ) نداء المضاف المبدوء بصفات الله تعالي-----169

1 _ المنادي بصفة (ربّ)-----169

2 _ نداء صفات الله بصيغه اسم الفاعل-----171

3 _ نداء صفات الله بصيغ المبالغة-----172

4 _ نداء صفات الله بصيغة اسم التفضيل-----172

5 _ نداء صفات الله ب- (ذو) التي بمعني صاحب-----174

ب) نداء المضاف المبدوء بصفات الإمام (عليه السلام)-----175

ت) نداء المضاف المبدوء ب- (أب)-----176

ث) نداء المضاف المبدوء ب- (ابن)-----177

ص: 268

ج) نداء المضاف إلي (يا) المتكلِّم-----177

2 _ نداء الشبيه بالمضاف-----182

3 _ نداء النكرة غير المقصودة-----183

استعمال (أيّ) في النداء-----184

الفصل الرابع: الأساليب الإنشائية غير الطلبية-----189

توطئة-----191

المبحث الأوَّل: أُسلوب القَسَم-----194

مفهوم القَسَم لغةً واصطلاحاً-----194

أ) القَسَم لغةً-----194

ب) القَسَم اصطلاحاً-----195

أوّلاً: جملة القَسَم-----195

حروف القَسَم-----196

حرف الباء-----197

حرف الواو-----198

المقسَم به-----198

ثانياً: جواب القَسَم-----199

جملة القَسَم الفعلية-----200

القسم الأوَّل: جملة القسم التي فعلها صريح بالقَسَم-----200

1 _ جملة جواب القَسَم التي فعلها ماضٍ-----201

2 _ جملة جواب القَسَم التي فعلها مضارع-----202

القسم الثاني: جملة القَسَم التي فعلها غير صريح بالقَسَم-----203

الضرب الأوَّل: ما يقسَم به في الخبر-----203

ص: 269

الضرب الثاني: ما يقسَم به في الطلب-----204

المبحث الثاني: أُسلوب المدح والذمّ-----207

مفهوم المدح والذمّ لغةً واصطلاحاً-----207

1 _ المدح لغةً-----207

2 _ الذمّ لغةً-----207

3 _ المدح اصطلاحاً-----207

4 _ الذمّ اصطلاحاً-----208

أساليب المدح والذمّ وألفاظه-----208

أوَّلاً: المدح والذمّ القياسيان-----208

1 _ فعل المدح والذمّ-----208

2 _ فاعل (نِعْمَ وبِئْسَ)-----210

3 _ المخصوص بالمدح والذمّ-----211

ثانياً: المدح والذمّ غير القياسيين-----214

1 _ المدح بأُسلوب الاختصاص-----214

2 _ المدح والذمّ بالنعت-----215

3 _ المدح والذمّ بالخبر-----217

المبحث الثالث: أُسلوب التعجّب-----220

مفهوم التعجّب لغةً واصطلاحاً-----220

1 _ التعجّب لغةً-----220

2 _ التعجّب اصطلاحاً-----220

أساليب التعجّب-----221

1 _ التعجّب القياسي-----221

ص: 270

2 _ التعجّب السماعي-----221

الخاتمة-----223

أُسلوب الاستفهام-----225

أُسلوب الأمر والنهي والدعاء-----226

أُسلوب النداء-----228

أُسلوب العرض والتحضيض والتمنّي والترجّي-----229

أساليب الإنشاء غير الطلبي-----229

أُسلوب القَسَم-----229

أُسلوب المدح والذمّ-----229

أُسلوب التعجّب-----230

المصادر والمراجع-----231

فهرست الموضوعات-----263

* * *

ص: 271